+A
A-

إلغاء إدانة شابة بالتسبب في وفاة سيدة وإصابة آخر

قال المحامي والمحكم الدولي محمد رضا بوحسيِّن إن محكمة التمييز نقضت حكما كان يدين سيدة بمسئوليتها عن وفاة سيدة وإصابة آخر بعاهة بنسبة 15 % في حادث مرور وتم إلزامها بدفع مبالغ مالية كبيرة كتعويضات لورثة المجني عليها الأولى والآخر المصاب.

وأضاف أن محكمة التمييز ذكرت في أسباب حكمها أن تقرير المرور الخاص بالحادث مجرد قرينة لا يكفي الاعتداد بها دون أن يساندها دليل، وأن استخلاص الحكم للخطأ على التقرير المروري فقط دون أن يتعرض للدفاع يجعله مشوبا بالقصور، وأصدرت أمرها بإعادة القضية لمحكمة الاستئناف لتحكم في القضية من الجديد، والتي انتهت إلى القضاء بإلغاء حكم الإدانة الصادر بحق موكلته وما يترتب عليه من آثار.

وأفاد بوحسيِّن أن موكلته صدر حكم ضدها بمسؤوليتها عن حادث مروري أدى إلى وفاة سيدة وإصابة آخر بعاهة مستديمة بنسبة 15% وتم إلزامها بدفع تعويض بمبالغ طائلة للمسؤولية عن الحادث، فاستأنف ذلك الحكم وتم تأييده من قبل المحكمة الكبرى الجنائية بصفتها الاستئنافية، فما كان منه إلا اللجوء للطعن بالتمييز على هذا الحكم.

ودفع أمام التمييز بأن تقارير المرور المحررة عن الحوادث، وإن كانت ورقة رسمية لها حجيتها تجاه الكافة بما ورد فيها، إلا أنها لا تعتبر دليلا قاطعا، كما أنها ليست لها حجية المحررات الرسمية في إثبات خطأ قائد السيارة، وأن الحكم الابتدائي والاستئنافي بنيا أسبابهما على ما ورد بتقرير المرور المحرر من قبل الجهة الرسمية؛ ودون أن يتم ذلك من خلال الواقع الميداني والحضور أثناء الحادث، وإنما تم تحريره بعد عدة أسابيع من الحادث.

وأشار إلى أن محكمة الموضوع وهي تباشر سلطتها في تقدير الأدلة وعمل الخبير تلتزم بأن تستنفذ كافة الوسائل لبلوغ وجه الحق في الدعوى، وقد استقر في العديد من الأحكام القضائية بالدول المختلفة، على إقرار مثل هذه السلطة للمحكمة التي تستلزم باعتبار أنها سلطة حكم، وأن تقدر قوة الأدلة وقيمتها وأن تتخذ وتستخدم كل الوسائل الممكنة للوصول للحقيقة، بما في ذلك سلطتها بتقدير التقارير الرسمية التي تعدها جهات الاختصاص بالدولة، ومنها تقرير المرور المعد بالحادث موضوع الدعوى.

كما دفع بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، مبينا أن الحكم المطعون فيه قد خلا من الرد على الدفاع الجوهري الذي أبداه أمام محكمة الموضوع فيما يخص عدم صحة تقرير المرور ومخالفته للواقع، والذي اتخذه الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أساسا لترتيب مسؤولية موكلته رغم انعدام حجيته في مواجهتها.

وأضاف أن الحكم يجب أن يحمل في ذاته آيات صحته وضمانات بلوغه الغاية المقصودة منه وذلك عن طريق التحقق من إطلاع القاضي على أوراق الدعوى ومستنداتها واتصال علمه بما أبداه الخصوم فيها من طلبات ودفوع ودفاع، وأنه استخلص الوقائع الصحيحة في الدعوى من واقع تلك الأوراق والأدلة المقدمة فيها؛ وذلك لإمكان الوقوف على أن الحكم قد حصل فهم الواقع في الدعوى.

وفي أسباب حكمها قالت محكمة التمييز أن التقرير المروري لا يكفي للاعتماد عليه في تقرير الخطأ الموجب للمسؤولية؛ لأنه بحاجة إلى دليل يسانده في إثبات المسؤولية طالما أن محرره لم يعاين الحادث بنفسه، ولما كان الحادث لم يكن جرى معاينته من منظم التقرير بناء على معلومات استقاها من الحادث وإنما عن قول قيل لشاهد ورد بأقواله إنه غير متأكد من السيارة ذاتها، مما يجعل التقرير لا يصلح أن يكون قرينة للاستدلال في ضوء ذلك الشك.

فضلا عن أن الطاعنة تمسكت بدفاع حاصله عدم صحة ما دون في تقرير المرور من وقائع ينسب لها في أنها المتسببة في الحادث، وأنه مجرد قرينة لا يكفي الاعتداد بها دون أن يساندها دليل، ودللت على ذلك بما قرره شاهد الحادث في أقواله بمحضر تحقيقات النيابة.

وبعد نقض محكمة التمييز لحكم إدانة السيدة، نظرت محكمة الاستئناف في هذا الحكم مجددا، والتي انتهت إلى القضاء بإلغاء حكم محكمة أول درجة مجددا والقضاء مجددا ببراءة المستأنفة مما نسب إليها.