العدد 2946
الإثنين 07 نوفمبر 2016
banner
الجميع يفكر في تغيير العالم ولكن...
الإثنين 07 نوفمبر 2016

 

(1)

إذا كنت تعتقد أن كلفة التغيير باهظة.. جرِّب السكون فهو التخلف بعينه. ولكن هل يمكننا فرض التغيير مهما كان نوع ومسار هذا التغيير بالقوة أو باستخدام السلطة الإدارية؟ هل يمكننا إحداث التغيير في أي مجتمع أو أي مؤسسة بقرار سياسي أو إداري يأتي من رأس المؤسسة أو السلطة؟ هل تحتاج عملية التغيير إلى تطبيق مبدأ ليكن القائد هو القدوة في تطبيق التغيير؟ ليكتب لهذه العملية النجاح؟

في هذا الموضوع يقول الدكتور غازي القصيبي رحمه الله على لسان أنديرا غاندي “لقد كانت الرغبة في فرض التطور غلطة الشاه الأساسية. وكانت غلطة أتاتورك قبله. لقد تصورا أن التغيير يمكن أن يتم بقرار حكومي. هذه نظرة خاطئة. الناس أنفسهم هم الذين يحددون سرعة التغيير ولا يمكن أن تفرض عليهم الدولة أن يتغيروا حسب هواها”، انتهى الاقتباس.

وبعيداً عن السياسة، يقول خبير الإدارة جون سي ماكسويل نقلاً عن المؤلف الحائز على جائزة نوبل (جون شتاينبيك) إن طبيعة البشر عندما يتقدمون في العمر هي الاعتراض على التغيير، خصوصا التغيير إلى الأفضل. ويتابع ماكسويل معلقاً: معظم الناس لا يحبون التغيير. تلك حقيقة إلا أن إحدى أهم مسؤوليات القادة هي أن يحسنوا ويطوروا مؤسساتهم باستمرار، ويضيف ماكسويل قائلاً عن دور القائد في عملية التغيير: “وكقائد عليك أن تدرب نفسك على اعتناق التغيير والرغبة فيه. ومحاولة صنعه. القادة الناجحون لا يكونون مستعدين للتغيير فحسب، إنهم يصبحون عوامل تغيير”. انتهى الاقتباس. إذن، لا يكفي أبداً أن يتحدث القائد الإداري عن التغيير دون أن يكون معتنقاً به ومطبقاً له. أي أن يكون هو القدوة. عزيزي القارئ أمامك أعرض هذا الموقف.

(2)

عند تسلُم الرئيس التنفيذي مهامه وفي أول اجتماع له مع نوابه ومساعديه طرح مشروع تغيير الأسلوب التقليدي، كما أسماه، المتبع في تقييم الأداء الوظيفي، إذ ركز على أن يكون هذا التقييم مربوطًا بالإنتاجية ومدى تحقيق الموظف لأهداف المؤسسة واعتباره أساساً للترقية والمكافآت والحوافز.

طلب الرئيس من الحضور مساندته ودعمه في تطبيق هذا المبدأ الذي هو خروج عن المألوف في هذه المؤسسة. رفع الرئيس مشروعه إلى مجلس الإدارة الذي بارك هذا التغيير وأكد مساندته ودعمه. قامت المؤسسة بتنظيم العديد من ورش العمل والدورات التدريبية وبرامج التهيئة لإنجاح هذا المشروع المهم الذي سيرسخ مبدأ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص للجميع. 

بدأ تأثير تلك الورش والدورات والبرامج يبان على رد فعل العاملين تجاه تطبيق ذلك المشروع، فقد بدأت أعراض التخوف والرهبة وعدم الطمأنينة لديهم في التلاشي شيئاً فشيئاً. وكاد المشروع أن يرى النور وينجح لولا القرار غير المهني من قبل الرئيس. فقد أصدر الرئيس قراراً بتعيين مدير مكتبه رئيساً تنفيذيا للجنة المكلفة بالإشراف على تنفيذ المشروع. هذا المدير لا تنقصه الخبرة الإدارية والقيادية فحسب، بل إن مسؤولياته الوظيفية لم تتعد أعمال السكرتارية واستقبال الضيوف. هذا القرار أصاب الجميع بالإحباط والدهشة الشديدة التي ألزمتهم الصمت بعد أن فقدوا الاهتمام ليس بذاك المشروع فقط وإنما بالعمل بوجه عام.

(3)

يقول ليو تولستوي: “الجميع يفكر في تغيير العالم ولكن لا أحد يفكر في تغيير نفسه”. انتهى الاقتباس. وهكذا كان الحال مع ذاك الرئيس التنفيذي، فقد طرح موضوعاً في غاية الأهمية وهو تغيير الأسلوب التقليدي المتبع في تقييم وإدارة الأداء إلى أسلوب علمي يعتمد على قياس مدى مساهمة الموظف في تحقيق أهداف المؤسسة إلى جانب انضباطه وتمسكه بأخلاقيات وقيم العمل إضافة إلى تعزيز مهارات العمل لديه. موضوع في غاية الأهمية كما قلنا ولكنه - أي الرئيس - لم ينجح في مسعاه؛ وذلك لأسباب أهمها أنه هو لم يتغير، فقد خرق أحد المبادئ الرئيسة التي كان ينادي بها ويصر على تطبيقها وهو وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وبالتالي فقد ثقة العاملين الذين هم أساس نجاح أي عملية تغيير. 

فلكي تنجح عملية التغيير في المؤسسة لابد أن يكون رأس تلك المؤسسة هو المحرك الرئيس لتلك العملية والمراقب المتابع لتنفيذ خطتها العملية وأن يكون هو دائما القدوة التي يجب أن يحتذى وإلا أصبحت استراتيجية التغيير إطاراً جميلاً ولكنه فارغ من أي محتوى.

 

سيدي القارئ، ما رأيك في دور القائد الإداري في إحداث التغيير؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .