العدد 5431
الإثنين 28 أغسطس 2023
banner
كمال الذيب
كمال الذيب
الفضاءات... والصفحات الثقافية!!
الإثنين 28 أغسطس 2023

إذا ما أُريد للثقافة أن تكون مشروعاً، فإن الفضاءات والصفحات الثقافية يمكن أن تكون جزءاً من هذا المشروع، بحيث تتحول إلى جزء من رؤية ثقافية وفكرية شاملة تخدم أول ما تخدم الوطن والمجتمع، أما والثقافة مهمشة في واقعنا العربي، فستظل الفضاءات والصفحات مهمشة مرتبكة ومبعثرة لا تنظمها رؤية أو فكر ولا يقودها مشروع، ولذلك لا غرابة في أن تبقى الفضاءات والصفحات جزءا من الظاهرة الثقافية، يعوزها الكثير، لأن الكائن الثقافي، لا يزال منبوذا، ولا ثقة فيه في الغالب، لذلك يتفق الجميع على تدجينه وتقليصه في أحسن الأحوال، وتكون المساحات الثقافية الجادة الأضيق والأقل تواتراً، محدودة الأهمية مقارنة بما ينبغي أن تقوم به من دور، فهي منزوعة الوظيفة، تعيش في حالة من الهلامية، جسد بلا قوام. وقبل أن تصبح الثقافة ضرورة حياتية وحيوية فلن تكون لها أية علاقة عضوية بالحياة الثقافية، ولن تنمو لها عظام، ولن تتحول إلى مشروع شامل للثقافة، وهذا شأن أغلب الفضاءات والصفحات الثقافية في أغلب البلاد العربية، فهي بلا رؤية وبلا استراتيجية.
تلك الاستراتيجية التي تجدد الملامح التي تتصل بقانون الفعل الثقافي، فتتحول الصفحات والفضاءات الثقافية إلى شريحة من الواقع الثقافي، يقودها وينشطها مثقفون ومبدعون من مختلف الأجيال، ضمن فعل ثقافي متكامل ومخطط له، فتصبح خلية من الواقع الثقافي الذي ينتج الصفحة والفضاءات الثقافية المتصلة بالفعل الثقافي الحي، وليس بقشور الثقافة المتطايرة التي لا تصنع ثقافة حقيقية. كما أن العلاقة بين الإبداع والصفحات الثقافية لابد أن تكون علاقة جدلية، فالتجليات الإعلامية يجب أن تعكس الواقع الثقافي، والواقع الثقافي ليس إنتاج ذاته فقط، بل هو إنتاج البنية الاجتماعية والتنموية، عندئذ يأتي دور الصحافة الثقافية كحالة من تجليات هذا الفعل المؤسس، والذي لو تتاح له الفرصة الكافية لأعطى الكثير وأفاد بالكثير، ولاستطاع أن يحول الفضاءات والصفحات إلى مركز إشعاع وتأثير حي وعضوي في الحياة العامة.
وأخيرا فإن المشكلة لا تتجسد في الثقافة فحسب، بل في المثقف نفسه، عندما تتنازعه النوازع والتيارات والمطامع ليكون أمام اختبارات لا تنتهي تؤكد مدى أصالته واقتناعه بدوره الثقافي.
* كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .