العدد 5252
الخميس 02 مارس 2023
banner
مجـرد رأي كمال الذيب
كمال الذيب
المدرسة في قلب المستقبل
الخميس 02 مارس 2023

المجتمع الذي لا يمتلك أسباب قوة المعرفة وآليات التحكم فيها وتوظيفها في خدمة التنمية لن يكون بوسعه الولوج إلى حلبة التنافس في السوق العالمي للمعرفة والعمل والإنتاج على حدٍ سواء.


ومن هنا يُطرح على التعليم تحدٍّ غير مسبوق في نوعيته ووتيرته وكميته، للمساعدة في الانتقال بالمجتمع من الممارسات التقليدية إلى بناء المعرفة التي تكون جواز عبور إلى المستقبل، وهذا يستدعي توسيع نطاق الانفتاح المعرفي والفكري الذي من دونه لن يتحقق التقدم المنشود. إلا أن الانفتاح، كي يكون فرصة للنماء، لابد أن يرتكز إلى نواة متينة من الهوية الثقافية الوطنية.


وإذا كان الانغلاق في وجه الثورة العلمية الهائلة غير ممكن أصلا، ومفضيا للتحجر والموت، فإن الانفتاح المفرط وفقدان البوصلة المرتبطة بالقيم والثوابت الوطنية، يؤدي إلى الذوبان والتفسخ. ومن هنا تطرح على التعليم مهمة مصيرية في بناء المواطنة وغرس قيم الثقافة والانتماء، بالتعاون مع مؤسسات المجتمع الأخرى المعنية بالتنشئة، مع أن الهوية الوطنية الثقافية تخضع بالضرورة إلى تجاذبات داخلية وخارجية مستمرة لا تتوقف، يتواجه فيها عاملا التفتح والتحجر على نحو مستمر، إلى أن يستقر الأمر في الغالب نحو توازن معلوم وحتمي وضروري للوصول بالنشء إلى أفضل المسالك.


لذلك لا تزال المدرسة في هذا السياق تلعب دورا محوريا في بناء هذه المعادلة، سواء في بعدها الشخصي أو في بعدها الجماعي، في خلق التوازن المنشود بين بعدي التفتح والتحجر، وإتاحة الفرصة للطالب ليكون مسلحا بما يكفي لمواجهة هذا العالم المتغير، والضاغط بتحولاته. هذا بالرغم مما تتعرض له المدرسة من ضغوط متصاعدة باعتبارها محطّ الأنظار والآمال. وهي ضغوطات تتحرك في اتجاهات متعددة وحتى متعاكسة، تحت وطأة ضغط الإعلام والأسرة والتطلعات المجتمعية المتعارضة والتحولات التي يشهدها عالم اليوم، فالجميع يعتبرون المدرسة مسؤولةً مسؤوليةً كاملةً ومتعددة الأبعاد عن أبنائهم روحاً وجسداً ومعرفة وقيماً وعملاً!


وهذا الرفع الكبير للتطلعات المطلوبة من المدرسة يزيد الضغوط عليها، ما يستدعي بذل كل جهد ممكن لتقديم المزيد من الدعم إليها والترفق بها في ذات الوقت.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية