+A
A-

شيوخ دين: من مُنع عن أداء الحج هذا العام له الأجر كاملاً

الجودر: التصدق لا يغني عن الحج ومن يتوفى تؤدَى عنه الفريضة

العرادي: حفظ بالأموال حتى لا يقع الفرد في عسر السنة المقبلة

الرويعي: حصول الأجر بسبب الظروف لا يعني سقوط الفريضة

الكوهجي: من نوى الحج ومنعه مانع فأجره حاصل بإذن الله

العصفور: الاحتفاظ بالمال للسنة المقبلة بعد إخراج الحق الشرعي

 

بسبب انتشار جائحة كوفيد 19، فقد تقرر إقامة حج هذا العام بأعداد محدودة من داخل المملكة العربية السعودية فقط، حيث استكملت الأجهزة الحكومية بالمملكة العربية السعودية ذات العلاقة استعداداتها وخططها لاستقبال ضيوف الرحمن، وذلك في وسط أجواء صحية وإجراءات آمنة مشددة؛ تحقيقا لمتطلبات الوقاية وعلى رأسها التباعد الاجتماعي، وضمان سلامة وعدم إصابة حجاج بيت الله الحرام بفيروس كورونا.

من جانبهم، أجمع شيوخ مملكة البحرين على أنه يمكن أن يتصدق الشخص المقرر أن يقوم بأداء فريضة الحج هذا العام على الفقراء والمساكين والمتضررين من جائحة الكورونا خصوصا بعدما خلفت هذه الجائحة الكثير من الركود الاقتصادي، وذلك كلّ حسب استطاعته ولا حرج في الأمر، مع ضمان أن يسافر العام المقبل لأداء الفريضة.

وأضافوا أنه كتب للحاج هذا العام في حال لم يتمكن بسبب الظروف من أداء فريضة الحج الأجر كاملاً حسب نيته، منوهين بأن ذلك لا يعني بأن تسقط فريضة أداء مناسك الحج على المسلم.

وفي هذا الإطار، قال الشيخ صلاح الجودر خطيب جامع الخير وعضو مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلم: من ادخر مالا للحج ولم يتمكن لهذه الظروف من أداء فريضة الحج أو النافلة يحصل له الأجر كاملا بالنية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات)، ولكن ذلك لا يغني عن أداء فريضة الحج، ولا تسقط عنه، ويجب عليه أداؤها، فإن تُوفي يمكن أداء الفريضة عنه.

وبين بأنه يمكن لمن نوى الحج وتعذر له ذلك بأي ظرف مثل جائحة كورونا المستجد بأن يتصدق على الفقراء والمساكين والمعسرين والغارمين والمتضررين، خصوصا لمن قام بحجة الإسلام في سنوات ماضية، ونتمنى أن يكون التصدق إلى أولي القربى من الأهل والجيران وأبناء الوطن، امتثالا لقوله تعالى: (وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون)، فإن حصل اكتفاء، فإنه يتصدق على من هو خارج الوطن من خلال الجمعيات والصناديق الخيرية.

وتابع: يمكن لمن لم يؤد فريضة الحج ولم يقم ركن الإسلام العظيم (الحج)، ويخشى ألا يستطيع توفير المال للحج في العام المقبل أن يحتفظ بهذا المال لأداء الفريضة بالعام القادم.

إخراج الزكاة

ودعا الشيخ محمد إبراهيم الكوهجي صاحب المال لصرف ماله في ما أراد وقت ما أراد، بل على العكس، فقد ارتأى عدد من الأئمة أن الصدقات أفضل من حج التطوع، ففي مواهب الجليل: “سئل الإمام مالك عن الحج والصدقة أيهما أحب إليك؟ فقال: الحج، إلا أن تكون سنة مجاعة”.

أضاف: في حال أجّل أداء الحج إلى السنة المقبلة، فللشخص حفظ ماله للعام المقبل مع التنبه لإخراج زكاته إذا حال عليها الحول.

ومضى قائلا: من عظيم كرم الله تعالى أنه يجازي على نية العمل الصالح وإن لم يفعل، فقد صح في الحديث القدسي الذي رواه الشيخان “إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إلَى سَبْعِمِئَةِ ضِعْفٍ إلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً”، فمن نوى الحج ومنعه مانع فأجره حاصل بإذن الله تعالى.

الحق الشرعي

من جهته، أوضح الشيخ مجيد العصفور بأن أداء الحج يتوجب على المسلم إذا أصبح مستطيعا، ومن الاستطاعة فتح الطريق للسفر إلى مكة المكرمة وأداء جميع المناسك، وتسقط الاستطاعة حين توقف حركة السفر لسبب قاهر، ولا تتوقف الاستطاعة على توفر القدرة المالية، لذلك فإن من توفرت له الاستطاعة المالية للحج هذا العام لا يعتبر مستطيعا لانقطاع الطريق.

وأردف قائلا: قد يرغب المسلم الحج تطوعا وعزم على ذلك لكن إغلاق باب السفر منعه، ففي الحالتين يجوز التصدق بما توفر من المال للفقراء والمحتاجين ولا سيما المتضررين بسبب جائحة كورونا، فيما يمكن الاحتفاظ بالمال للسنة المقبلة بعد إخراج الحق الشرعي في المال إذا تعلق به.

إلى ذلك، لفت الشيخ محمد بن علي الرويعي بأنه إذا منع المسلمَ مانعٌ من حج بيت الله تعالى، وهو قد أعد نفسه لذلك، فإن أجر الحج فريضة أو نافلة حاصل له بفضل الله سبحانه وتعالى الواسع وكرمه العميم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم “إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها، كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها، كتبها الله عز وجل عنده عشر حسنات إلى سبعمئة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها، كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها، كتبها الله سيئة واحد”، ومعلوم أن حصول الأجر بسبب الظروف الراهنة لا يعني أن فريضة الحج قد سقطت من ذمة المسلم، بل عليه حج بيت الله تعالى متى ما تهيئت الظروف واستطاع إلى ذلك سبيلا.

أما بالنسبة للمال وإنفاقه، فدعا الرويعي إلى التصدق على الفقراء والمتضررين، مشيرا إلى أنه أمر مطلوب في كل وقت وحين، والنبي عليه الصلاة والسلام بيّن جزاء الصدقة وثوابها الدنيوي والأخروي في أحاديث متعددة كثيرة، منها أنها تطفئ غضب الرب، وأنها يوم القيامة تكون ظلاً لصاحبها، وكذلك تقي المتصدق من ميت السوء والعياذ بالله تعالى. أما الأموال التي ادخرها صاحبها للحج، فلم يستطع الحج بها، فهي مال من أمواله يتصرف فيها كيفما شاء، فإذا أراد التصدق، فله أن يتصدق بجزء منه أو بكله وله ثواب الصدقة فقط.

وأنهى حديثه بالقول: يحق لمن ادخر مالا للحج ولم يستطع الحج لأي سبب كان، فله أن يحتفظ بالمال إلى السنة المقبلة رجاء أن تفتح أبواب السفر إلى تلك البقاع الطاهرة. مع الأخذ في الاعتبار أن المسلم إذا مر عليه حول الزكاة وهذه الأموال في حوزته، فإنه يجب عليه أن يحسبها من ضمن أمواله عند احتساب أموال الزكاة.

العسر والحرج

وقال الشيخ محمد سعيد العرادي: إنه في حال كانت تلك الأموال المدخرة للحج للشخص الذي يحج لأول مرة ولم يوفق للذهاب لأداء فريضة الحج لظرف معين خارج عن إرادته، فالفقهاء يقولون إن وجوب الحج مستقر في ذمته، فيجب أن يحتفظ بتلك الأموال للعام المقبل لأداء فريضة الحج ولا يصح أن يصرفها على الفقراء والمساكين دون أداء فريضة الحج في السنة المقبلة لاسيما إذا وقع في عسر وحرج لجمع الأموال من جديد، فالحج واجب وقد حصلت له الاستطاعة وإعطاء الفقراء مستحب ولا يجوز التفريط في الواجبات لأجل المستحبات، فلا قربة للنوافل إذا أضرت بالفرائض كما جاء في الحديث. ولذلك وجب أن يحتفظ بالأموال لأداء الفريضة للسنة المقبلة.

وأردف قائلا: في حال سبق أن ذهب لأداء فريضة الحج، فتكون هذه الحجة هي مستحبة، فيمكن له أن يتصدق للفقراء والمتضررين بالأموال المخصصة للحج المستحب، وسيخلف عليه بعد تصدقه بزيادة في أمواله ورزقه ودفع أنواع البلاء عنه ،علاوة على الثواب العظيم الذي يناله يوم القيامة، فلقد ورد في الحديث الشريف: إن الصدقة لتطفئ عن أهلها حر القبور، وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقات.

وأضاف: وكذلك ورد بأن الصدقة تدفع البلاء، وهي أنجح دواء، وتدفع القضاء وقد أبرم إبراما، ولا يذهب بالأدواء إلا الدعاء والصدقة.

ونوه بأنه في حال وجود نية أداء فريضة الحج، ولكن لم يوفق لأدائه، فهو مثاب على هذه النية أيضا، فلقد ورد في الروايات الشريفة: بأن الأعمال بالنيات ولكل أمرئ ما نوى، وأن نية المؤمن خيرٌ من عمله، إذ إن الدافع للعمل هو النية بشرط أن تكون مخلصة لله تعالى.