العدد 6062
الثلاثاء 20 مايو 2025
التطوير المهني للمعلمين استثمار أمثل للمستقبل
الأحد 19 مايو 2024

في عالم متغير، يتطور المجتمع والتكنولوجيا والمعرفة بمعدل متسارع، لا يمكن للتعليم الاستمرار بنجاح دون تطوير وتحديث مهارات المعلمين بشكل مستمر. 
يشير جون هاتي في كتابه "التعلم المرئي" بأن المعلم هو العامل الأساس وصاحب الأثر الأكبر في عملية التعلم، ويجب أن يكون مستعداً ومجهزاً لمواجهة التحديات الجديدة والمتغيرة التي تطرأ في ميدان التعليم على كافة الأصعدة: العلمية، الأكاديمية، التربوية، والتكنولوجية.
يعتبر التدريب المستمر للمعلمين أمراً أساسياً لتطوير وتعزيز مهاراتهم وتحديث معارفهم. ذلك أنه مع التطور السريع في المعرفة والتكنولوجيا، تظهر أساليب تدريس جديدة وأدوات تعليمية مبتكرة يجب على المعلمين تعلمها وتطبيقها في الصفوف الدراسية. بالإضافة إلى العديد من التحديات التربوية المستجدة التي تتطلب من المعلمين الاستعداد لها والتعامل معها باحترافية ومهنية عاليتين، مثل: تنوع الطلبة واحتياجاتهم المتغيرة.
ان عملية التنمية المهنية المستمرة للمعلمين أداة أساسية لتحسين جودة التعليم ورفع مستوى الأداء التعليمي. فالتدريب المستمر للمعلمين يمكنهم من تطوير مهارات تخطيط وتصميم الدروس بطرق تفاعلية ومبتكرة تلبي احتياجات ومتطلبات الطلبة. كما يساعد التدريب المستمر للمعلمين في اكتساب مهارات التقويم وتقديم التغذية الراجعة البناءة بشكل فعال، مما يحسين أدائهم التعليمي ويعزز فعالية التعلم.
ومن الجدير بالذكر أن التدريب المستمر للمعلمين يسهم في تحقيق التكافؤ في التعليم وتقليل الفجوات التعليمية. ويوفر الفرص الكافية للتطوير المهني والفني في مجال التخصص مما يؤدي إلى أن يكون المعلمون أكثر قدرة على توفير تجارب تعليمية متميزة وبقيمة مضافة ومتكافئة لجميع الطلاب بغض النظر عن خلفياتهم وظروفهم الشخصية.
كما أن التدريب المستمر للمعلمين ينعكس على جانب بالغ الأهمية في العمل التربوي وهو تعزيز اتجاهاتهم ودافعيتهم نحو مهنتهم، ويرفع من مستوى رضاهم عن عملهم، وتحفيزهم للابتكار والتطوير المستمر. فعندما يحظون بفرص التدريب المستمر، يشعرون بالتقدير والاهتمام من قبل الإدارة التعليمية ويشعرون بأنهم جزء لا يتجزأ من عملية تحسين التعليم هذا من جهة، ومن جهة أخرى ينعكس على مستوى رضا وسعادة الطلبة بكفاءة معلميهم.
ومن هنا، يتبين أن التدريب المستمر للمعلمين ليس مجرد استثمار في مستقبل التعليم فحسب، بل هو استثمار في مستقبل الأجيال القادمة وفي تحقيق التنمية المستدامة. لذا، يجب على متخذي القرار وصانعي السياسات التعليمية أن يولوا اهتمامًا كبيرًا لتوفير فرص التنمية المهنية المستمرة للمعلمين ودعمهم في تحسين مهاراتهم وتطويرها بما يتلاءم مع متطلبات التعليم في القرن الحادي والعشرين.
وفي ظل الاهتمام المتزايد بجودة التعليم وضرورة مواكبة التطورات في مجال التعليم، يصبح التدريب المستمر للمعلمين أمراً لا غنى عنه. فعلى الرغم من أن المعلمين يتلقون تدريباً أساسياً قبل بدء مهنتهم، إلا أن التطورات السريعة في مجال التعليم تستدعي الحاجة إلى تحديث وتطوير المهارات والمعارف بشكل دوري ومستمر. 
وبشكل عام؛ فإن البرامج التي تصمم للتنمية المهنية للمعلمين تتضمن الاستفادة من أحدث الأبحاث والدراسات والمنهجيات التعليمية، واكتساب المعارف والمهارات بتطبيق أفضل الممارسات والتقنيات الحديثة في مجال التعليم. كما يسهم التدريب المستمر في تطوير مهارات التواصل والتفاعل بين الطلبة والأستاذ مما ينعكس على آليات التواصل بين الطلبة أنفسهم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يسهم التدريب المستمر للمعلمين في تعزيز روح الفريق والتعاون بين المعلمين في المدارس، مما يسهم في تشكيل مجتمعات التعلم المثمرة والداعمة في تحقيق أهداف التعلم والتعليم.
ومن الجدير بالذكر أن التدريب المستمر للمعلمين يمكن أن يشمل مجموعة واسعة من المواضيع والمجالات، بما في ذلك التربية الخاصة، ونظريات التعليم والتعلم، واستراتيجيات التدريس الحديثة، وتوظيف تكنولوجيا التعليم والاتصال بقيمة مضافة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، وتطوير المناهج، وتقديم التوجيه والدعم الأكاديمي والاجتماعي للطلبة، وتوفير بيئات تعليمية جاذبة.
وفي الختام، يمكن القول إن التدريب المستمر للمعلمين ليس مجرد استثمار في تطوير قدراتهم الشخصية، بل هو استثمار في تحسين جودة التعليم وتحقيق أفضل نتائج التعلم للطلبة. لذا، يجب على الجهات التعليمية القائمة على المدارس في القطاعين الحكومي والخاص، ومؤسسات التعليم العالي تخصيص الموارد الفنية واللوجستية الكافية لتقديم الدعم والتدريب المستمرين للمعلمين، وتشجيعهم على الاستمرار في تطوير معارفهم مهاراتهم لمواكبة التحديات المستقبلية في ميدان التعليم.

 

عضو هيئة التدريس بكلية البحرين للمعلمين بجامعة البحرين

أستاذ مساعد - قسم الرياضيات والعلوم وتكنولوجيا الاتصال

كلية البحرين للمعلمين 

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .