العدد 5256
الإثنين 06 مارس 2023
banner
مجـرد رأي كمال الذيب
كمال الذيب
أيهما أولى الاقتصادي أم السياسي؟
الإثنين 06 مارس 2023

من الملاحظات الواردة في التقارير السنوية الصادرة عن مؤسسة “فريدوم هاوس” الأميركية والتي تعنى بالدرجة الأولى بالحريات والديمقراطية في العالم، التأكيد على أن مصطلح الحكم الرشيد قد يكون أفضل من مصطلح الديمقراطية في العديد من البلدان، ومنها بلاد عربية.

وذلك استنادا إلى أن معظم الديمقراطيات قد ظهرت تدريجيًا، ثم تطورت. إضافة إلى القول “إن الديمقراطية لديها فرصة كبيرة للنجاح والاستمرار في الدُّول التي يتوافر فيها للمواطنين قدر كاف من الرفاه الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي وسدّ الحاجات الأساسية للمواطنين بما يؤمن كرامتهم الإنسانية”.


هاتان الملاحظتان تشكلان خلاصة مركزة لتجربة طويلة من المتابعة والتشخيص والتصنيف منذ العام 1941م، فبالرغم من أن هذه المنظمة تستخدم 25 مؤشرا لتقييم حالة الديمقراطية في دول العالم، إلا أنها تعي بشكل متزايد أن للديمقراطية صيرورة تاريخية، وليست قفزة في الهواء، حيث بينت التجارب التي تحياها العديد من البلدان التي شهدت تحولات سياسية، أن الوعي المبكر بمتطلبات التغيير السياسي هو الطريق الأسلم لتجنب الهزات السياسية التي يختلط فيها الحابل بالنابل، إضافة إلى الأهمية القصوى لتحقيق الكفاية الاقتصادية للمجتمع وتأمين استقراره المعيشي، ما يسمح له بالتقدم نحو المزيد من الحرية، والوعي بأهمية الإصلاح السياسي وبناء مجتمع ديمقراطي.


على أن التحدي الذي يواجه مثل هذا التمشي في معظم البلاد العربية، هو كيف نضمن أن تكون التعددية السياسية حصنا منيعا يحول دون توظيفها للإساءة للدولة والوحدة الوطنية فتكون بذلك معول هدمٍ لا معول بناءٍ.


والسؤال أيضا: هل أن بناء الديمقراطية ونجاحها واستمرارها (مع القبول بالتدرج وسد حاجات الناس كأولويتين تسبقان أو تواكبان التمشي الديمقراطي) يمكن أن يتحقق في ظل هيمنة القوى الاجتماعية التي لا تتقبل أبسط شروط البناء الديمقراطي نفسه، بل وترفض الحداثة ومدنية الدولة والحريات جملة وتفصيلا؟


إنها قضايا شائكة قائمة بذاتها، لكن من المؤكد أن البناء الديمقراطي يقتضي العمل على إنعاش الاقتصاد وتحقيق المزيد من التنمية ونشر التعليم والثقافة واعتماد الحوكمة والمساءلة، والشفافية.. وجميعها مقومات أساسية لابد منها للمضي قدما نحو بناء الديمقراطية الراسخة.


* كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .