+A
A-

الميثاق... رغبة توافقية لبناء دولة عصرية

جاء ميثاق العمل الوطني كرغبة توافقية بين القيادة بقيادة عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وبين الشعب البحريني؛ من أجل بناء دولة مؤسسات عصرية تقوم على مقومات أساسية أبرزها الديمقراطية والعدالة والمساواة وسيادة القانون والفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتحقيق التعاون فيما بينهم، وكانت نسبة التوافق في تحقيق تلك الرغبة كبيرة جدا وصلت إلى 98.4 % من الشعب البحريني الذي صوت بـ “نعم للميثاق”.
وتمخض عن ميثاق العمل الوطني وجود أسس مهمة ونموذج متكامل لدولة عصرية ومتطورة تنظر إلى المستقبل بعين ثاقبة، وتسير نحو المجد بخطوات ثابتة متطلعة إلى الأفضل دائما، وكانت من مظاهر الدولة العصرية سيادة الأمن والاستقرار والرخاء، وإرساء نهج ديمقراطي قائم على المساواة والتكافؤ بين الناس في الكرامة الإنسانية ومراعاة مصالحهم.
السلطة القضائية وتطوراتها
ومن أهم إنجازات ميثاق العمل الوطني تعزيز آليات السلطة القضائية، وفي هذا الصدد اكد  القاضي بالدائرة الشرعية بمحكمة التمييز، خطيب جامع الفاتح الإسلامي وعضو اللجنة الوطنية العليا لإعداد مشروق ميثاق العمل الوطني عدنان القطان قائلا: “بصفتي قاضيا بدائرة التمييز الشرعي الذي تأسس قريبا، وعضوا بالمجلس الأعلى للقضاء، فإنني أفتخر وأشيد بما تحقق في هذا العهد الإصلاحي الزاهر من تطوير كبير واهتمام بعمل السلطة القضائية، حيث كان جلالة الملك يؤكد منذ بداية مشروعه الإصلاحي على أهمية السلطة القضائية، وحرصه على تطويرها، حيث يرى أن (شرف القضاء، ونزاهة القضاة وعدلهم أساس الحكم وضمان للحقوق والحريات)”.
تابع القطان “مثل هذه المقولة تعكس أهمية القضاء في الفكر السياسي لجلالة الملك، وفي هذا العهد المشرق تحققت استقلالية القضاء والقضاة والنيابة العامة وأعضاء النيابة العامة، دون أية إمكان للتدخل في شؤونهم بوعد أو وعيد، بترغيب أو بترهيب، كما تحققت الاستقلالية المالية والإدارية للسلطة القضائية”.
ويتابع حديثه حول السلطة القضائية، قائلا: كما أن السلطة القضائية خلال المشروع الإصلاحي شهدت تطورات مهمة من أبرزها تفويض جلالة الملك رئيس محكمة التمييز بنيابته في رئاسة كافة جلسات المجلس الأعلى للقضاء، والرؤية الملكية هنا تقوم على تكريس مبدأ استقلال السلطة القضائية، بحيث يتولى منتسبو السلطة نفسها إدارة شؤونهم وتولي الإشراف على حسن سير العمل في المحاكم والأجهزة التابعة لها، إضافة إلى المسائل الوظيفية الخاصة بهم، كل ذلك رغم أن جلالة الملك يعتبر دستوريا رئيس السلطة القضائية، وتصدر الأحكام القضائية باسمه بسبب إقرار الدستور هذه الصلاحيات.
وأضاف: كما وجه جلالته إلى تطوير عمل القضاة وتدريبهم، فكان داعما لمشروع معهد الدراسات القضائية والقانونية الذي يعد بمثابة كلية متخصصة تدعم نشاط السلطة القضائية. ومن الإنجازات التي تحققت في هذا العهد الزاهر صدور قانون الأسرة وإنشاء محكمة للتمييز الشرعي، مما أسهم في تنظيم العمل، وسرعة البت في القضايا. ومن بين المشروعات التي تحققت تحت إشراف المجلس الأعلى للقضاء: مشروع قضاة المستقبل الذي يعد واحدا من أهم المشاريع الهادفة إلى تطوير المنظومة القضائية بالبحرين عموما، وبما يسهم في تطبيق أعلى المعايير الدولية بحيث لا يصل إلى منصة القضاء سوى الأجدر لهذا المنصب، ويقوم المشروع على استقطاب الكفاءات القانونية؛ من أجل إعدادها لتولي الوظائف القضائية وفق أسس ومعايير شفافة وموضوعية.
تطور التعليم والاستثمار فيه
ولدولة متطورة كان لابد من الاهتمام بالعلم والتأكيد عليه والحد من الأمية، وهذا ما اهتم به الميثاق، حيث أكد رعاية الدولة للعلوم والآداب والفنون، وتشجيع البحث العلمي، كما تكفل الدولة الخدمات التعليمية والثقافية للمواطنين، ويكون التعليم إلزاميًا ومجانيًا في المراحل الأولى التي يحددها ويبينها القانون الذي يضع أيضًا خطة للقضاء على الأمية، والعناية بالتربية الدينية في مختلف مراحل التعليم وأنواعه، ويعنى فيها جميعًا بالتربية الوطنية وبتقوية شخصية المواطن واعتزازه بوحدته الوطنية وقوميته العربية.
وفي هذا الصدد يقول عضو اللجنة الوطنية العليا لإعداد مشروع ميثاق العمل الوطني، الرئيس المؤسس للجامعة الأهلية: عبدالله الحواج  لقد فتح ميثاق العمل الوطني آفاقا واسعة للبحرين في مختلف المجالات، ومنها إطلاق الفرص للاستثمار في التعليم عموما، والتعليم العالي خصوصا، وهو ما أكده الميثاق الذي شجع على التعليم العالي، وفتح الجامعات والمعاهد الخاصة، والسعي نحو تأهيل المواطن علميا، حيث اعتبر الجامعات بمثابة منارات للاشعاع الفكري والتقدم العلمي مما يقتضي توفير الحرية الأكاديمية لها، وضمان ممارسة هذه الحرية وانفتاحها على آفاق المعرفة، وتعمل الدولة على تشجيع التعليم الخاص وتأسيس الجامعات والمعاهد الخاصة، مع دعم مؤسسات البحث العلمي والتكنولوجي، وربط نظام التعليم بسوق العمل؛ لتلبية حاجات البلاد من القوى البشرية المؤهلة في الحاضر والمستقبل، من منطلق أن المواطن البحريني هو أعظم الثروات التي تملكها الدولة، لذلك فإن دعم المواطن بالتدريب المستمر والتدريب التحويلي من شأنه أن يدفع بخبرات ودماء متجددة في سوق العمل، مما يسمح بتوفير مجال أرحب من فرص العمل لهذا المواطن.