+A
A-

نجم: الراحل خليفة بن سلمان ودوره في الحراك الثقافي والفني

عندما نستذكر مسيرة رجل بحجم صاحب السمو الملكي الأمير الراحل خليفة بن سلمان آل خليفة (طيب الله ثراه) فإننا نقف عند محطات مهمة ومشرقة من مسيرته ساهمت في تحويل البحرين إلى بلد مهم على خريطة العالم سواء في جانبها الاقتصادي، التنموي، السياسي، أو الاجتماعي؛ لما لعبه من دور بارز ومفصلي في رسم توجهات الدولة على مختلف المسارات بدءًا من مرحلة ما قبل الاستقلال ثم الانطلاقة التنموية الكبيرة منذ بداية السبعينات من القرن الماضي عندما حصلت البحرين على استقلالها.
لقد كان سموه رجل دولة في مختلف مواقفه واهتماماته وقراراته التي كانت تستهدف المواطن البحريني، وهو القوة البشرية التي راهن عليها سموه وكسب رهانها، وتطلع إلى مستقبل زاهر للبحرين وقد تحقق ذلك. 
وإلى جانب اهتمامات سموه المتعددة المجالات هناك مجال مهم حرص سموه طوال حياته على الاهتمام به ورعايته، بالرغم من كثرة مسؤولياته والتزاماته الرسمية، وهو اهتمامه بالثقافة والفنون. فقد كان سموه راعيا للثقافة والفنون داعما لهما وحريصا على رعاية الأدباء والمفكرين والاحتفاء بهم وتكريمهم في مختلف المناسبات والالتقاء بهم وبضيوف البحرين، فقد كان سموه راعيا مستمرا لمعرض البحرين الدولي للكتاب، وداعما للمؤتمرات الأدبية التي نظمتها أسرة الأدباء والكتاب مثل المؤتمر العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب وحفل تكريم الشيخ عيسى بن راشد (رحمه الله) وغيره من المناسبات، فنكون جميعا في مجلسه العامر، حيث تدور الأحاديث التي تعكس اهتمام سموه ومتابعته لكل ما يتعلق بالثقافة والأدب، ويبهر حديثه الثري ضيوف البلاد.
كانت لي مع سموه لقاءات متعددة سواء مع وفد أسرة الأدباء والكتاب أو مع وفد مسرح أوال، فقد كان سموه يحرص على دعم هاتين المؤسستين ماديا ومعنويا ويتابع نشاطهما ويحرص في توجيهاته الكريمة على الارتقاء بالأدب والمسرح، فكلاهما يعتبرهما سموه رافدا للتنمية المستدامة ووسيلة لتعزيز الهوية الوطنية وجسرا لتعريف الشعوب بالمملكة ومكتسباتها الحضارية، حيث التفت سموه إلى هذا الجانب مبكرا عبر اهتمامه بالحركة الفنية والتشكيلية في البحرين ودعمه ورعايته المستمرة لمعرض البحرين السنوي للفنون التشكيلية، الذي يشارك فيه أفضل رواد الفن التشكيلي في البحرين والمواهب الشابة الواعدة، منذ 1972 حتى عام رحيله 2020.
لقد شهدت مملكة البحرين في سنوات ترؤس سموه للحكومة على مدى خمسة عقود نهضة ثقافية شاملة لفتت إليها أنظار العالم، وتبوأت مكانة عالية على المستوى الخليجي والعربي والعالمي، بفضل دعم سموه وإيمانه بدور الثقافة كقوة ناعمة في تحقيق مشروعات حضارية واستقطاب شخصيات وهيئات ومنظمات عالمية مثل هيئة الأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو، حيث ساهمت شخصيته الملهمة في الحصول على الكثير من المساعدات والاستشارات العالمية التي عززت تطوير البنى الثقافية والفنية، وجعلت البحرين مركزًا عالميًا للثقافة والتراث الإنساني.
رحم الله سموه رحمة واسعة.. وجزاه الله خير الجزاء عن كل ما قدمه للبحرين من جهود مضنية وأفكار ومشروعات تطويرية طوال حياته لنهضة الوطن وتنميته، وإسعاد الناس ودعم الثقافة والفنون.