العدد 5687
الجمعة 10 مايو 2024
banner
"القمة" و"القاعدة" و.. ما بينهما!
الجمعة 10 مايو 2024

قمة العرب في المنامة.. تأتي في ظرف إقليمي ودولي غاية في التعقيد والاشتباك والحساسية، من غزة إلى القضايا الشائكة الأخرى، إلى الحرب الروسية الأوكرانية، إلى الوضع الدولي الملتبس على الجميع.

من القمة التي يرعاها زعيم عربي مؤمن بقضايا أمته وشعبه، مصمم على أن تكون مملكة البحرين أرض الشجاعة مثلما هي أرض المحبة والسلام والتعايش، جلالة مليكنا المعظم يدرك دائمًا أن ما بين السطور تفاصيل صغيرة، شعيرات دموية دقيقة تربط الوطن الأكبر بالوطن القطري الأصغر، يؤمن حفظه الله بأن أمن مملكته الفتية من أمن أمته العربية، وأن سهر الليالي على راحة أية أسرة وأي إنسان من محيطه الهادر إلى خليجه الثائر، يشعر به كل مواطن بحريني تربى في كنف قيادته العربية الأصيلة.

من القمة حيث القضايا الإقليمية الساخنة، غزة وما قبلها، ومفاوضات "اليوم التالي" إلى القاعدة الشعبية الوفية العريضة حيث الأنظار وهي تتجه في الخامس عشر من مايو الجاري إلى عاصمة الخلود الطاهرة، وحيث التجمع العربي الكبير، والنظرة الوطنية الملتحمة مع الأفق القومي العتيد. من القمة حيث إرادة الزعماء وهي تلتف حول المرحلة بكل حنو وارتقاء وإصرار على تجاوز العنق الضيق جدًا لحساسية القضايا، إلى القاعدة حيث كلام الناس وأحلام البسطاء، وقلوب الأمهات الثكلى في فلسطين، والأرامل على الحدود اللصيقة بمصر الشقيقة. من القمة حيث الموقف العروبي المنتظر للتضامن يدًا بيد، وكتفًا بكتف، وحيث المبني للمعلوم الذي طالما كان معرفًا مجهولاً بأشياء لا تُشترى.

- لا تصالح.. لا سوف أصالح، ولكن بشروط.
- وإن قلدوك الذهب.. وإن قطعوا الرؤوس وعلقوها، حزنًا على من ذهب.

هكذا ينبض الإحساس العربي فيما بين قمة المنامة بألقها وشموخها وإرادة قائدها وولي عهده وشعبها، إلى القاعدة الجماهيرية العريضة وهي تساند "بالروح بالدم نفديك يا وطن".

إلى ما بينهما حيث يقول الشعراء كل ما كان متوقعًا منهم:
"أترى حين أفقأ عينيك..
وأثبت مكانهما جوهرتين..
هل ترى؟!
هي أشياءٌ لا تُشترى".

نعم.. هي أشياء لا تُشترى، الوفاء لا يُشترى، والأمن والأمان لا يُشترى، والتضحية لا تُشترى، هذه هي البحرين ملكا وحكومة وشعبا، تنتظر اليوم الكبير، القمة الاستثنائية العربية، الوعد الحق، وحتى لا يطير الدخان، جميعها.. جميعها معانٍ لا تبتعد بنا عن حال قمة المنامة، وحالة الإقليم الملون بقوس قزح، المراحل جميعها بألوان الطيف المعقدة، جميعها.. جميعها بأصوات الأرواح التي زُهقت، والأمهات التي ثُكلت، والسيدات التي رُملت.
نعم هي أشياء لا تُشترى، ذلك الشعور القومي النابع من أرض لها من التاريخ والمواقف التضامنية مع الأشقاء ما يؤكد أن قمة المنامة العربية ستحقق العلامة الكاملة للتضامن العربي، سوف تبذل من الوقت والجهد والعرق والإباء ما يُثلج صدور أبناء الأمة، سوف تكون المواقف بعون الله متفهمة تمامًا احتياجات الوطن الأصغر ليكون في خدمة القضايا المحورية للوطن الأكبر.

رعاية حضرة صاحب الجلالة ملكينا المعظم ومملكته البحرينية العربية واحتضانه مؤتمرا إقليميا فوق العادة، إنما يُعبر عن عمق الإحساس بالمسؤولية، عن مقدار الضغط العصبي الذي عاشته القاعدة الجماهيرية العربية العريضة منذ الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة وحتى اللحظة.

قمة البحرين العربية.. عهد جديد لوطن عربي واحد، ولأمة عربية شامخة، ولقضايا مُعلقة آن لها أن تستقر في عمق الضمير الإنساني، مثلما هي مستقرة في وجدان كل عربي.

كاتب بحريني والمستشار الإعلامي للجامعة الأهلية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .