العدد 5680
الجمعة 03 مايو 2024
banner
تكريم العمال
الجمعة 03 مايو 2024

في غرة مايو من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي للعمال، والبحرين من ضمن الدول التي تحتفل بهذا اليوم وتعتبره يوم إجازة للعمال الذين يقف العمل ويعتمد على أكتافهم. وأمس ونحن في إجازة عيد العمال جاء على خاطري من هو العامل الذي يحتفل به العالم في هذا اليوم المخصوص له. والعامل، وفق قانون العمل البحريني في القطاع الأهلي لعام 2012 وتعديلاته، هو كل شخص طبيعي يعمل لقاء أجر لدى صاحب عمل وتحت إدارته أو إشرافه. وصاحب العمل هو كل شخص طبيعي أو اعتباري يستخدم عاملا أو أكثر لقاء أجر متفق عليه. وبالطبع، هناك عمال في الحكومة وفي قطاعات أخرى غير القطاع الأهلي، ويوم العمال يشمل جميع العمال في جميع القطاعات بدون فرز.
ونعود للعامل، ونقول، لولا العامل، مهما كانت درجته ووظيفته، لما تم العمل ولم ينجز وتظل الأعمال بجميع أنواعها في إجازة أو معطلة تماما. ولهذا يجب الاهتمام بالعامل وتقدير دوره الرئيس في إنجاز الأعمال والمهام الموكولة له. وتحديد يوم عالمي لتكريم العمال، في نظرنا، هو أقل ما نمنحه للعامل، وهو في هذا اليوم يحتفل به ويقول هذا يومي ويأخذ نفسه للاستعداد لتكملة المشوار الطويل.
مواثيق العمل الدولية والتشريعات الوطنية الخاصة بتنظيم العمل ودور العمال، في تطور مستمر وسريع لملاحقة الزمن، وتنادي بضرورة احترام العامل ومعاملته المعاملة الإنسانية الكريمة التي تليق به كإنسان كرمه الله خير تكريم وعلمه البيان وهذا يشمل العمل الذي يقوم به. 
ومن أهم ما تضمنته المواثيق والتشريعات الوطنية تلك العلاقة بين صاحب العمل والعامل، وتحديد هذه العلاقة القانونية العملية التي تربط بينهما لقاء أجر راتب معين. وهذا الأجر يجب أن يتناسب مع طبيعة العمل ومقدرات العامل ومعطيات السوق أيضا في ظل المنافسة الشريفة. وهذا الأجر يجب أن يمنح، مع الشكر في وقته. وعلينا هنا الانصياع لقول رسولنا الكريم سيد البشر “اعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه”، وفي هذا قمة الإنسانية والتقدير المثالي للعامل الذي يتقطر عرقا وهو يقوم بعمله.
في السابق كانت العلاقة بين صاحب العمل والعامل عبارة عن علاقة تشبه ما يعرف ب “السخرة”. وعلى العامل أن يعمل ويعمل طول الوقت دون رفع رأسه أو يده عن العمل أي تتم معاملته كالماكينة التي تطحن دون توقف البتة. 

وبالطبع هذا لا يجوز ولا يتحمله شخص من لحم ودم ولكن هذا ما كان يحدث بلا هوادة. والآن، للعمل ساعات محددة في اليوم والأسبوع بل هناك فترات راحة خلال العمل اليومي ثم العودة له بروح إيجابية. وهناك الإجازات الأسبوعية والسنوية والمرضية والاجتماعية وتكون كلها مدفوعة الأجر ومنظمة وفق جداول عمل مريحة لصاحب العمل وللعامل. وللارتقاء بالعمل لمصلحة جميع الأطراف، هناك ضرورة لتدريب العمال وتثقيفهم بمهامهم وكيفية تجويد العمل وتطويره لرفع وزيادة الإنتاج مع مراعاة أن يتم هذا وفق قواعد السلامة المهنية التي تضمن عودة العامل سليما معافى لأهله وأولاده في آخر اليوم وتنتشر الفرحة بين الجميع بعودة الوالد من عمله الذي يحبه.
ومن شروط العمل الهامة الآن، عدم تشغيل الصغار والأحداث مع وضع بعض المعايير للتشغيل عند الضرورة. وكذلك هذا ينطبق على تشغيل النساء ومراعاة ظروفهن الخاصة ومنها الجسدية والأنثوية، وعدا هذا فإن العمل حق دائم لهن  “والنساء شقائق الرجال”.
وهناك الآن الاعتراف بحق العامل في تكوين النقابات التي تساهم في تطوير العلاقة وفي تمثيله خير تمثيل في شرح حقوق العمال وكيفية تطبيقها ودور صاحب العمل والعامل في هذا الخصوص. وعبر هذه التطورات السياسية والاجتماعية والتشريعية وغيرها، تم الاعتراف بأهمية العامل وكينونته وهذا يجعله يعطي المقابل بالمزيد من الجهد في القيام بمهامه بل والإبداع والابتكار في تنفيذ المهام، وهكذا الإنسان أحسن إليه يحسن إليك، وافعل الخير يعود لك. والعامل هو الأساس في العمل وبيئة العمل ولنجعل الاحتفال بيومه واقعا عمليا مثاليا يشعر به كل العمال بصورة واقعية حقيقية بعيدا عن الشكليات الاحتفالية.

 

* مستشار وخبير قانوني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية