العدد 5690
الإثنين 13 مايو 2024
banner
احمد عبدالله الحسين
احمد عبدالله الحسين
خربشة ومغزى.. "التعليم والتثقيف البيتي.. تراث قديم عند الصينين"
الأحد 28 أبريل 2024

المقال يدور حول إطلالة على تراث تاريخي للصين حول التعليم والتثقيف البيتي عند الصينين في العصر القديم دونما مقارنة مع الأمم آنذاك أو تفاضلية مع نهج هدي الإسلام الذي كان فيه أول آية قرآنية أقرأ. 

الصين في تراثه القديم عند الباحثين جنة المؤرخين ولا زال دفعها على أمتداد التاريخ متجدد المراسم والأثر. ولذا التعليم والتثقيف البيتي له مكانة وامتداد عبر الأجيال وله أحترام خاص. سيأتي تفصيله. وكذلك التثقيف البيتي بمثابة التعليم المدرسي للسواد الأعظم من أبناء عامة الشعب الذي لم يستطيعوا الإلتحاق بالمدارس وتلقي العلم. التالي ذكر بعض تفصيل عن التعليم في الصين قديما؛

أورد كتاب "لمحة عن الثقافة في الصين" للمؤلف تشنغ يوي تشن وترجمه للعربية عبدالعزيز حمدي صفحة 258 أن كلمة التعليم في اللغة الصينية تتألف من مقطعين؛ المقطع الاول يدل على إدراك المرء لمعنى الكلمات وعُثر عليه منقوشا على عظام الحيوانات ودروع السلاحف. المقطع الثاني فهو مقطع صوري صوتي وشكله في الخط الصيني القديم (شوان) عبارة عن طفل في وضع مقلوب حيث كان الأقدمون يعتقدون إن الطفل في الوضع المقلوب هو طفل عاق وليس مطيعا لوالديه، ويقومون بإرشاده وهدايته حتى يكون إنسانا طيبا خيرا. ولهذا يكون المقطعين لكلمة التعليم معناهما غرس الأخلاق الحميدة داخل الانسان وتهذيبه. 

تجلى الإهتمام بالتعليم في الصين قديما في إبراز مكانة المعلم، وتشجيع المجتمع بأسره على إحترامه وتبجيله يعضد هذا الموروث الفلسفي الذي يجعل الأجداد والملك والمعلم على قدم المساواة. وفي المأثور الصيني القديم "لا يوجد سوى التعليم يحتل مكانة رفيعة المستوى أما الأشياء الاخرى تأتي في مكانة متواضعة". وهناك من الناس يعلقون على أبواب دورهم لافتة مكتوب عليها مقطع شعري مؤلف من بيتين هما؛
"الزراعة والتعلُّم من الموروثات الموغلة في القدم، وقرض الشعر ومطالعة الكتب تتوارثها الاجيال في الآجال البعيدة". ولذلك يُعد التعلم والزراعة من الأعمال العظيمة تتوارثها الأسر في الصين. وهما خاصيتان أساسيتان في الثقافة القديمة لدى الصينيين. 

الملوك والحكام والوزراء والإقطاعيون يعتبرون التعلم عمل مقدس ولا يسمح لإي عمل من شأنه إزدراء أو تشويه هذه المهمة. لذا أطلق الصينيون لقب المثقفون الفقراء لكوكبة كبيرة من المثقفين بسبب أوضاعهم الاقتصادية المترديه بيد أنهم حظوا باحترام الناس على نطاق واسع في مجال المعرفة ومراسم الطقوس. 

تهذيب الأخلاق وتوريثها بين المعلمين كان له نصيب واهتمام ويهدف لإخراج متعلمين يصلحوا ان يكونوا موظفين رسميين تحتاجهم الطبقة الحاكمة. 

التعليم كان لتعليم المرء كيف يكون إنسانا ولم يكن هدفه الأساسي تعليمه الإبداع والابتكار او تغيير المجتمع وهذا أستمر عبر التاريخ. ولهذا يقول الفيلسوف الصيني مينشيوس (371-289) ق.م؛ الإنسان النبيل يتمتع بمباهج أحدها تنعم عليه السماء بالكفاءة العالية وتقوم على تعليمه.

أما التثقيف البيتي فتذكر سجلات الوثائق القديمة في الصين أن أقدم تثقيف بيتي عرفته الصين عام 1046 ق.م اثناء حكم أسرة تشو. مفاهيم الإخلاص وبرّ الوالدين واللياقة وآداب المعاملة والاستقامة هي متطلبات التثقيف البيتي. العالم التربوي "يان جي توي" وهو من الجيل اللاحق لمريدي كونفوشيوس ألف كتاباً بعنوان "يان وتربية الأسرة"يحتوي على أثني عشر فصلاً ويشمل كافة المجالات للتثقيف البيتي، ويتحلى الكتاب بالإيجابية والفاعلية وإحترام الكبير وحب الصغير والجد والاجتهاد والاقتصاد في الإنفاق والبساطة والشرف والاستقامة. 

يعتبر هذا الكتاب أول كتاب متخصص في التثقيف البيتي ظهر في الصين. وكتاب "حكمة ترتيب شؤون الاسرة" لمؤلفة جو باولو أثناء حكم أسرة تشينغ ركز على الحِكَم والأقوال المأثورة في تربية الأسرة ويتحلى بالمضمون الثري والاقتراب من الحياة ويروق للخاصة والعامة من الناس لسهولته. وهنالك من الموروث التقليدي للتعليم البيتي أن أحدهم إذا أتاه ضيف يهرول لاستقباله ويتطلع إلى رؤية الأكفاء الزائرين منهم. 

أشتهرت عند الكونفوشيوسية في سفر القصائد وسفر الآداب مضامين أساسية للتثقيف البيتي والتي تعتبر خميرة المؤلفات الدراسية الحديثة في تناول القيم والآداب عند المجتمع الصيني. 

هكذا كانت الصين عبر التأريخ الذي أمتد التعليم فيها عبر الأجيال، وهو في نمو مُطَّرِد وتلامس حيّ مع التقنية والتصنيع وتبادل المعرفة مع الغير.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .