+A
A-

خليفة بن سلمان... رجل السلام والتنمية

تتصدر قضايا السلام والتنمية في العالم - بلا منازع - اليوم قائمة أولويات جهود الأمم المتحدة، وبالتالي، تحظى باهتمام المجتمع الدولي لا سيما على صعيد المبادرات الدولية لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة حتى العام 2030.

وهنا، يبرز الدور المتميز لمملكة البحرين في حدثين كبيرين، وفيهما، برزت المرئيات الاستراتيجية التي قدمها رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة كدعامات مهمة، فالحدث الأول هو: أعمال منتدى رؤى البحرين “رؤى مشتركة لمستقبل عالمي ناجح” الذي عقد في نيويورك في مقر منظمة الأمم المتحدة على هامش اجتماعات الدورة الـ 73 للجمعية، وذلك بتنظيم من مملكة البحرين وبالتعاون مع معهد الأمن العالمي أواخر شهر سبتمبر الماضي، والحدث الثاني هو مؤتمر “قادة العالم للحب والسلام لعام 2018” الذي استضافته العاصمة النمساوية فيينا يوم الخميس 11 أكتوبر الجاري تحت شعار “تحويل عالمنا: شراكة عالمية من أجل التنمية المستدامة”.

تقدير دور البحرين

واحدة من أهم المرتكزات التي تؤكد ريادة البحرين من خلال مرئيات سمو رئيس الوزراء، اهتمام المشاركين بدورها وجهودها في الإسهام والمشاركة في معالجة قضايا العالم ذات الأولوية، فهي بذلك لاعب مهم في تعزيز الإدراك والتفاعل مع التحديات العابرة للحدود الجغرافية للدول، لتصل إلى الإقليمية والعالمية في صياغة عمل مشترك هدفه تقوية التوجهات لمواجهة مصادر مهددات الأمن والاستقرار والسلام، والدليل على ذلك، إجماع المشاركين على ضرورة انعقاد هذه الفعالية بشكل سنوي لما تشكله من منبر يجمع نخبة كبيرة من السياسيين والخبراء للنقاش وطرح الرؤى والأفكار المرتبطة بأبرز القضايا والتحديات المتعددة الهائلة التي تواجه شعوب العالم على مستوى الحياة المعيشية والرفاه والصحة الطبيعية، والسلام العالمي والاستقرار الدولي، والتهديدات التي تشكلها الأسلحة الحديثة، وأسلحة الدمار الشامل والعشوائي، على وجه الخصوص، وهذه نقاط تفوق تحسب لمملكة البحرين، وهو الهدف الذي أراده سمو رئيس الوزراء في تأكيده على (أهمية هذه الشراكة العالمية في التغلب على التحديات المرتبطة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة من خلال جهود الأمم المتحدة وتعزيز التعاون بين الدول لصالح البشرية وحمايتها، ذلك لأن أهداف التنمية المستدامة تتسم بطبيعة عالمية ومن المهم أن تعمل جميع الدول وجميع أصحاب المصلحة في إطار شراكة تعاونية لتنفيذ هذه الأهداف).

تعزيز الشراكة العالمية

لننظر إلى زاوية أخرى، فعلى سبيل المثال، جاء تأكيد سمو رئيس الوزراء على أن قمة قادة العالم للحب والسلام لعام 2018 تأتي في توقيت مهم يحتاج فيه العالم إلى التعاون والتكاتف لتقديم إسهامات مهمة من أجل تعزيز الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة، وتمنيات سموه للقمة والمشاركين فيها بالنجاح والتوفيق في مساعيهم النبيلة، إلى أن هذا التأكيد أيدته جهود مملكة البحرين التي تولي أهمية خاصة للتنفيذ الفعال لأهداف التنمية المستدامة استنادًا إلى ما حققته من إنجازات في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، وأنها تسعى دائمًا إلى رفع مستويات معيشة مواطنيها من خلال خطط واستراتيجيات إنمائية تشمل جميع محاور التنمية، وتتضمن أولويات خطة التنمية المستدامة لعام 2030 التي تم دمجها في برنامج عمل الحكومة، وقد حققت تقدمًا ملحوظًا في مجالات التنمية حتى قبل تبني الأهداف الإنمائية للألفية وقبل فترة طويلة من مناقشة أهداف التنمية المستدامة، إذ نجحت البحرين في توفير التعليم المجاني، والقضاء على الأمية، وتمكين المرأة، وتعزيز تكافؤ الفرص، ورفع مستوى الرعاية الصحية، وتحسين متوسط العمر المتوقع، وتوسيع نطاق الضمان الاجتماعي، وغيرها من المبادرات الأخرى التي تصب في خدمة المواطن، كما أن الحقوق مكفولة للجميع في مملكة البحرين بموجب الدستور ويتم دعمها وتقديمها من خلال السياسات العامة.

ريادة المملكة عالميًّا

في كلا الحدثين، بل يتسنى لنا القول في كل المحافل العالمية التي تنعقد تحت عناوين التنمية المستدامة، يأتي موقع البحرين وريادتها بصدى عالمي له موقع الإشادة دون شك، فحين يتطرّق سمو رئيس الوزراء إلى ما عرفت به مملكة البحرين عبر التاريخ وما زالت بالانفتاح، والتنوع الحضاري والثقافي، حيث نقطة للتلاقي بين مختلف الحضارات، فالبحرين تحت قيادة عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة تجسّد نموذجًا حيًّا في التعايش بين مختلف الأطياف الدينية والعرقية والمذهبية، ضمن نسيج مجتمعي متين يعيش فيه الجميع في أجواء من الأمن والاستقرار، ولهذا أثنى الحضور بإشادات واسعة بالجهود التي يقوم بها رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة من أجل أن يسود السلام والاستقرار مختلف مناطق العالم وفق رؤية تدعم أهمية العمل الجماعي الذي يرتقي بأوضاع البشرية، منوهين بما حققته مملكة البحرين والحكومة برئاسة سموه من نجاحات عديدة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 التي أقرتها الأمم المتحدة.

وتلك الإشادات ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج عمل دؤوب مستمر منذ سنين، فالإنجازات التي حققتها مملكة البحرين والخطوات الكبيرة التي قطعتها على صعيد التنمية تشكل نموذجًا جديرًا بالاحتفاء، إذ إن البحرين استطاعت أن تقدّم للعالم تجسيدًا لقوة الإرادة والعمل المنظم في مجال التطوير والتنمية القائم على أسس عصرية جعلها تتبوأ مراتب متقدمة لسنوات عديدة في مجال التنمية البشرية والحضرية، نذكر على سبيل المثال لا الحصر مقولة الدكتور هونج تاو تسي؛ رئيس الاتحاد العالمي للسلام والمحبة التي أعرب فيها عن تقديره لكل ما يقوم به صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء من جهود حثيثة لتعزيز التعاون الدولي في مجال نشر السلام والإنجازات التي تحققت في مملكة البحرين في مجال التنمية المستدامة بفضل جهود سموه، وإشادة الدوق ساندور فون هابسبورج نائب رئيس جمعية تعزيز السلام بالجهود التي يبذلها سموه وتفانيه في تحقيق السلام المستدام، وإن حرص سموه على إرسال وفد برئاسة الشيخ حسام بن عيسى آل خليفة للمشاركة في هذه المناسبة يعد دليلاً على دعم سموه وتفانيه في العمل من أجل السلام الدولي، كل ذلك له دلالة على الإيمان بدعوة سمو رئيس الوزراء وتأكيده على ضرورة تضافر جهود كل الأطراف والأشخاص الذين يؤمنون بخير البشرية من أجل مستقبل يسوده السلام.

 

مبادئ حافلة بالقيم الإنسانية

حدثان يكتسبان هذه الأهمية العالمية بحضور شخصيات رفيعة المستوى وممثلي الدول والمنظمات والهيئات والوكالات الدولية والجمعيات العالمية، شهدا منظومة من المحاور والأسس التي شملتها كلمة سمو رئيس الوزراء التي ألقاها نيابة عن سموه وزير شئون مجلس الوزراء محمد المطوع وذلك في (منتدى رؤى البحرين)، فيما ألقاها نيابة عن سموه في مؤتمر (قادة العالم للحب والسلام لعام 2018) رئيس لجنة جائزة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة للتنمية المستدامة الشيخ حسام بن عيسى آل خليفة. وحفلت كلمتا سموه بمجموعة من المبادئ والقيم التي تمثل منهجًا نحو تحقيق الأمن والسلام العالميين وفق التالي:

إن مملكة البحرين تؤمن بأن تحقيق السلام والمضي في طريق التنمية هو المطلب الأكثر إلحاحًا في الوقت الراهن، ولهذا لفت سموه إلى أن الكثير من الشعوب، لاسيما في منطقة الشرق الأوسط تتطلع إلى إحلال السلام الدائم والعادل لإنهاء ما تعيشه من مآس واللحاق بركب التنمية والتقدم.

تأكيد سموه على أن ترسيخ الأمن والسلام هو البداية الحقيقية للنهوض والتنمية، وضمان الحفاظ على مكتسبات الدول والشعوب، داعيًا إلى التحرك العاجل ومد يد العون لنزع فتيل الأزمات في مختلف المناطق، والاتفاق على رؤية شاملة للتنمية من أجل الإنسان ولخير البشرية.

جانب مهم ركّز عليه سموه جاء بمثابة (التحذير) من أن عالم اليوم يعيش دوامة من التحديات التي تؤججها النزاعات العرقية والطائفية والأطماع التوسعية، إضافة إلى الخطر الداهم الذي يمثله الإرهاب، والسباق المحموم نحو امتلاك أسلحة الدمار الشامل، وكلها عوامل تهدد حاضر ومستقبل البشرية، وتنذر بعواقب وخيمة إذا لم تتحد إرادة المجتمع الدولي لوقف نزيفها واجتثاث أسبابها.

إضاءة سموه على صعيد الطريق إلى الخير الذي تنشده البشرية، حيث يبدأ بتشابك أيدي المجتمع الدولي لتحقيق السلام في ربوع العالم، عبر إرادة صادقة تؤمن بأن العالم يسع الجميع للتعارف والتعايش، وتبادل المنافع، تأسيسًا على أن إرادة الشعوب وفطرتها السليمة تصبو إلى العيش بأمن وسلام، وفي ظل عالم خال من الحروب والصراعات الدامية.

التحديات التي يواجهها العالم - وفق ما طرحه سمو رئيس الوزراء - يمكن التغلب عليها من خلال جهود الأمم المتحدة في تعزيز السلام والاستقرار والتعاون البناء بين الدول بما يكفل استمرار وتيرة العمل التنموي لصالح البشرية.

التأكيد على أنه لا تنمية بدون سلام ولا سلام بدون تنمية، وهنا، جاءت إشادة سموه لما عبر عنه المجتمع الدولي لدى تبنيه أهداف التنمية المستدامة من عزم على تعزيز المجتمعات السلمية والعادلة والشاملة من خلال الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة.

 

خطوات تتطلب جهدًا عالميًّا

لقد كان لتقدير سمو رئيس الوزراء لجهود الجميع في مثل هذه المحافل أثر ملهم، لأن إيمان الجميع يجعلهم تحت مظلة الجهود المقدرة لنشر ثقافة السلام والتعايش والتعاون الذي يقوم على تلبية المصالح المشتركة حتى نعيش عالمًا خاليًا من الصراعات والتوتر والإرهاب، وهي تمثل خلاصة تتطلب جهدًا عالميًّا حدّده سموه في التالي:

مظاهر الفوضى والدمار التي تشهدها العديد من المناطق يجب أن تحرك ضمير المجتمع الدولي من أجل وضع رؤية شاملة لمعالجة التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية، وأن تضطلع منظمة الأمم المتحدة بدور أكبر في حل الأزمات واتخاذ تدابير أكثر فعالية من أجل ضمان إرساء السلام والقضاء على أسباب التوتر الذي تشهده العديد من مناطق العالم.

اتفاق الجميع على أن سعادة المجتمعات تبدأ بإحلال السلام، وتوفير مسببات الأمن والاستقرار، وأن علينا كمجتمع دولي أن نأخذ بأيدي بعضنا البعض للنهوض بمسئوليتنا تجاه المجتمعات الأكثر احتياجًا لدعم جهود التنمية فيها.

إن مملكة البحرين ماضية في الاهتمام بقضايا الأمن والسلام والتنمية المستدامة، الذي يدفعها بشكل مستمر إلى تحفيز وحشد الجهود من أجل أن يعم السلام في العالم وأن تأخذ مسيرة التنمية مسارها الصحيح لكي تنعم الإنسانية بالرخاء والاستقرار.

مبادرات البحرين تأتي دائمًا للتأكيد على أن المدخل الأول لاستتباب الأمن والاستقرار ومن ثم النهوض والتنمية، هو تحقيق السلام الشامل والعادل، الذي يتأتى من خلال التوصّل إلى حلول سلمية لما تعانيه بعض المناطق من أزمات ونزاعات وفقًا للمبادئ السامية التي قامت على أساسها منظمة الأمم المتحدة.

ختامًا، ليس هنا مسك ختام أعطر من ذلك الدور التي تلعبه قيادتنا الرشيدة لدعم قضايا العالم الملحة، وهو ما بوأها مكانتها الشامخة بين الأمم فهي أرض عرفت منذ القدم بحبها للسلام والخير والازدهار والعيش المشترك، وهي مركز إشعاع إنساني عالمي عنوانه أرض المحبة والعطاء.