+A
A-

جاسم الموسوي .. قصة تحوُل مجموعة “الفاتح” من الخسارة للربحية

نمتلك أسطولا للنقل الثقيل عداده 70 شاحنة

منذ كان عمري 16 عاما أعمل مع والدي من دون راتب

*أشكر “البحرين للتنمية” و”تمكين” لما قدموه من تسهيلات

المشاريع العقارية بالبحرين هي الأفضل على مستوى المنطقة

”الفاتح” تتولى  إدارة وتسويق 230 فيلا بمختلف المناطق

الواجهات البحرية بالمملكة تساعد على استقطاب الاستثمارات

 

رغم الخسارة التي منيت بها شركة عائلته (مؤسسة الفاتح) للتخليص الجمركي، إلا أنه قرر بطموحه أن يعمل فيها أثناء الدراسة وبعدها، ليبدأ فيها مرحلة التطوير والتحديث ونقلها من قائمة الخسارة إلى الربحية، وهو يعتبر من صغار الرؤساء التنفيذيين للشركات، إذ شكل شغفه بالعمل طموحاته المهنية من خلال مواصلة التطوير الذاتي والتفاني والتطلع إلى الحصول على منصب يستفيد من تعليمه وخبراته مع تشجيع حماسه لتحقيق أهداف الحياة غير العادية.

يهوى الرئيس التنفيذي لشركة “الفاتح” للتخليص والخدمات، جاسم الموسوي، الكفاح ولا يركن الى الإجازات عن  العمل، معتبرا أن السوق بحاجة إلى استمرارية ومتابعة وتحديات للوقوف عليها لأنها مليئة بالصعوبات، وأن عدم مجابهة هذه التحديات يوميا وعدم التواصل معها لا يؤدي للنجاح.

يعمل الموسوي لمدة 16 ساعة يوميا من الساعة 6 والنصف صباحا وحتى 8 مساء، حيث يتناول وجبة الغداء في المكتب مع الترويح عن النفس ببعض الأمور الترفيهية كملعب “غولف” صغير للتسلية بين الفينة والأخرى في مكان العمل، تجنبا للملل وحتى يكون المكتب أكثر دفئا كأنما هو المنزل الثاني لزيادة الإنتاجية. “البلاد” التقت الموسوي وأجرت معه حوارا شاملا:

حدثنا عن البدايات

والدي كان كثير السفر والشركة بغيابه شهدت بعض الإهمال، أوضاعها لم تكن طيبة، وصارت مديونة مما “حزّ بخاطري” أن أرى تعب والدي لسنوات طويلة يذهب سدى. قبل التخرج من المدرسة لم أكن أقضي وقت العطلة الصيفية مثل بقية الأقران والجيران، فهم يتمتعون بألعاب الكمبيوتر أو “الأتاري”، ولأنني أكبر أبناء العائلة سنًا، كان لدي حس بالمسؤولية، حيث أذهب إلى الشركة منذ الصباح مشيًا، فلم أكن أملك  سيارة أو رخصة سياقة، فكنت أذهب وأعود،  إلى ومن الموانئ عبر الإشارة المرورية، للعمل كمخلص جمركي، كان عمري نحو16 عاما، ونصحني الوالد بعدم الحضور للمكتب، ولكن أصررت على العمل، وفي الوقت نفسه لا أتلقى راتبا لأنني أعلم بالوضع المادي غير الجيد للوالد.

أخذت أطور في الشركة عبر القراءة، كنت أقرأ كتبا في الإدارة مع الاستمرار في الدراسة الجامعية والمبلغ الذي كنت أحصل عليه أقوم بتوفيره ولا أنفقه في الترفيه إلى أن اشتريت سيارة مستخدمة بنحو 500 دينار.

أنهيت دراستي الجامعية بدرجة الماجستير مصدقة من جامعة نيويورك، في البداية كنت طالبا في جامعة البحرين، ولكن الأوقات فيها لا تناسب الأشخاص الذين يعملون ويدرسون في آن واحد فانتقلت إلى إحدى الجامعات الخاصة منذ العام 2003 وحتى 2007 لشهادة البكالوريوس ومن 2007 الى 2010 لشهادة الماجستير من جامعة نيويورك بدرجة الشرف، وكانت لدي قناعة بأنني أستطيع أن استثمر شهادتي العلمية في الأعمال التي سأديرها مستقبلا.

انطلاقة الشركة العائلية

تأسست شركة العائلة في العام 1960، كان جدي يعمل في الشحن البحري ويملك دكانا في سوق المنامة “سيد حبيب” لتجارة المواد المنزلية وكان مكتب الوالد لتخليص المعاملات الجمركية والشحن البحري والأمور اللوجستية، فقمت بتطويرها وأنشأت بها قسم للنقليات الثقيلة ويبلغ أسطولها 70 شاحنة ثقيلة بقيمة توازي مليوني دينار، وأشكر هنا بنك البحرين للتنمية وصندوق العمل “تمكين” لما قدموه من تسهيلات وبرامج ساعدت الكثير في أعمالنا.

أعمل في القطاع العقاري بشكل هادئ أيام الدراسة منذ العام 2005، ولكن في 2015 أصبحنا شركة عقارات رسميًا بعد أن حصلنا على التراخيص ومع حاجة السوق لتوظيف البحرينيين، ولدي الثقة في المواطن البحريني كثيرًا، البحريني يتعلم أسرع من الأجانب ويجب صقله لأن لديه سياسة “أعطني لأعطيك”، أما الضغط عليه لا يجدي نفعا فيجب على كل صاحب عمل أن يعطي المواطن الثقة ليرى إنتاجيته الحقيقية. دربت الكثير من إخواني البحرينيين في هذه الشركة على نفقتي ومن ثم يستقلون بأعمالهم الخاصة وشركة الفاتح كانت مدرسة لمخلصين جمركيين طوال 15 سنة وخرجت أجيالا من أيام الوالد الله يرحمه وساعدتهم في افتتاح شركاتهم الخاصة للمجال نفسه وهو الشحن والتخليص.

تعلم الوالد من تجارب الحياة، فحسب قوله “حكتني الدنيا”، ومنذ بداية عمله كانت الشركة خسرانة ومديونة بمبلغ 30 ألف دينار في السوق، فقمت بإعادة هيكلتها  وبدأت بنفسي بالتضحية عن الإجازات، وما زلت أحتفظ بالأوراق التي تثبت مديونيتنا،  قمت بالعمل في بيع المجلات وعمل المستحيل لتوفير قوت اليوم ووضع التوفير في خزينة الشركة وتجميع مبالغ لتسديد الخسائر. لا توجد “عصا موسى” لتحويل الخسارة إلى ربح، فهناك خلطة سحرية “الإرادة، الثقة، المرونة” 3 أمور يجب تطبيقها في الحياة، إن التوافقات بين الدقة والمرونة صعبة، ويجب على الإنسان أن يتنازل عن بعض الأمور.

مجموعة “الفاتح” تندرج منها 5 أنشطة رئيسية، وهي شركة الفاتح لتأجير المعدات اللوجستية، النقليات، تخليص المعاملات الجمركية، الشحن، والعقارات.في السابق كان لديها قسم الفروسية ولكن تم بيعه مؤخرا بعد أن قمنا بإعادة الهيكلة في الشركة، إذ يجب على التاجر الناجح أن يقوم بإعادة توجيه استثماراته  والانتقال لقطاع آخر يستطيع أن ينتج فيه بصورة أفضل.

سوق العقار لا يموت

هناك من ينتقد السوق العقاري باستمرار ويقول إنه سوق ميت، ولكن هذا التعبير خاطئ إذ إن لكل مشروع فترته الزمنية، فأنت لا تستطيع أن “تأخذ زمانك وزمان غيرك”، في السابق كانت المنامة هي مركز قلب المدينة بالبحرين وبعدها جاءت المجمعات التجارية، ولكل مجمع في فترته الخاصة، كل مشروع عقاري له مرحلة معينة، وفي قانون المحاسبة فإن العقار ينخفض 10 % سنويا من قيمة البناء أما سعر الأرض فيبقى ثابتا، فهي عبارة عن عرض لا يتغير، ولكن قيمة المبنى هي التي تتغير مع قدوم مشاريع جديدة.

إن العقارات في البحرين من أفضل العقارات على مستوى الدول المجاورة، وهي أفضل مكان للاستثمار العقاري مقابل دول أخرى يبيعون العقار بالمتر، أما في البحرين يتم بيعه بالقدم، البحرين أراضيها محدودة والاستثمار فيها بمردود مضمون، بقية البلدان أراضيها تتأثر وتتراجع أما المملكة فأسعار أراضيها ثابت ولن تتراجع، ربما تنخفض قيمة المبنى، ولن يؤثر ذلك على سعر الأرض.

واجهات بحرية متميزة

لدينا في البحرين الواجهات البحرية والتي لا تتواجد في دول الخليج، هذه الواجهات تساعد على استقطاب الاستثمارات ونحث لإصدار قانون للواجهات البحرية في المناطق التجارية على أن تكون تجارية بحتة ولها خط زمني للاستخدام، يجب استغلال الواجهات البحرية بأسرع ما يمكن لكي تسرع باستقطاب الاستثمارات.

لقد تغيرت البحرين في مرحلة زمنية بسيطة نحو الأفضل ويعود ذلك الفضل للتوجهات الطيبة للحكومة ونطمح نحن كمواطنين وشركات أن يتم استغلال أكثر لهذه الواجهات البحرية، إذ أصبح لدينا منافسة شديدة بسبب الانفتاح في السعودية ويجب مسايرة الانفتاحات في دول الخليج. إن الثقة في قطاع الأعمال ضرورية، يجب أن يحصل الشخص على ثقة أصحاب الأعمال حتى يتم توليه للعمل. توافر العرض بكثرة هو الجو الأكثر صحة للقطاع العقاري، إذ إن بعض العقارات يتم تثمينها بسعر أغلى من قيمتها المعقولة، وهذه الفئة تستغل السوق وتريد أن يبقى سعر عقارها ثابتا، ولكن سعر العقار بشكل سنوي، وهذا لا يعني أن السوق ضعيف، ولكن العقار كان في فترة وهج قوي والآن أصبحت هناك أفكار جديدة، فلذلك كل تاجر لا يقوم بالتجديد والتأقلم مع التغييرات، سيسبقه  المستثمرون بالتجديد.

“مزايا” حققت أحلام البحرينيين

ويقول الموسوي إن برنامج “مزايا” التابع لوزارة الإسكان حقق للمواطن البحريني حلمه في شراء وامتلاك منزل الأحلام مع تسهيلات من البنوك، وحقق هذا البرنامج إيجابية كبيرة جدا ويعود ذلك إلى إدراج القطاع الخاص في توفير البيوت، ونحن دائما ما نقول “المشروك مبروك” فعندما تم إشراك القطاع الخاص في هذا المجال فقد أبدع بتوفير البيوت المناسبة. وتتولى مجموعة الفاتح حاليا إدارة وتسويق نحو 230 فيلا في مختلف مناطق البحرين، ويتم التركيز على فلل أسعارها تتراوح بين 100 ألف إلى 120 ألف وهي المبالغ التي يستطيع المواطن توفيرها بعد اقتراضه من وزارة الإسكان والبنوك.

مشروع تجاري بالمالكية بـ60 مليون دينار

ويقول الموسوي إن المؤسسة الآن في طور هندسة مشروع تجاري في منطقة المالكية بقيمة 60 مليون دينار وهو مجمع تجاري فريد من نوعه يتكون من 30 قطعة لتأجير عقود لاستثمارات بعيدة المدى على مساحة 50 ألف متر مربع، وسيكون المجمع التجاري ذا طابع المجمع المفتوح، وكل مستثمر يقوم ببناء محله بينما الإدارة تكون لمؤسسة الفاتح، وتم التوقيع مع عدة محلات منها سوبرماركت ومطاعم وجبات سريعة.

ولكن المشروع متوقف حاليا بسبب البنية التحتية التي يعاني منها جميع التجار في المجال العقاري حيث يتأخر توفير هذه الخدمة رغم دفع المستثمرين 12 دينارا، من المفترض أن ينتهي المشروع خلال 3 سنوات من بداية الإنشاء ووضع الأساسيات ولكن الوقت مرتبط بإدارة التخطيط وانتهائها من أعمال البنية التحتية وسفلتة المنطقة.

أجنحة “الفاتح” تضاهي الفنادق

لدينا مشروع أجنحة “الفاتح” في منطقة الجنبية وهو عبارة عن شقق أجنحة فخمة سكنية ديلوكس للتأجير اليومي، ومستواها يضاهي فخامة الفنادق ذات الخمس نجوم، وهو حاليا في التشطيبات والصباغة ولكن من الممكن أن يتأخر افتتاحه بسبب انتظارنا لبعض الأدوات من الصين وتأثرنا بأزمة “الكورونا” وآخر رسالة من الشركة أعطتنا مهلة حتى 15 ابريل لوصول المصعد. ويتضمن المشروع 12 شقة ديلوكس من 3 غرف و3 حمامات ومطبخ وصالة للتأجير اليومي إذ أن السوق تشبع من التمليك، كما أننا سنتحمل الكهرباء والماء التي أصبحت أزمة جديدة يتكبدها التاجر.

إنهاء أزمة تكدس الشاحنات

كنا نعاني من أزمة تكدس الشاحنات على جسر الملك فهد، وأشكر رئيس الجمارك الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة على التطويرات التي أحدثها في السوق وبرنامج المشغل الاقتصادي الذي غيّر من نهج سياسة الشاحنات، حيث تم وضع خط زمني بأن تنتهي إجراءات الشاحنة خلال نصف ساعة وبذلك تم حل أزمة الجسر في البحرين التي كانت مؤثرة على اقتصاد المملكة بشكل كبير سواء للمصانع والشركات وحتى صغار التجار.

السيرة الذاتية

تخرج من مدرسة أحمد العمران الثانوية، ثم حصل على شهادة دبلوما عليا في إدارة الأعمال، وبعدها بكالوريوس العلوم في إدارة الأعمال للمعلوماتية، ومن ثم ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة نيويورك.

 

المناصب الذي يشغلها

الرئيس التنفيذي لشركة “الفاتح” للتخليص والخدمات من 2003 حتى اليوم، الرئيس التنفيذي لقلعة “الفاتح” للمقاولات ، عضو مجلس إدارة “برجر” للصباغة،  الرئيس التنفيذي لشركة الفاتح لتأجير المعدات للوجستية، الرئيس التنفيذي لشركة الفاتح للخدمات والعقارات، الرئيس التنفيذي ورئيس مجموعة الفاتح المحدودة، ومؤسس ورئيس تنفيذي لشركة Interceptor Holding .

يشغل الموسوي منصب الأمين العام ومدير مجلس إدارة جمعية وكلاء الجمارك البحرينية من 2017 ،

مدير مجلس إدارة جمعية وكلاء الجمارك البحرينية من 2007-2010، يحمل رخصة وكيل التخليص الجمركي من عام 2003 حتى اليوم (خبرة 15 سنة)، ومدير عام نادي مربي الكلاب البحريني.