+A
A-

التنمر... ونعمة العقل

التنمر ظاهرة منتشرة بشكل واسع في المجتمعات بالخصوص بين الطلاب والأطفال في المراحل الدراسية المختلفة، وأولياء الأمور أصبحوا في موقف صعب جدًا نتيجة لما يتعرض له أبناؤهم من التنمر، وهذه الظاهرة كم هي مدمرة للأطفال وحياة الكثيرين منهم.

تناول هذا الموضوع الكثير من مختصين وإعلاميين ومهتمِين، وبالرجوع للمراجع والكتب لعلم النفس يعرف التنمر على أنه “شكل من أشكال الإساءة والإيذاء موجه من قبل فرد أو مجموعة نحو فرد أو مجموعة تكون أضْعف (في الغالب جسديًا) هي من الأفعال المتكررة على مر الزمن والتي تنطوي على خلل (قد يكون حقيقيًا أو مُتصورًا) في ميزان القوى بالنسبة للطفل ذي القوة الأكبر أو بالنسبة لمجموعة تهاجم مجموعة أخرى أقل منها في القوة.

ففي الولايات المتحدة أُجريت دراسات على هذه الظاهرة التي يعتبر التنمر فيها المشكلة الأكثر حضورًا من مشاكل العنف في المدارس، أظهرت أن 8 من طلاب المدارس الثانوية يغيبون يومًا واحدًا في الأسبوع على الأقل بسبب الخوف من التعرض للتنمر.

وفي بحث آخر أُجري في المملكة المتحدة بمطلع العام الماضي، اتضح أن واحدًا من كل 5 أشخاص تعرض للتنمر في إحدى مراحل حياته.

هنا أريد أن أكون إيجابيًا وأذكر بعض الشخصيات التي تعرضت للتنمر وكيف كانوا أقوياء وناجحين بعدها عندما كبروا فمثلًا:

العالم هانز ألبرت أينشتاين، طُرد من المدرسة ووصفه مُعلِمه بأنه “بطيء الاستيعاب والتعلم.

نجم هوليوود تُوم كروز تعرض للتنمر بسبب بنيته الجسمانية الضعيفة لمن هم في سنه في المرحلة الدراسية حسب قوله، وقد تجاوز هذه المحن عندما كبُر، ويؤكد أنه إما أن يتصدى للتنمر من أول العام الدراسي وإلا سيبقى عرضة للإيذاء باقي السنة.

وزير الداخلية البريطاني ساجد جاويد يذكر أنه تشاجر مع طفل عندما كان في سن الحادية عشرة في المدرسة، إذ قام الطفل المُتنمر بتوجيه إساءة لفظيه إشارةً إلى أصوله الآسيوية وذكر أن هذا الطفل أُبعد من المدرسة، وأنه التقاه بعد 10 سنوات في مركز تجاري، وبادر إلى الاعتذار إليه عن سلوكه العنصري.

نجمة هوليوود جيسيكا ألبا ماري تذكر أنها تناولت غداءها في مكتب الممرضة حتى لا يراها زملاؤها؛ لأنه لم يكن لدى والدها المال الكافي لتشتري ملابس أنيقة وحقائِب عصرية.

إن هذه أمثلة فقط لمن تعرضوا للتنمر وجدتها أمامي وذكرتها بعد اعتراف أصحابها من خلال مقابلات تلفزيونية وبعض المجلات والصحف وكيف أنهم تجاوزوا ذلك بنجاح؛ لكي يثبتوا بأنهم قادرون وأقوياء وناجحون، وأيضًا هناك شخصيات أخرى من علماء وأساتذة ورؤساء دول ومفكرين ورجال أعمال وأطباء ومهندسين وغيرهم تعرضوا للتنمر في صغرهم وتجاوزوا الأمر بنجاح، ولا أنسى الأطفال والأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة وأصحاب الهمم، فكيف حالهم لو تعرضوا للتنمر، بلا شك أُؤمن بأنهم أقوياء ويتجاوزون ذلك بنجاح ويكفي أنهم مُلهمون لنا.

إذًا أقول للأشخاص الذين يتعرضون للتنمر بأن يواجهوا المتنمر أو المتنمرين بكل قُوة وثقة وإيقافهم عند حدهم بشكل سليم والاعتماد على النفس في مواجهتهم وعدم الاستسلام والالتحاق ببرامج تقوي الشخصية مثل رياضة التايكوندو والاشتراك بمُسابقات التحدي والقوة والاشتراك في النشاط المدرسي أو الجامعي وممارسة رياضات مختلفة ومتنوعة وبرامج تقوي وتعزز الثقة بالنفس.

أما بالنسبة للذين يمارسون التنمر ضد الآخرين فأعتقد أنهم يُعانون من عقدة النقص تجعلهم يستخدمون سلوكيات وأساليب فيها من التكبُر والتعالي على الآخرين الذين يرون أنهم أقل منهم ولذلك تجدهم يُعنِفون الآخرين لفظيًا وجسديًا وهذا يتطلب من الأسر عمل زيارات لمختصين ومستشارين لعلاج هذه المشكلة وكما قلت سابقًا لأصدقائي وزملائي بأنهم في أسوأ الأحوال “أعني المتنمرين” سيأكلون ويشربون وينامون.

في النهاية أقُول يُولد الإنسان من جديد عندما يدرك أنه يستطيع تحقيق أهدافه مهما واجهه من ظروف إذا كان مصرًا على ذلك بعد توفيق الله سبحانه، وإن الله رزقنا أعظم نعمة وهي العقل؛ لكي نفكر به ونُحْسِن التفكير ونُحسِن الحياة لأنفسنا وللآخرين.

عبدالله الناصر