غاب بالجسد لكن أعماله خالدة لا تفنى
فعاليات لـ “البلاد”: اسم الأمير خليفة بن سلمان سيبقى منحوتًا في التاريخ
المغفور له أسس أسلوبا فريدا في العمل المؤسسي
عزز الموروث الثقافي الثري للبحرين على اختلاف مناطقها
أعرب عدد من الفعاليات الوطنية عن عظيم حزنهم وألمهم بمرور الذكرى الأولى على فقيد الوطن الكبير صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، واصفين رحيل سموه بالمصاب الجلل وبالغياب الموجع، الذي لا يزال مؤثرا في قلوب الجميع.
سياسات متزنة
فمن جهته، أكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس النواب محمد السيسي البوعينين الإسهامات الكبيرة لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رحمه الله وطيب ثراه في تعزيز مكانة الدبلوماسية البحرينية، بسياسات متزنة، لا تتدخل في شؤون الغير، ولا تسمح للغير بالتدخل في شؤونها وفق مواقف متوازنة.
وقال البوعينين لـ “البلاد”: إن سموه رحمه الله أسهم في نهضة مملكة البحرين في كافة المحافل الإقليمية والدولية، وقد نال العديد من الإنجازات في المجال الدولي كجائزة الشرف للإنجاز المتميز في مجال التنمية الحضرية والإسكان من الأمين العام للأمم المتحدة.
وتابع قائلاً، “حظي الفقيد الراحل بتقدير واحترام دول العالم والمنظمات الدولية من خلال مساهمته الإقليمية والدولية في تعزيز الأمن والاستقرار والتسامح والتعايش بين مختلف الثقافات والأديان، ناهيك عن اعتماد يوم الضمير العالمي من قبل الأمم المتحدة الذي كان نتيجة لمبادرة من سموه طيب الله ثراه؛ تقديرا لمواقفه وإسهاماته الرائدة في مختلف المجالات”.
أعماله تتحدث عن نفسها
بدوره، قال عضو مجلس الشورى واستشاري الأمراض الباطنية وأمراض وزراعة الكلى أحمد العريض بأن رحيل المغفور له بإذن الله صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان مصاب جلل، وغياب موجع، مازال يؤثر فينا وفي جميع أبناء شعبه.
وتابع “لكنه غياب بالجسد فقط، فمازالت أعماله تتحدث عن نفسها، بعد أن عاشت البحرين طوال العقود الخمسة الأخيرة، إنجازات ومكتسبات زاهرة، انعكست على حياة المواطن والاقتصاد الوطني، وكان للأمير الراحل، طيب الله ثراه، دوره الكبير في توفير نعمتَي الصحة والأمان، حيث تحققت بهما النعم الأخرى كافة.
وأضاف العريض “أتذكر كطبيب كيف كان الشيخ خليفة ينظر إلى الصحة والأطباء والخدمات الصحية بعين التقدير والاهتمام، مما دفعنا دوما لنهل العلم، واستكمال علومنا في الميادين الطبية المختلفة، وعندما رجعنا بشهادتنا من الخارج، من جامعات أوروبية عريقة، حرص سموه على أن يستقبلنا بترحاب، ووجه إلى تقديم كافة التسهيلات اللازمة لممارسة عملنا”.
دولة حديثة
إلى ذلك، قال رئيس جمعية السكلر البحرينية زكريا الكاظم “أسس المغفور له أسلوبا فريدا في العمل المؤسساتي، القائم على منفعة الجمهور، بغض النظر عن غياب القائد، فقد كان المنهج أقوى وأعمق من أن يتغير، فالثابت هو بناء الدولة وبناء الإنسان، وهو ما جعلنا نشهد بناء الدولة الحديثة، في عالم متغير كثير التحديات في موقع إقليمي إستراتيجي”.
وواصل الكاظم “في مجتمع الخلية المنجلية في العالم، يعد سموه رحمه الله من أكثر المؤثرين في تطوير فهم الرعاية المقدمة لهذه الشريحة، فمنذ أن التقيناه كانت الغاية واضحة في صدر سموه أن تكون البحرين، منطلقا لصناعة العافية لهؤلاء دون تمييز”.
وأردف “كما اجتهد سموه رحمه الله، على تحفيز صناع الدواء على مبادرات جديدة من منطلق رعاية البحرين وإخوتها للدواء، وصحة شعوبها، وقد تحقق ذلك خلال ٤ سنوات، شهدنا فيها بزوغ فجر جديد في عالم الخلية المنجلية، حيث ازداد عدد المبادرات في إنتاج أدوية جديدة، من شأنها أن تغير حياة المحاربين إلى الأبد”.
قامة سياسية
وقال الشيخ عبداللطيف المحمود إن الراحل الكبير قامة سياسية واجتماعية من قامات المجتمع البحريني، تربى بين يدي أبيه صاحب العظمة الشيخ سلمان بن حمد رحمه الله تعالى وهو صغير، مع إخوانه صاحب السمو الأمير الشيخ عيسى بن سلمان وسمو الشيخ محمد بن سلمان طيب الله ثراهم، مضيفا “كنا نراهم ملازمين لمجلسه اليومي والأسبوعي”.
وتابع المحمود “تأثرت شخصية سمو الشيخ خليفة كثيراً بوالده وبالمجتمع الذي كان يستقبله، من مختلف القطاعات والتخصصات والانتماءات، وتحمل مسؤوليات كثيرة في إدارات متعددة، حيث كان والده رحمه الله تعالى، يكلفه بها كأنه يعده لقيادة وإدارة المجتمع، ومملكة البحرين من بعده، إضافة إلى أخويه رحمهما الله تعالى”.
وزاد “فتح بابه لجميع من يودون الاجتماع به، ويعطي كل ذي قدر قدره، لا يتأخر عن فعل ما يقترح عليه مما يراه صواباً، سواء فيما يتعلق بإدارة الحكومة، أو بعلاقاته الاجتماعية”.
وأضاف المحمود “كما تحمل سموه كثيراً مما مر بالبحرين من مشاكل سياسية، داخلية، وخارجية، ولكنه كان حصيف الرأي، أهل لأن يتحمل تلك العقبات، ليخرج بالبحرين إلى بر الأمان”.
روح التواصل والقبول
وقال المحامي عبدالرحمن غنيم “منذ عام فقدت البحرين زعيما من زعماء السلطة التنفيذية والأمة العربية والخليجية على وجه العموم ومملكة البحرين على وجه الخصوص”.
وأضاف “كان المغفور له يحظى بتقدير شعبه منذ توليه رئاسة مجلس الوزراء إلى أن وافته المنية، وقد تولى إدارة الدولة ورسم السياسة التنفيذية لمملكة البحرين،فبحكمته وخبرته أديرت السلطة التنفيذية، فكان استقرار الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني عنواناً لإدارة هذه السلطة”.
وأردف “كما كانت للمغفور له من العلاقات الوطيدة والقوية مع كل الزعماء والأشقاء العرب مما سهل على مملكة البحرين أن تكون محطة للسلام واستقرار العلاقات الخليجية الخليجية والعربية الخليجية، فقد كان روحاً للتواصل والقبول، وكان رصيناً في كل علاقاته الدولية والإقليمية”.
وأنهى غنيم “رحم الله الشيخ خليفة بن سلمان، وحفظ الله البحرين وشعبها بقيادة عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة”.
شخصية فذة وأممية
وفي السياق ذاته، أشار رئيس الجمعية الفلكية البحرينية البروفيسور وهيب الناصر إلى أن سمو الأمير الراحل شخصية فذة، أممية، تتمتع بالشجاعة، والكرم، والحزم، في مكانه وموضعه، وكان يستشرف الكثير من الأمور”.
وتابع الناصر “وأذكر في لقائي مع هذه القامة الفريدة، لدى إهدائي له بعض المؤلفات، والإصدارات، حول الفيزياء عامة، وحول الطاقة المتجددة، حينما نصحني سموه بأن أدخل عالم التجارة في الطاقة المتجددة، لكي تكون تلك الطاقة واقعاً ملموساً، بعدما علم بقيامنا بتصميم محطة تحلية مياه بالطاقة الشمسية، ومحطة أخرى متنقلة لتوليد الكهرباء بطاقة الرياح والشمس، وكنت لفترة أفكر في ذلك، حتى رأينا الآن وجود شركات بحرينية عدة في هذا المجال”.
وتابع الناصر “كما أذكر دعم وتشجيع وحث سمو رئيس الوزراء على العلم، وعلى التأليف، وعلى إجراء البحوث، وتناول المواضيع العلمية والتقنية التي تهم المجتمع البحريني والمنطقة، لذلك كان يحرص سموه رحمه الله على تخريج طلاب جامعة البحرين سنويا”.
قائد بكل الاهتمامات
إلى ذلك، قال رئيس تحرير نشرة الفنر الثقافية خالد بو مطيع “تمر الذكرى الحزينة لوفاة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفه طيب الله ثراه ورحمه رحمة واسعة، بما قدم للبحرين وشعبها والعالم خلال مسيرة حياته الزاخرة بالعطاء المتنوع”.
وزاد بو مطيع “كان رحمه الله عليه قائدا في كل اهتماماته، وكان للثقافة بمعناها الواسع حيزا مهما في حياته وتوجهاته وممارساته وكان سموه شغوفا بالفن واهتمامه بالفنانين على اختلاف مجالاتهم”.
وتابع “لقد استطاع سموه بمواقع كثيرة، أن يؤسس أنماطا من الممارسات والتطبيقات الثقافية ويعزز معايشة الموروث الثقافي الثري للبحرين وشعبها على اختلاف مناطقها، وكانت للمحرق وثقافتها المتميزة اهتمام خاص في تعاملاته خصوصا مع أهلها رجالا ونساء، فكانت السعادة تغمر محياه، وهو يتحدث عن المحرق، ومع أهلها وثقافتها وعاداتها وتقاليدها وفرجانها وعوائلها”.
مرجع دولي
وعلى الصعيد ذاته، قال رئيس جمعية العلاقات العامة البحرينية فهد الشهابي إن إنجازات سموه رحمه الله يشهد لها القاصي والداني - كمرجع دولي على مختلف المستويات.
وأضاف الشهابي “فنحن اليوم في ذكرى رحيل رمز، قضى ستينات القرن الماضي في هندسة إنهاء اتفاقات الحماية البريطانية، وفي ذكرى قائد قضى سبعينات القرن الماضي في التأسيس الإداري لمملكة البحرين، بينما قضى سموه الثمانينات في رسم طريق تحويل البحرين إلى مركز مالي واقتصادي”.
ومضى قائلا “وفي ذكرى أب حنون، قضى جل حياته مستمعا لأبنائه، ومطلعا على خفايا كل بيت من بيوتنا، وعارفا لكل فرد منا، مشاركا لنا أفراحنا وأتراحنا. فيحق لنا أن نفاخر بقية الدول بأن اسم خليفة بن سلمان قد نحت في تاريخ هذه الأرض الطيبة”.
الأمير الفارس
وعلق هشام الرميثي قائلاً “ارتبط اسم خليفة بن سلمان بتاريخ مشرق لمملكة البحرين، وكنموذج يحتذى به في القيادة الحكيمة، حيث كان يهتم سموه رحمه الله بتوجيه الوزراء إلى الاستماع إلى كل يطرحه المواطن من تساؤلات”.
وزاد الرميثي “كما كان كثير الزيارة للمناطق والمدن والقرى، متأملاً أحوالها، وسائلاً عن أحوال الصغير والكبير، محققاً بهذا التواصل عددا هائلاً من المنجزات الحضارية والمشاريع الإسكانية، والتطوير المستمر للبنية التحتية، كان لمحافظة المحرق نصيب وافر منها”.
وتابع “رحل الأمير الفارس، وآثاره الخيرة لا تزال واضحة للعيان، مخلداً للتاريخ إنجازات طولى أفنى لأجلها ريعان شبابه، رحمه الله وغفر له”.
سيذكره التاريخ
وختامًا، قال راعي الكنيسة الوطنية الإنجيلية القسيس هاني عزيز إن لسموه رحمه الله مكانة كبيرة في قلوب الناس؛ لمبادئه وحبه للبحرين وشعبها الكريم، مضيفاً “سيذكره التاريخ لأجل كل إنجازاته على المستويات العربية والعالمية”.
وأنهى القسيس هاني بالقول “هو الأب الذي حمل بداخله هموم المواطن والمقيم، أحب البحرين فأحبته، وسيظل دوماً الوالد القريب والوفي والمشفق على الجميع”.