العدد 5675
الأحد 28 أبريل 2024
banner
هل تمارس “ميتا” معنا ألاعيب الساحر بورق الكوتشينة؟
الأحد 28 أبريل 2024

خطر ببالي شراء لابتوب جديد، سرعان ما وجدت إعلانات عن أحدث أجهزة اللابتوب تترى على كل الشاشات التي أطالعها: من الهاتف النقال إلى اللابتوب، ومن الفيسبوك إلى الواتساب.
هل تلاحظون مثلي أن ما تفكرون به، سرعان ماتجدون إعلانات عنه فورا على مواقع التواصل؟
هناك تفسيران ثانيهما مرعب، لنبدأ بأولهما: أن المرء حينما يفكر بشيء، فإن تفكيره فيه إما مستدعى من شيء رآه بالفعل في متجر واقعي أو افتراضي، كان يبحث بالفعل عن شيء فيه، وتوقف عنده، فالتقطت كاميرا الهاتف ذاك الشيء، باعتبارها مفتوحة طوال الوقت بإذن من المستخدم الموقع بشكل أعمى على اتفاقية الاستخدام التي تتيح لمواقع التواصل استخدام الكاميرا والميكروفون طوال الوقت، ومن ثم، تحلل آليا كل كلمة في الهاتف أو نظرة على صفحات التواصل أو في حركة في الواقع، وتستحضر الإعلانات المتعلقة بها أمامك على الشاشة.
هذا تفسير علمي ومنطقي، خلاف تفسير آخر لا يستوعبه العقل حتى اللحظة، لكنه يظل احتمالًا مرعبًا: أن وسائل التواصل توصلت لتقنيات متقدمة جدا، بمقدورها قراءة الأفكار.
اختبرت الفيسبوك مرة، وفكرت صامتا مغمض العينين في منتج ما، المفاجأة المدهشة أنني وجدت إعلاناته تترى على شاشة الهاتف على الفيسبوك بعدها بدقائق.
لا أميل للتفسيرات غير العلمية وغير المنطقية، ولا تستهويني الماورائيات، غير أن ما يجري بالفعل أمر فوق قدرة العقل على التفسير، إلا أن تكون شركة ميتا ـ التي كشفت مؤخرًا عن استثمار نحو أربعين مليار دولار على تقنيات الذكاء الصناعي، حد أن أسهمها هوت بنسبة 19 % بعد ما فاق الإنفاق سقف التوقعات ـ قد تكون قد استثمرت كل تلك المبالغ الطائلة لتلعب معنا على منصاتها المختلفة لعبة ورق الكوتشينة التي يؤديها الساحر لتختار إحداها دون إعلان، حينما يعرض عليك أوراقا ثم يخبرك بالورقة التي اخترتها في عقلك دون أن تتلفظ بها، وهي حيلة بات سرها معروفًا، ومفادها أن الساحر يوحي إلى عقلك بطريقة ما ـ عبر تكرار نفس الورقة أمامك أكثر من مرة ـ باختيارها دون غيرها.
ربما وصلت ميتا إلى حيلة شبيهة، عبر تطويع الذكاء الصناعي ليتلاعب بعقولنا، فلا ينتظر أن نختار منتجا ما، ولكن يلح علينا بالصورة والكلمة والفيديو ليوجهها إلى منتج ما، وبالتالي تخطر على بالنا، فنجدها على مواقع التواصل، وهو اتجاه ربما يستحق كل تلك المليارات المدفوعة فيه، فمن يملكها سيتحكم ولا ريب في توجهات السوق وأذواق المستهلكين، ضمن المحور الثاني من محاور خطط مارك زوكربيرج للاستحواذ على سوق الإعلانات الافتراضية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية