العدد 5249
الإثنين 27 فبراير 2023
banner
مجـرد رأي كمال الذيب
كمال الذيب
تحرير الشباب من النزعات التقسيمية
الإثنين 27 فبراير 2023

عقب أحد الأصدقاء على مقالة سابقة حول المواطنة المتساوية باعتبارها المعيار والقاعدة والهدف لأي مجتمع ديمقراطي مدني وحر، قائلا:
- بالفعل التنوع والتعايش معه هو القاعدة في أغلب المجتمعات التي تنشد الأمن والاستقرار والانسجام في المواقف. والحمد لله ان أغلب مجتمعاتنا العربية بالرغم من أن لها ماهيات إثنية ودينية وطائفية إلا أنها تعيش منذ قرون في نوع من الانسجام في أغلب الأوقات، استنادا إلى ثوابت العيش المشترك والتاريخ المشترك، والدين المشترك بغض النظر عن تفصيلاته الاجتهادية. والتي تكرست ونمت تحت مظلة وحماية الدولة الوطنية وبشراكة أهلية، وبالرغم من بعض وجود حقائق الاختلاف التي تتأتى في الغالب من سرديات تاريخية، أغلبها وهمية، إلا أن غياب أو تأخر العدالة الاجتماعية يشكل سببا رئيسيا وراء تغلغل القيم التقسيمية التي يتم توظيفها لتعميق تلك الفوارق التي تحول دون تعزيز المواطنة المتساوية التي ينشدها الجميع.


قلت للصديق: هذا صحيح، إلا أن المشكلة تكمن في وجود هذه الثنائية بين القول والفعل، فالجميع تقريبا يعلن أنه ضد النزعات التقسيمية، خصوصا التي تعمق الخلافات والصراعات بين أبناء الوطن الواحد وعدو لها، حيث نجد من يلعن الطائفية ومع ذلك نجده يتموقع طائفيا أو قبليا، عند أول مشكلة يواجهها المجتمع.. فيكرس التقسيمات بتلويناتها المختلفة في الوقت الذي يحتاج فيه الوطن للجميع، (أي جميع مواطنيه) بعيدا عن هذه النزعات القيمة والصراعات المفتعلة. لذلك ومهما أطلق الطائفيُّ على نفسه من مسميات سياسية، (إسلامية أو قومية أو يسارية أو ليبرالية)، فهو في النهاية يرفض البديل الديمقراطي المدني الذي جوهره التعددية والتسامح والقبول بحتمية العيش المشترك، واحترام القانون وما أجمع عليه الناس في انتخابات حرة ونزيهة.


قال الصديق: الخلاصة أن الوعي بمخاطر هذه النزعات التقسيمية لا يكفي لوحده لتجاوزها، بل يجب أن يتم بذل جهد وطني تشاركي لمنع انتقال تأثير هذه النزعات السلبية إلى عقول الأجيال الجديدة بوجه خاص.


* كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية