أتساءل ومثلي كثيرون، أين دور القطاع الخاص في التنمية؟ الأرقام التي تعلنها الشركات كل عام حول أرباحها تعد خرافية، بيد ما يخصص منها للتنمية ضئيل جدا أو معدوم! المفارقة أنها لا تكف عن إطلاق التصريحات بإسهاماتها، لكن الواقع يدحضها جملة وتفصيلا. لذا فإننا نسمح لأنفسنا بتذكيرها بواجباتها تجاه المجتمع، أما أن تتنصل هذه المؤسسات من أدوارها المجتمعية والإنسانية فهذا يعد منتهى الجحود للوطن والمواطن. وإذا استثنينا القلة التي تعد على أصابع اليد الواحدة، فإن أغلبيتها ليس من ضمن اهتماماتها أي شكل من التنمية. لابد من إلزام الشركات بدفع جزء من أرباحها لمؤسسات المجتمع المدني، ولا يجب أن تتهرب من ذلك أية شركة.
إن القضية اليوم التي تجعل الناس لا يشعرون بالسكينة ولا راحة البال هي قضية البعوض، لقد أصبحت هاجسا للجميع. وإزاء ما نشهده من كارثة بيئية متمثلة في اكتساح موجة البعوض، فقد أطلقت المحافظة الشمالية حملة بالاشتراك مع إحدى الشركات الكبرى لمكافحة البعوض أو على الأقل الحد من انتشاره، ولابد من الإشادة بمبادرة المحافظة الشمالية ولو أنها جاءت متأخرة. إن الذي فاقم ضراوة هجمة البعوض هو المستنقعات التي تكتظ بها أغلب المناطق في المحافظة الشمالية، والتي تعد مصدرا رئيسيا لتجمع البعوض، أما المعضلة الأكبر أن المسكنات على اختلاف أنواعها لم تجد نفعا، وهكذا استمر تجرع الآلام آناء الليل وأطراف النهار. إن وزارة الصحة تبذل جهودا غير منكرة بيد أنه من الضرورة أن تهب مؤسسات القطاع الخاص لدعمها، ومبادرة المحافظة تستحق الشكر لأنها أول مبادرة استجابت لنداء الأهالي الذين تجرعوا لسعات البعوض طوال السنتين الفائتتين. إن الشكوى من البعوض حديث المجالس والملتقيات والجميع أمام مأزق. ولفتني قول أحدهم: كان بودي أمام صرخات الأطفال في بيتي لو أتمكن من العثور على حل يوقف المأساة التي تتكرر كل يوم ولا أبالغ لو قلت كل ساعة.. لكن جميع جهودي ذهبت أدراج الرياح!.
* كاتب وتربوي بحريني