العدد 5631
الجمعة 15 مارس 2024
banner
رمضان كريم
الجمعة 15 مارس 2024

عندما كان يهل علينا شهر رمضان الفضيل، كانت البنوك وشركات الاتصالات تتسابق في تقديم عروض لم يسبق لها مثيل، خصومات كبرى على خدمات سيادية، تخفيضات أكبر على أجهزة ذكية وشاشات تلفزيونية، وتأجيل قروض مستحقة من دون فوائد إضافية. عندما كان يهل الشهر الكريم علينا، مختلف أوجه الحياة كان يتم التسهيل فيها، من كان عليه دين يتم إرجاؤه لحين ميسرة، ومن كانت ضده مشكلة عويصة لدى جهة "ما" يتم إيجاد الحلول الجذرية لها تيمنًا بقدوم الشهر الفضيل. ونحمد الله ونشكر فضله أننا في مملكة البحرين نعيش أمانًا وسلامًا لا حدود له، ونقضي أيامنا الجميلة في رحاب منظومة قانونية وأمنية وحياتية تبعث على الفخر والاطمئنان وتبث الأمل كل الأمل في نفوس الأجيال الطالعة.

المشكلة مجرد اجتماع عقدته جمعية مصارف البحرين مع بعض القانونيين منذ أكثر من شهر، تحاول من خلاله الذهاب في اتجاه آخر مغاير لقانون صدر منذ أكثر من سنتين بمنع الحبس والقبض والحجز على حسابات الإعانات الاجتماعية ومنع السفر على المتعثرين في سداد قروضهم أو الذين تراكمت مديونياتهم على الشركات والدائنين لأسباب قاهرة نظرًا للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البحرين والعالم أجمع. منذ ذلك الحين بدأ بعض الدائنين خصوصا البنوك وشركات الاتصالات تهديد المتعثرين، وما إن حل علينا شهر رمضان المبارك حتى قامت شركات الاتصالات بقطع الخدمات عن بعض المشتركين الذين لديهم خطوط أخرى متعثرة في السداد، لكنها مسجلة تحت أرقام بطاقاتهم السكانية، في الوقت نفسه بدأت البنوك فتح ملفات قديمة على مقترضين متعثرين مهددة إياهم بتفعيل إجراءات القبض والحبس ومنع السفر والحجز على الحسابات والمنقولات.

المشكلة أن هذه الإجراءات يتم اتخاذها والقانون الذي صدر في شهر سبتمبر 2022 لم يتغير. لكن يبدو أن هذا الاجتماع هو الذي أعطى الضوء الأخضر للمصارف ومعها شركات الاتصالات، وحتى الأفراد العاديين بأن يسنوا حرابهم لإطلاقها على رقاب كل معسر.


كان يعتقد بأن السيف يمكن أن يأخذ عطلة شرعية على الأقل حتى نهاية شهر رمضان الكريم، لكن ماذا نقول؟ إنها النفس الأمارة بالمطالبات العاجلة والناس يكادون يواجهون أزمات الحياة اليومية بقلب مفتوح، مؤمن، متطلع دائمًا لحياة أفضل. كان أجدى ببعض البنوك وشركات الاتصالات التي انبرت قريحتها لتطارد المدينين مجددًا أن تنتظر حتى نهاية الشهر الفضيل، أن تقدم لهم عروضًا أو تسويات جديدة تليق بصعوبة الأوضاع، خصوصا للمسنين أو هؤلاء الذين لا تقاعد لهم، ولا وظيفة منتظمة تدر عليهم دخلاً يكفي لقضاء الحوائج وما أكثرها.

إن الخدمات المجتمعية جزء لا يتجزأ من دور البنوك والجامعات وشركات الاتصالات، وهذا الدور يعتبر رسالة إنسانية ضمن العديد من الرسائل التي تبعث بها هذه المؤسسات إلى كل من يهمه الأمر، إلى كل من يهمه الأمر.

كاتب بحريني والمستشار الإعلامي للجامعة الأهلية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .