العدد 5680
الجمعة 03 مايو 2024
banner
بين البحرين والصين.. نصائح “صندوق النقد” لاستدامة مدعومة بالذكاء الاصطناعي
الجمعة 03 مايو 2024

تبدو المفارقة كبيرة بين البحرين والصين، على مستوى المساحة والسكان، إلا أن صندوق النقد، اختار الدولتين، رغم المفارقة، ليؤسس لاتجاه تحتاجه بقية الدول، من أجل تنمية مستدامة مدعومة بالذكاء الصناعي.
الدولة العملاقة حجما وسكانا، وهي الصين، قدمها الصندوق نموذجا عمليا للدولة التي طوعت الذكاء الصناعي للتنمية المستدامة، بينما اختار الدولة الصغيرة حجما وسكانا، لكنها ثقيلة وزنا، وهي البحرين، ليقدم روشتة عبر ورشة من أجل التنمية المستدامة.
وانتهت قبل يومين ورشة عمل أقامها صندوق النقد الدولي بالتعاون مع وزارة التنمية المستدامة بالمملكة، هي الأولى من نوعها على المستوى الدولي حول استخدام “أداة صندوق النقد الدولي لتمويل أهداف التنمية المستدامة”.
ومع تسارع وتيرة التطورات التكنولوجية، وتحديدا ثورة الذكاء الاصطناعي، يزداد قلق الدول والمجتمعات تجاه كيفية الاستعداد الأمثل لهذه الثورة والاستفادة منها بأفضل شكل ممكن، أملا في تحقيق تنمية مستدامة.
 وسعيا لتهدئة ذلك القلق، يقدم صندوق النقد الدولي للدول التي تبدي استعدادا لمواكبة تلك الثورة الهائلة، روشتة من أربعة محاور رئيسة لبناء الصلابة والاستدامة والقدرة على الانتقال إلى عصر الذكاء الاصطناعي بنجاح، يمكن تلخيصها في الآتي وفقا لروشتة الصندوق المعلنة:
أولا: البنية الأساسية الرقمية المتطورة القوية
تُعدّ البنية الأساسية الرقمية القوية ضروريةً لتمكين التكنولوجيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي من العمل بشكل سلس وفعال.
 يشمل ذلك توفير شبكات إنترنت سريعة وموثوقة، وبنية تحتية سحابية قوية، والوصول إلى البيانات المفتوحة.
وتعد البحرين على رأس الدول ذات البنية التقنية المتطورة والقوية، حد أن أمازون العملاقة اختارت البحرين لإطلاق أكبر مراكز بياناتها، لتساعد الشركة 69 موقعاً لتوفير الخدمات في 22 منطقة جغرافية حول العالم.
ثانيا: تنظيم وتنمية أسواق العمل ورأس المال
يُتوقع أن تُحدث ثورة الذكاء الاصطناعي تغييرات جذرية في أسواق العمل، حيث ستُصبح بعض الوظائف آلية، بينما ستظهر وظائف جديدة لم تكن موجودة من قبل.
 لذلك، من المهم تطوير مهارات القوى العاملة لتمكينها من التكيف مع هذه التغييرات، بالإضافة إلى ضمان توفير فرص العمل الجديدة.
وهذه النصيحة ربما تمثل فرصة ذهبية للبحرين خصوصا ودول الخليج عموما، حيث كانت المنطقة تعاني من قلة العمالة مع خطط تنمية طموحة للغاية، ومن ثمة، فكون الذكاء الصناعي مهدد بخفض العمالة، فهو فرصة لمساعي الخليج لتمكين أبنائه من الوظائف، بحيث يمكن إنجاز المهام الآلية التي كانت تحتاج استقدام عمالة من الخارج، عبر التقنيات التي يديرها أبناء الخليج.
(اقرأ المقال كاملا بالموقع الالكتروني)

ثالثا: تعزيز التجديد والابتكار التكنولوجي
يُعدّ الابتكار ضرورياً لضمان استمرار التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي وتطوير تطبيقات جديدة مفيدة للمجتمع. 
لذلك، من المهم دعم البحث والتطوير في هذا المجال، وتشجيع الشركات على الاستثمار في التكنولوجيات الجديدة، وهو واحد من ضمن أهداف التنمية المستدامة التي تضعها المملكة ضمن خططها الاستراتيجية.
رابعا: تطوير اللوائح والإجراءات وأخلاقيات العمل والإنتاج
مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، تزداد الحاجة إلى تطوير لوائح وإجراءات تضمن استخدامها بشكل مسؤول وأخلاقي. 
يشمل ذلك معالجة المخاطر مثل التحيز والتمييز، وضمان إحترام خصوصية البيانات.
الصين: نموذج رائد 
وقدم الصندوق ـ خلال الروشتة ـ تجربة الصين باعتبار ما تقوم به الصين في المجالات الأربعة المذكورة أعلاه نموذجاً رائداً للاستعداد لثورة الذكاء الاصطناعي. 
غير أن المعضلة التي تواجه العملاق الصيني، هي في كون الذكاء الصناعي سيفقد عشرات الملايين من الصينيين لوظائفهم، وهو عبء ضخم يمكن أن يمثل أزمة كبرى للبلاد.
ويمثل النمو الأخضر ميزة إضافية للصين، حيث تتصدر العالم في إنتاج الطاقة المتجددة ومستلزمات إنتاجها وتطوير التكنولوجيا الدافعة لها، باعتباره عنصراً مهماً للتنمية المستدامة.
وعودة للورشة المقامة مؤخراً بالمملكة، والتي ناقشت هذه التوجهات، فقد جاء اختيار إدارة الشؤون المالية بصندوق النقد الدولي مملكة البحرين لتكون الوجهة الأولى على المستوى الدولي لعقد الورشة، أمرا له دلالة لا تخفى على أحد على مكانة المملكة لدى المؤسسات الدولية وهي تقوم بتقييم الدول بناء على جديتها في التنمية المستدامة.

 

* كاتب مصري وخبير بالاقتصاد الرقمي

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .