+A
A-

سفير الهند: معدلات نمو البحرين جديرة بالتأمل والاحترام

20 % معدل النمو التجاري بين البحرين والهند في 3 أعوام

جذور العلاقات التاريخية نمت على أرضية التجارة والثقافة

تكنولوجيا الفضاء تمنح دول المنطقة قدرات متطورة تعزز الأمن والاستقرار

التعاون في مجال “الفنتك” يزداد عمقا مع استمرار نمو القطاع المالي في البحرين

حجم التجارة بين البلدين تجاوز 1.2 مليار دولار حتى مارس الماضي

الحضور الهندي الكبير بالبحرين عزز التجارة البينية متجاوزا القيود العالمية

رؤية “2030” أوجدت فرصا جديدة لتعزيز الصادرات البحرينية إلى الهند

نمو التجارة البينية يعكس الثقة المتبادلة في اقتصاد البلدين

الإشراف على بناء مقر السفارة الجديد والترتيب لزيارة مودي أهم إنجازين شهدتهما أثناء عملي بالبحرين

 

أبدى سفير جمهورية الهند لدى مملكة البحرين ألوك كومار سينها إعجابه الشديد بقوة أداء الاقتصاد البحريني رغم تباطؤ الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أن المملكة تعد من الاقتصادات الصاعدة في المنطقة، إذ تحقق معدلات نمو جديرة بالتأمل والاحترام في ظل السياسات الموضوعة وفق الرؤية الاقتصادية 2030.

وأوضح السفير الهندي، في حوار أجرته معه “البلاد” بمقر السفارة الهندية بمنطقة السيف بحضور رئيس مجلس إدارة الصحيفة عبدالنبي الشعلة ورئيس التحرير مؤنس المردي، أن رئيس وزراء جمهورية الهند ناريندرا مودي وقع لدى زيارته التاريخية للبحرين أغسطس الماضي بدعوة من رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، عددا من مذكرات التفاهم والاتفاقات الثنائية التي من شأنها تعزيز مجالات التعاون بين البلدين ونقلها إلى آفاق أرحب، معربا عن اعتزازه الكبير بكونه ممثلا لبلاده في البحرين في الوقت الذي يزور أول رئيس وزراء للهند المملكة.

وقال إن التعاون في مجال الفضاء في البلدين دخل حيز التنفيذ، إذ يخضع اثنان من علماء الفضاء البحرينيين حاليا لبرنامج تدريب مكثف في الهند يتمحور حول كيفية بناء قمر اصطناعي من نوع “نانو ستلايت”، وهو نوع من الأقمار الاصطناعية المستخدمة في الاتصالات والمراقبة والاستكشاف، وغيرها من الأغراض الأخرى التي تلبي احتياجات المملكة، مشيرا إلى أن القمر الاصطناعي متوقع إطلاقه العام المقبل. وفيما يلي نص اللقاء:

 

كيف تصف الزيارة التاريخية لرئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى البحرين، وما النتائج المتوقعة من مذكرات التفاهم التي وقعتها البحرين والهند أثناء هذه الزيارة؟

زيارة رئيس الوزراء ناريندرا مودي تعد حدثا تاريخيا مهما؛ كونها أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي إلى مملكة البحرين، الأمر الذي من شأنه تعزيز التعاون الثنائي ونقل العلاقات الأخوية الطويلة الأمد بين البلدين إلى آفاق أرحب. وتم أثناء الزيارة التوقيع على إعلان نوايا بشأن التعاون بين المنظمة الهندية لأبحاث الفضاء والهيئة الوطنية لعلوم الفضاء في البحرين بشأن مجالات التعاون في تكنولوجيا الفضاء وتدريب علماء الفضاء البحرينيين في الهند على كيفية كيفية بناء قمر اصطناعي من نوع “نانو ستلايت”، وإطلاقه في العام المقبل، كما يتعاون البلدان لبناء محطة أرضية في البحرين لاستقبال الإشارات، وتطوير القدرات البحرينية للتعامل مع البيانات التي يرسلها القمر الاصطناعي.

الشهر الماضي سافر اثنان من علماء الفضاء البحرينيين إلى الهند لتلقي تدريب مكثف على بناء الـ “نانو ستلايت”، وسيكملان برنامج التدريب في ديسمبر ثم يعودان إلى البحرين لبدء العمل على هذا المشروع، الذي سيحسن قدرات البحرين في مجالات الاتصالات والمراقبة والاستكشاف، وغيرها من الأغراض الأخرى التي تلبي احتياجات المملكة. تكنولوجيا الفضاء تمنح دول المنطقة قدرات متطورة سيكون لها تأثير إيجابي في تعزيز الأمن والاستقرار بما يخدم دول المنطقة والهند أيضا؛ نظرا لوجود مصالح مشتركة بين الهند ودول الخليج العربية. زيارة ناريندرا مودي إلى البحرين أكدت كذلك على أهمية التعاون الثنائي، وسلطت الضوء على المصالح المشتركة التي تجمع الهند بدول الخليج.

تلقت العلاقات الاقتصادية الثنائية والاستثمار المشترك دعما نتيجة زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى البحرين. ما تعليق السفير على الفرص الجديدة بين البحرين والهند خصوصا للشركات الناشئة؟

ثمة كثير من مجالات التعاون، وسبق زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى البحرين توقيع مذكرات تفاهم خلال زيارة وفد مجلس التنمية الاقتصادية البحريني إلى بومباي؛ في مجال دعم الشركات الناشئة، وبعد ذلك زار وفد بحريني الهند؛ لبحث التعاون في مجالي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتكنولوجيا المالية (فنتك)، وتم تحديد المجالات التي يمكن أن تعمل فيها الشركات الهندية والبحرينية سويا لتوفير التكنولوجية المالية. ولا يزال المجال واسعا لتعزيز التعاون في هذا الشأن. ومع استمرار نمو القطاع المالي في البحرين سيزداد التعاون بين البلدين في مجال “الفنتك” عمقا.

مؤشرات أداء القطاع المالي في البحرين جيدة، وهذا أتاح للشركات الهندية العاملة في البحرين منذ أكثر من 4 عقود فرصا للنمو.

 

ما حجم التبادل التجاري بين البحرين والهند؟ وما توقعات النمو التجاري بين البلدين؟ وما إمكانات تنويع هيكلية الصادرات الهندية إلى البحرين على أساس قطاعات النمو الجديدة التي تتمتع فيها الهند بميزة تنافسية عالمية؟

على مدار الأعوام الثلاثة الماضية نمت التجارة بين بلدينا على أساس معدل سنوي يقدر بنحو 20 %، أي بما يعادل من 600 إلى 700 مليون دولار سنويا، وتجاوز حجم التجارة بين البلدين 1.2 مليار دولار حتى مارس الماضي. وهذا النمو يتحقق رغم تراجع مؤشرات الاقتصاد العالمي، ويعكس الثقة المتبادلة في اقتصاد البلدين، ويرجع أيضا إلى الانخراط الاقتصادي الحاصل بين البلدين، فنحن على الصعيد الاقتصادي في موقع أفضل في البحرين بالمقارنة بدول كثيرة أخرى، وهذا يعود إلى وجود جالية هندية كبيرة تعمل في مجالات كثيرة كالقطاع المالي والخدمات والصناعات والإنشاءات والضيافة، وهذا الحضور عزز التجارة البينية متجاوزا القيود التجارية العالمية.

الصادرات الهندية إلى البحرين تنوعت في الآونة الأخيرة، إذ إنها كانت تقتصر في الماضي على المواد الغذائية والمجوهرات، أما اليوم فتصدّر الهند الأجهزة الكهربائية وقطع غيار السيارات والمعدات الميكانيكية والعديد من المنتجات الصناعية الأخرى، وهذا أتاح إمكانًا لمزيد من النمو. كما أن الرؤية الاقتصادية 2030 في البحرين أوجدت أيضا فرصا جديدة لتعزيز الصادرات البحرينية إلى الهند.

 

تفيد التقارير بأن الهنود هم أكبر جنسية مستثمرة في البحرين بعد البحرينيين أنفسهم، ما الذي يجعل المملكة جاذبة للاستثمارات الهندية؟

هناك سببان رئيسان يجعلان البحرين بيئة جاذبة للاستثمارات الهندية؛ أولا العلاقات التاريخية التي تتمتع بها الجالية الهندية مع الشعب البحريني، فالهنود يرون البحرين بلدهم الثاني، إذ تتميز البحرين بالتعايش السلمي وقبول الآخر، والمعبد الهندي الموجود في البحرين منذ 200 عام خير شاهد على ذلك، ولا يشعر الهنود الذين يعيشون في البحرين بأنهم في بلد غريب، حيث يمكنهم ممارسة شعائرهم وثقافتهم بكامل الحرية، كما تلقى الجالية الهندية في البحرين احتراما كبيرا سواء على مستوى القيادة أو على مستوى الشعب البحريني. هذا ويحرص جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد على توفير كل سبل الدعم لأفراد الجالية الهندية، كل ذلك أسهم في تعزيز ثقة مجتمع الأعمال الهندي في البحرين.

أما السبب الثاني، هو سجل النجاحات التي حققها مجتمع الأعمال الهندي في البحرين، فإذا نظرنا إلى تاريخ الأعمال الهندية في المملكة، سنجد أن الجميع أدوا بشكل ممتاز وحققوا نموا كبيرا وجنوا أرباحا، وهذه النجاحات تشجع مزيدا من الشركات الهندية على الاستثمار في المملكة، حيث بلغت عدد فروع الشركات الهندية العاملة في البحرين 3212 فرعا، ويقدر حجم الاستثمارات الهندية في البحرين بنحو ملياري دولار، بحسب بعض الدراسات.

 

ما الأثر الذي ستحدثه مذكرات التفاهم التي تم توقيعها أثناء زيارة رئيس الوزراء ناريندرا مودي على برامج التبادل الثقافي بين الهند والبحرين؟

جذور العلاقات التاريخية بين البحرين والهند نمت على أرضية التجارة والثقافة، ويوجد بالفعل تقارب كبير بين البلدين في مجالي التجارة والثقافة، واعتراف واضح بالعلاقات العميقة التي تجمع بين شعبي البلدين على المستوى الثقافي، ومذكرة التفاهم في المجال الثقافي من شأنها أن تعزز العلاقات في هذا المجال، ليس فيما يتعلق بالفهم المتبادل لثقافة الشعبين فحسب، بل في تبادل الوثائق التاريخية بين البلدين، حيث يوجد في الهند وثائق أرشيفية تحفظ الكثير من تاريخ البحرين، كما أن قدرا كبيرا من تاريخنا تم توثقه في البحرين، فكلا البلدين يمتلكان إرثا حضاريا كبيرا، وسيتعاون الأرشيف الوطني في الهند مع المتاحف في البحرين لتبادل الوثائق التاريخية، وأيضا في إثراء البرامج الثقافية المشتركة، بحيث تمكن كلا البلدين من استعادة أجزاء مفقودة من تاريخهما.

علاوة على ذلك، سيتم التعاون بموجب هذا الاتفاق بين جهاز المسح الأثري الهندي وهيئة البحرين للثقافة والآثار في مجال ترميم الآثار التاريخية. هذا إضافة إلى التعاون في مجال التراث، ومن بين المشاريع المشتركة لدينا مشروع “طرق التجارة القديمة”، الذي يعيد اكتشاف الممرات التجارية التي كانت تربط بين الخليج والهند في الماضي، فعبر هذه الطرق كانت الصحف المصرية تصل إلى بومباي في رحلة كانت تستغرق 30 يوما.

على المستوى الشخصي، ما أكبر إنجاز على صعيد تعزيز العلاقات البحرينية الهندية شهدته منذ تعينك سفيرا لجمهورية الهند في المملكة؟

بالنسبة لي أهم إنجاز حققته هو إشرافي على إنشاء مقر السفارة الهندية الجديد في منطقة السيف، وحرصت على أن يعكس حجم السفارة وموقعها عمق العلاقات بين البلدين وحجم الجالية الهندية كأكبر جالية أجنبية في المملكة، كما حرصت على أن يبرز التصميم الداخلي للسفارة التاريخ العريق المشترك والإرث الحضاري الكبير الذي يجمع البلدين، أما الإنجاز الثاني فهو الترتيب لزيارة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، لأشهد أو زيارة لرئيس وزراء هندي إلى البحرين.