التمسك بالسلمية لحل النزاعات... والبحرين بقيادة جلالة الملك تدعم السلام
يوم الضمير... الأثر الخالد لأمير الإنسانية
"البلاد" تستذكر الأقوال الخالدة للراحل الكبير في حفل إطلاق اليوم العالمي للضمير
البشرية في حاجة ماسة لتعزيز قيم الانفتاح والاعتدال والتسامح
أوضاع مأساوية للعديد من الشعوب جراء الصراعات والأوبئة
لرؤية شاملة لمعالجة التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية
يحتفل العالم اليوم الموافق 5 أبريل من كل عام بيوم الضمير العالمي للسنة الثانية على التوالي، الذي يأتي استجابة للمبادرة التي أطلقها المغفور له بإذن الله صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة (طيب الله ثراه)، باعتماد يوم 5 أبريل من كل عام يومًا دوليًا للضمير لتحفيز المجتمع الدولي على حل النزاعات بطريقة سلمية وإشاعة ثقافة السلام والمحبة والتسامح.
ويؤكد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 25 لسنة 2019، أن اليوم الدولي للضمير يشكل وسيلة لتعبئة جهود المجتمع الدولي بانتظام لتعزيز السلام والتسامح والإدماج والتفاهم والتضامن؛ من أجل بناء عالم مستدام قوامه السلام والتضامن والوئام.
ويأتي احتفال العالم باليوم الدولي للضمير في ظل ظروف استثنائية جراء تفشي جائحة كورونا (كوفيد 19)، وما خلفته من تداعيات كبيرة على جميع المستويات، بما يمنح هذا اليوم من أهمية بالغة تستدعي يقظة الضمير الإنساني للتعامل مع هذه التداعيات الكبيرة على الأفراد والمجتمعات.
الخسائر
خلفت الجائحة حتى الآن الكثير من الخسائر في الأرواح والأموال، وأعادت هيكلة الكثير من الحسابات والتوقعات، فقد بلغت عدد حالات الإصابة نحو 130 مليون إصابة، فيما بلغ عدد الوفيات 2.84 مليون حالة وفاة حول العالم منذ انتشار الجائحة وحتى اليوم.
وبعد عقود من التقدم المضطرد في الحد من أعداد الفقراء، وسعي عالمي نحو تصفير أعداد الفقراء الذين يعيشون على أقل من 1.90 دولار في اليوم الواحد، جاء تقرير البنك الدولي لينذر بسقوط الملايين في براثن الفقر، حيث يتوقع أن يسقط نحو 115 مليونًا في براثن الفقر في أسوأ الأحوال، إذ سيكون نصيب جنوب آسيا الأكبر من شريحة الفقراء تليها جنوب الصحراء الإفريقية.
وأشار التقرير إلى أن كثيرا من شريحة الفقراء الجدد يشتغلون على الأرجح في قطاعات الخدمات غير الرسمية، والإنشاءات، والصناعات التحويلية التي تأثر فيها النشاط الاقتصادي بشدة من جراء الإغلاقات العامة والقيود الأخرى على الحركة والانتقال.
البطالة
وبالحديث عن البطالة، توقع تقرير أن ترتفع نسبة البطالة في العام 2021 في المنطقة العربية إلى 12.5 %، أعلاها في فلسطين (31 %) ثمّ ليبيا (22 %) وتونس والأردن (21 %)، في ظل تضييق الخناق على الاقتصاد العالمي بسبب الإغلاقات المرتبطة بفيروس “كوفيد 19”.
يتوقع تقرير جديد أن ترتفع نسبة البطالة في العام 2021 في المنطقة العربية إلى 12.5 %، أعلاها في فلسطين (31 %) ثمّ ليبيا (22 %) وتونس والأردن (21 %)، في ظل تضييق الخناق على الاقتصاد العالمي بسبب الإغلاقات المرتبطة بـ “كوفيد 19”. وأشار التقرير الصادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية إلى أن الجائحة أثرت على العالم بأسره خصوصا في الجوانب الاقتصادية، أما المنطقة العربية، فتواجه سيناريوهين محتملين، أحدهما معتدل يتوقع انتهاء الأزمة وعودة الاقتصاد إلى زخمه في الربع الأول من العام 2021، والثاني يميل إلى التشاؤم فيتوقع استمرار الأزمة خلال الربع الأول من العام 2021.
وحذر التقرير من أنّه رغم توقع معدلات نمو إيجابية في كلا السيناريوهين، فإن هذا غير كافٍ لخلق ما يلزم من فرص عمل لائقة، فالبطالة في المنطقة العربية مرجّحة للارتفاع إلى 12.5 % بالعام 2021، وستبلغ أعلى معدلاتها في فلسطين (31 %) وليبيا (22 %).
ولفت إلى أنه في تونس والأردن، فستزيد نسبة البطالة عن 21 %، وستسجل دول مجلس التعاون الخليجي معدلات بطالة بنحو 5.8 %، كما من المتوقع أن تزيد صادرات المنطقة بمقدار 10.4 % في العام 2021، بعد أن كانت قد انخفضت بمقدار 50 % في العام الماضي.
وأشار التقرير إلى أن مجموعة البلدان العربية ذات الدخل المتوسط ستحقق أعلى معدلات نمو في المنطقة، بنسبة 5 %، وفقا للسيناريو المتفائل، و4.1 % وفقا للسيناريو الأقل تفاؤلا، في حين يتراوح معدل النمو في دول مجلس التعاون الخليجي بين 2.3 و2.1 %، أما البلدان الأقل نموّا، فستحقق أدنى معدلات نمو ولن تتخطى 0.5 أو 0.4 %.
الأمن الغذائي
وفيما يتعلق بالأمن الغذائي، فإنه وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي، فقد أدت جائحة كورونا إلى سقوط ما يصل إلى 96 مليون شخص آخر في براثن انعدام الأمن الغذائي الحاد في العام 2020 في 54 بلدًا من البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية.
ويُضاف هذا العدد إلى 137 مليون شخص الذين كانوا يعانون بالفعل من انعدام الأمن الغذائي الحاد بنهاية العام 2019 في جميع أنحاء هذه البلدان، فيصبح العدد الإجمالي 233 مليون شخص بنهاية العام 2020.
ويتعرض الأشخاص الذين يعيشون في الأوضاع الهشة والمتأثرة بالصراعات للخطر بشكل خاص، وتشير توقعات البنك الدولي (بناءً على تطبيق نتائج نموذج عشوائي للتنبؤ بانعدام الأمن الغذائي) إلى أن هذا العدد قد يرتفع ليصل إلى نحو 330 مليون شخص في العام 2021.
التعليم
وأما على صعيد التعليم، فقد تعرّض الأطفال في جميع أنحاء العالم لتعطيل تعليمهم بشدة هذا العام بسبب جائحة (كوفيد 19)، إذ تجد المدارس صعوبة في التعامل مع إجراءات الإغلاق والفتح المتكررة، والانتقال، إذا كان خيارا متاحا، إلى التعليم عبر الإنترنت.
وكشفت اليونسكو عن فجوات في التعلّم عن بُعد القائم على التكنولوجيا الرقمية، إذ أظهرت البيانات أن حوالي 830 مليون طالب لا يمكنهم الوصول إلى جهاز كمبيوتر.
وأشارت إلى أن الصورة قاتمة خصوصا في البلدان منخفضة الدخل: ما يقرب من 90 % من الطلاب في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ليس لديهم أجهزة كمبيوتر منزلية، بينما لا يستطيع 82 % منهم الاتصال بالإنترنت.
ومع ذلك، في العديد من البلدان النامية حيث لا يُعد التعليم عبر الإنترنت أو الكمبيوتر خيارا لمعظم الطلاب، كان للراديو دور في الوصول إلى ملايين الأشخاص ويتم استخدامه للحفاظ على بعض أشكال التعليم.
في جنوب السودان على سبيل المثال، بدأ راديو “مرايا” الذي تديره بعثة الأمم المتحدة في البلاد (أنميس) ببث برامج تعليمية للكثير من الطلاب الذين لم يقدروا على التوجه لفصولهم الدراسية.
الحروب والصراعات
ورغم ما تعانيه المنطقة العربية والشرق الأوسط من حروب وصراعات فإن جائحة كورونا (كوفيد 19) جاءت لتنذر بتداعيات إنسانية خطيرة تستلزم يقظة الضمير العالمي لوقف كل الصراعات الدائرة في العالم لاسيما في المنطقة العربية والشرق الأوسط.
وقد وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعوة للعالم، لوقف الحروب في مناطق النزاع في العالم من أجل مواجهة كورونا.
وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن العديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط ستواجه صعوبات جمة بعد تفشي فيروس كورونا المستجد، خصوصا تلك التي تمزقها الحروب، ومن بينها العراق والسودان واليمن.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إن تلك الحروب الدائرة في عدد من الدول العربية يجب أن تتوقف.
وأضاف: لقد آن للمدافع التي يقتل بها أبناء الوطن الواحد بعضهم البعض أن تسكت، خصوصا أن الوضع العالمي في مواجهة جائحة كورونا يجعل من استمرار مثل هذه النزاعات نوعا من العبث.
لقد بات العالم في حاجة ماسة إلى هذه المبادرة التي من شأنها إيقاظ الضمير العالمي نحو تبني سياسات السلام والمحبة والتكاتف من أجل البناء وتعزيز حقوق الإنسان، وتوحيد الجهود الفردية والمجتمعية في سبيل إنقاذ العالم من هذا الوباء والحد من تأثيراته التي من شأنها أن تقوض مساعي وجهود التنمية العالمية الشاملة.
النموذج البحريني
يأتي الاحتفال باليوم الدولي للضمير في وقت ضربت فيه مملكة البحرين أوضح نماذج التلاحم والتكاتف في سبيل الحفاظ على المكتسبات والحد من تأثيرات الجائحة على المجتمع.
لقد ساهمت التوجيهات الملكية السامية وما أطلقته المملكة من حزم الدعم، وما أظهره الفريق الوطني للتصدي للجائحة بقيادة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة من حكمة وتفان وتضحية، في التخفيف كثيرا من آثار التداعيات على مختلف القطاعات والأفراد، ودعمت استقرار المجتمع وسير الأعمال وضمان وصول مختلف الخدمات للسكان. وبرزت معالم ذلك النموذج في إطلاق المملكة حزمة الدعم الاقتصادية بمبلغ 4.3 مليار دينار، وتأمين الرعاية الصحية والتطعيمات لجميع السكان مجانًا وفي وقت قياسي، وما أظهره المجتمع من روح المبادرة عبر التطوع للعمل ضمن فريق التصدي للجائحة، وما تم اتخاذه من قرارات وإطلاقه من برامج راعت استقرار الأسرة وأمنت المجتمع من الوقوع ضحية الفقر والبطالة والجوع والحرمان.
في مقر الأمم المتحدة وبرعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة (طيب الله ثراه)، كان إعلان إطلاق “اليوم الدولي للضمير” بالتعاون بين اتحاد السلام والمحبة العالمي (فوبال) والبعثة الدائمة لمملكة البحرين بفيينا.
حضر الاحتفالية حينها حشد كبير من الشخصيات السياسية والدبلوماسية والاجتماعية والإعلامية والاقتصادية والثقافية في فيينا، ومجموعة كبيرة من السفراء والمندوبين الدائمين وأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي العربي والدولي المعتمدين في فيينا، وممثلو المنظمات الدولية، الحكومية وغير الحكومية، ورجال المال والأعمال.
وكان سموه قد وجه بهذه المناسبة رسالة شدد فيها على أهمية التمسك بالطرق السلمية في حل المشكلات والنزاعات الدولية، بما يضمن إزالة أسباب التوتر التي تعيق جهود التنمية في العالم، وأن يعمل المجتمع الدولي وفق سياسات متكاملة وأكثر إنجازا في مواجهة ما تعانيه بعض دول العالم من مشكلات، وفي مقدمتها الفقر والعوز والمرض.
وقال سموه “إن الضمير العالمي يجب أن يكون أكثر إيجابية وتحركا في مواجهة كل الأسباب التي تؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار العالمي، وأن تركز منظومة العمل الجماعي على إرساء أسس السلام الذي يوفر للدول الأجواء التي تمكنها من استكمال مسيرتها على صعيد التنمية لصالح شعوبها”.
وأضاف سموه “إن عالم اليوم يواجه أحداثًا ومتغيرات متلاحقة وضعته أمام الكثير من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإننا في مملكة البحرين حريصون كل الحرص مع دول العالم في إطار المنظومة الدولية على تكريس الجهود من أجل الأمن والسلام والاستقرار والرخاء الاقتصادي في جميع مناطق العالم وبلدانه”.
كما أكد سموه أن مملكة البحرين بقيادة عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة تدعم كل الجهود الدولية لنشر ثقافة السلام كحاجة ماسة للبشرية في التوصل إلى القيم الحضارية، وأصبحت اليوم رمزا لقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح الذي يستوعب الجميع.
ونوه سموه بأهمية المبادرة إلى إطلاق “اليوم العالمي للضمير” كحدث عالمي يستحق الإشادة والتقدير، مؤكدا سموه أن هذا اليوم يعد مناسبة لتأكيد ضرورة أن تتحد إرادة المجتمع الدولي لإنهاء المعاناة التي يعيشها ملايين البشر في العديد من مناطق العالم، وأن تتواصل الجهود لصيانة الحق في الحياة الآمنة والمستقرة، واستدامة التنمية التي تعزز من رفاه الإنسان.
وقال سموه: إن هذا يعكس وجود إرادة قوية لدى شعوب العالم بأن يكون الضمير العالمي أحد المرتكزات الأساسية التي يتم على أساسها دفع مسيرة العمل الجماعي الدولي من أجل عالم أكثر أمنا وسلاما واستقرارا.
وأضاف سموه أن الضمير العالمي مساءل اليوم عن مدى الجدية في التعامل مع الأوضاع المأساوية التي تعيشها العديد من الشعوب جراء الصراعات ونقص الغذاء والجفاف والأوبئة، وعن الإجراءات التي تتخذ لحماية الفئات الأكثر ضعفا، لاسيما الأطفال والنساء والمسنين الذين يواجهون الأخطار جراء الفوضى التي باتت مشهدا ثابتا في العديد من البلدان، وجميعها تنطوي على معاناة للبشر ويجب أن تؤرق الضمير الانساني لكي يعمل على إنهائها.
وقال سموه: إننا نؤمن بأهمية تحرك المجتمع الدولي من أجل وضع رؤية شاملة لمعالجة التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية، فالنهوض بأوضاع الإنسانية يبدأ بإحلال السلام، وتوفير مسببات الأمن والاستقرار لكل الدول، وعلينا كمجتمع دولي أن نأخذ بأيدي بعضنا البعض للعيش في السلام والأمان الذي ننشده.
وشدّد سموه على أن التحديات التي تواجهها البشرية تفرض ضرورة أن يكون هناك تغيير مستمر في الرؤى والاستراتيجيات من خلال الأمم المتحدة للوصول إلى عالم ينعم بالاستقرار والتنمية، فالتنمية والتطور هما طريقان مفتوحان أمام الجميع متى ما انطفئت بؤر التوتر والنزاعات التي انهكت العديد من الأمم والشعوب.
وحث سموه الأسرة الدولية على العمل؛ من أجل إشاعة روح المحبة والتعايش والبناء على نقاط التلاقي بين الحضارات كوسيلة مهمة لإنهاء والقضاء على جميع أشكال التعصب والعنف والإرهاب التي تهدد حاضر ومستقبل العالم.
وأشاد صاحب السمو الملكي بالجهود التي يقوم بها اتحاد السلام والحب العالمي في بناء إرادة دولية مشتركة غايتها تعزيز ثقافة السلام والحب عبر العديد من المبادرات والأفكار غير التقليدية التي تسعى إلى تحقيق الخير للإنسانية.