العدد 5680
الجمعة 03 مايو 2024
banner
طوفان الجامعات
الجمعة 03 مايو 2024

كان التعليم ولا يزال السلاح الاستراتيجي الأقوى لدى الفلسطينيين، ويشهد الجميع بكفاءة مخرجات التعليم الفلسطيني، لذلك لم تسلم المرافق التعليمية من القصف الإسرائيلي في غزة منذ الأيام الأولى من الحرب، بل أصبحت هدفا مباحا حتى بعد أن تحوّلت المدارس والجامعات إلى مأوى للنازحين والهاربين من الموت ظنا منهم أن هذه الأماكن آمنة وفق المواثيق الدولية. وإذا كان الحق في الحياة هو مطمح كل مدني أعزل في غزة ورفح، فإنّ العديد من الطلبة والطالبات خرجوا من خيامهم منادين بحقهم في التعلم، ورفعوا شعار “طلبة غزة يموتون”، و ”الحرب تدمر التعليم”، وطالبوا بالعودة إلى المرافق الدراسية على اعتبار أنّ الحقّ في التعليم “مكفول بالمواثيق والمعاهدات الدولية”، لكن، كيف لهم ذلك ولم تضع الحرب بعد أوزارها، وأين لهم ذلك وقد دمّرت آلة الحرب الإسرائيلية الجامعات والمدارس في غزة وحوّلتها أثرا بعد عين.
لا شكّ أنّ حراك الطلاب العالمي، ولا سيما في الولايات المتحدة الأميركية والمساند للحق الفلسطيني في الحياة أولا وفي التعلم ثانيا، قد منح الطلبة النازحين من غزّة إلى رفح شيئا من الأمل في احتمال وقف الحرب واستعادة الحياة، ومن ثمّة العودة إلى مقاعد الدراسة. لذا تحرّك الطلبة في رفح وغزة على إيقاع التحرّكات الطلابية في معظم جامعات الولايات المتحدة الأميركية تمهيدا لتنظيم فعاليات إقليمية ودولية مع طلبة الجامعات في العديد من دول العالم مطالبين بوقف الحرب والعودة للتعليم، أي الحقّ في الحياة والحق في التعلم. لقد عبّر حراك الطلبة الأميركيين عن الضمير الحي في العالم، وفنّد تلك المقولات التي ترى في الشابّ الغربي شخصية مادية لا تكترث لآهات الشعوب ولا تحتكم إلى أخلاق أو قيم.
“المقال كاملا في الموقع الإلكتروني”.
*كاتب تونسي ومدير تحرير مجلة البحرين الخيرية


وقد برهن أولئك الطلبة بحسّهم الإنساني العالي على وعي بما يحدث في القطاع من إبادة شاملة وتدمير لكل مقومات الحياة بعد أن تحرروا من سيطرة الإعلام الغربي. واستقوا المعلومات من مواقع التواصل الاجتماعي فوقفوا على الحقيقة دون تزييف وتشويه يخدم مصالح الكيان المحتل.
لقد تحرك هؤلاء الطلبة في أكبر دولة داعمة للكيان، وتعاطفوا مع ما يحدث في غزة، واعتبروه إبادة جماعية، وجريمة أخلاقية ضد القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان، ورفضوا أن تكون جامعاتهم داعمة لهذا الكيان.. وبالرغم من التضييق عليهم باستدعاء الشرطة حينا لفك الاعتصام في الجامعة وبالفصل حينا آخر من الجامعة، فإنهم ما وجدوا إلا الدعم والمساندة من أساتذتهم ومن باقي الجامعات الخاصة والعمومية في مختلف الولايات الأميركية.
وهكذا يظلّ الحراك الطلابي دوما المحرار الحقيقي المعبّر عن الضمير الإنساني الحيّ للأمم في المحطات التاريخية الكبرى؛ فمن ينسى مظاهرات الطلاب الفرنسيين التي حركت العالم في أبريل 1968، وكيف ننسى مظاهرات طلاب الولايات المتحدة الأميركية احتجاجاً على حرب فيتنام، وتحرك الطلبة المصريين ضد أحكام الطيران عقب هزيمة 1967، وأخيرا وليس آخرا تحرك طلبة الجامعات في عدد من الدول العربية وفي إسبانيا واليونان وبلجيكا وبريطانيا وفرنسا وأسكتلندا وإيرلندا، دعماً للشعب الفلسطيني في غزة.
هي الحقيقة تنجلي ولو بعد حين، هو العالم بشبابه وطلابه يتحرك مساندا حق الفلسطينيين في الحياة وفي التعلم، هي لحظة تاريخية فارقة، هو طوفان شباب الجامعات.. فلنبتعد من أمامهم.

كاتب تونسي ومدير تحرير مجلة البحرين الخيرية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .