العدد 5680
الجمعة 03 مايو 2024
banner
الجامعات.. منارات التغيير
الجمعة 03 مايو 2024

قبل نحو ستين عاما، وتحديدا في 1966، بدأت حركة تململ في الأوساط الطلابية الفرنسية متأثرة بطروحات الفيلسوف الألماني هربرت ماركوز من خلال كتابه “الإنسان ذو البعد الواحد” الذي وجه سهام نقده للنزعة الاستهلاكية المتصاعدة، واتجاه التكنولوجيا لخلق إنسان له طريقة تفكير أحادية تصنعها أبواق الإعلام. ولكن ما لبث الطلبة في الولايات المتحدة أن انتفضوا في مارس من العام 1968، ضد الحرب في فيتنام، وشاركهم طلبة فرنسا وعمالها، الأمر الذي حدا بالزعيم الفرنسي شارل ديغول ليغادر بلاده، بل يفر منها، خشية قيام حرب أهلية.
تعرض الطلبة الأميركيون للاعتقالات، والاغتيالات، والتنكيل، لأن الطبقة الحاكمة ما كانت تريد أن تسكت أصوات المدافع، ولم يكن أباطرة الحرب يريدون أن تتوقف مصانعهم، وتجار الحروب كثر يعيشون على الآهات والدموع والدماء والأشلاء لا يهمهم، ولكن الضغط الجماهيري أوقف الحرب، وإن بعد سنين، وأعاد الجنود الأميركان إلى بلادهم بعدما خسروا أكثر من 58 ألف جندي.
حاول الأميركان في العام 2003 وقف الحرب على العراق، ظهروا وتظاهروا ضد إرسال أبنائهم إلى أقصى الأرض لقتال لا شأن لهم فيه، ولكن “الصهاينة الجدد” كانوا مصرين على المضي قدماً، وأشداقهم تتحلب لكم المكاسب التي سيجنونها، والخراب العظيم الذي سيلحقونه بالمنطقة التي لا تزال تعاني منه.. لذا دُعست المظاهرات ومضت الحرب.
اليوم تعود الكرّة ثانية إلى الجامعات الأميركية.. إلى جامعة كولومبيا ذات الريادة والصيت العريق، خصوصاً في علم الاجتماع، تحرض اليوم جميع الكليات والجامعات في البلاد، على الوقوف يداً واحدة ضد أعداء الإنسانية، ضد القتلة الصرحاء، ضد القتلة الفخورين بسحق الأبرياء، وتقصد محو شعب بأكمله تبعاً لشهوة الدم التي لا ترتوي، يقف طلبة الجامعات، وأساتذتهم كاسرين حاجز الخوف من الاعتقال، ومن الوصم بمعاداة السامية، البعبع الذي تخطاه منتسبو الجامعات، وبيّنوا هشاشته وزيفه، يقف الأساتذة محترمين ما يعلمون طلبتهم من علوم اجتماعية تقوم على حرية النقاش والبحث، ويتلقون التعنيف مع أحذية الشرطة الثقيلة وقبضاتهم العمياء وهم يقتادون علماء وأساتذة إلى التوقيف، جامعة تحترم المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد الذي كان من ضمن أكاديمييها.. اليوم تنتقل الشرارة إلى السوربون... وغداً تتجدد ثورة الطلبة.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .