+A
A-

“مجلس الجالية” لـ “البلاد”: 5 آلاف مغربي في البحرين... والإشكالات محدودة

المغربي مواطن مهما غاب... وإن حمل جنسية دولة ثانية

لا يوجد إشكال “سني شيعي” في البحرين

لم يكن التوتر الطائفي جزءًا من تاريخ المنطقة

 

قال الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج عبدالله بوصوف إن هنالك 5 آلاف مغربي يقيمون في البحرين، وإن المغاربة في مملكة البحرين لا يطرحون إشكالات كثيرة.

وأردف في لقاء مع “البلاد” من العاصمة الرباط أن الجالية المغربية في الخارج لها صفاتها وخصائصها المميزة.. إحدى أبرز صفاتها أنها “هجرة مؤنثة”، وباتت النساء يشكلن أكثر من نصف الجالية المغربية في الخارج.

وتابع قائلا: إن الواقع الاجتماعي تغير. سابقًا، كانت الإناث يسافرن مع أقاربهن فقط، فيهاجر الزوج مثلًا، وترافقه زوجته. وفتحت التغييرات الاجتماعية الباب أمام النسوة، فأصبحن يبحثن عن دخل أعلى وواقع أفضل لهن ولأسرهن وإن كان في الخارج.

واستطرد: تتصف الجالية المغربية في الخارج أيضًا بـ “الهجرة الشابة”، فقرابة نصف المهاجرين يقعون في الفئة العمرية بين 24 و36 سنة.

وأشار الأمين العام إلى أن المغاربة باتوا أكثر ميلًا وتفضيلًا للانتقال والإقامة في الدول العربية والإسلامية، مدفوعين بالمساحة الواسعة من الإرث الثقافي المشترك، وما يجمعنا من قضايا وعلاقات ومشاعر إزاء البحرين تحديدًا كبير جدًا.

وأوضح بوصوف أن “هجرة المغاربة إلى العالم العربي تطرح بعض الإشكالات، وأبرزها غياب مظلة التأمين الاجتماعي أو عدم استفادة مواطنينا من صناديق التقاعد، فالمغربي الذي عمل في البحرين أو السعودية أو الإمارات إلى أن وصل سن الـ 60 أو 65 سنة، وبعد أن عاد إلى بلده، وجد نفسه من دون تأمين اجتماعي”. واستدرك قائلًا: أجرينا دراسات في هذا الصدد، ونعمل على إنشاء صندوق خاص يمنح المغاربة إمكان الاستفادة من التأمين الاجتماعي (التقاعد). وفيما يلي نص اللقاء:

الحلو والمر

بدايةً، أود أن أعبر عن سعادتي بما لمسته من حالة انسجام بين مكونات المجتمع المغربي... لدينا في البحرين أيضًا، شعب تغلب على محاولات زرع الفتنة، ولكننا نشعر بخوف إزاء الجيل القادم ومحاولات الأصوليين لزرع الأفكار الهدامة.. وددت قبل أن نبدأ هذا الحوار أن أسجل إعجابي بحالة الانسجام في المجتمع المغربي الأصيل.

- أجل، الانسجام داخل المجتمع المغربي بلغ مرحلة التداخل، نحن نتزوج من بعضنا البعض، ونتقاسم الحلو والمر.

 

إن ما تعطيه المملكة المغربية من اهتمام لجالياتها المقيمة في الخارج أمر جميل، وهنالك مجلس متخصص لمتابعة أوضاع الجالية.. كم يبلغ عدد المغاربة في الخارج اليوم؟

- قرابة 4 ملايين نسمة، وهنالك 5 آلاف مغربي مقيمون في البحرين، والمغاربة في مملكة البحرين لا يطرحون إشكالات كثيرة.

الجالية الأكبر من المغربيين تقيم في فرنسا، حيث يوجد مليون ونصف المليون شخص..

ويتوزعون أيضا على دولة أوروبية عديدة كإسبانيا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا وألمانيا.

الإرهاب والهجرة

ألا يتعارض الدور الذي يلعبه المجلس مع نطاق عمل السفارات؟

- أبدًا، المجلس بمثابة مؤسسة استشارية واستشرافية لجلال الملك، ويناط به تقييم السياسة الحكومية فيما يتعلق بالجالية المغربية ونعطيه أراءً بشأن مدى تناسب السياسية العمومية للتحديات ولواقع واحتياجات الجالية المغربية. ولأجل هذا الغرض، نقيم دراسات ولقاءات وحوارات مع الجالية في الخارج؛ للتعرف على الإشكالات التي تواجهها. ونرصد أيضًا تطورات سياسية الهجرة في الدول الغربية مثلا، وكذلك ظواهر الإرهاب الذي يقتات على جزء من المهاجرين.

لا وقت

هل دور المجلس استشاري؟

- أجل، واستشرافي أيضًا، فنضع الخطط بشأن التعامل الأمثل المطلوب في ملف الهجرة مستقبلًا ولغاية الأعوام 2030 و2035 مع الأخذ بالاعتبار المتغيرات والتحولات الكبرى. والمجلس يرفع هذه التصورات والخطط إلى جلالة الملك محمد السادس بن الحسن، الذي يحيلها إلى الحكومة لتعتمدها كسياسة عمومية. والهدف هو مساعد الحكومة على تهيئة نفسها للتعامل مع ملف الهجرة، ولذا فإن المجلس يضع الاتجاهات للمدى البعيد، فيما تكون الحكومة مشغولة بالأمور اليومية وخططها المرتبطة بـ 5 سنوات لمواكبة البرلمان، فهي لا تملك الوقت للتفكير بعيدًا وبعمق.

الهجرة المؤنثة

الجالية المغربية في الخارج لها صفاتها وخصائصها المميزة... إحدى أبرز صفاتها هي “الهجرة المعولمة”، إذ يقيم المهاجرون المغاربة اليوم في 108 دول حول العالم.

ومن خصائصها أيضًا، أنها “هجرة مؤنثة”، وباتت النساء يشكلن أكثر من نصف الجالية المغربية في الخارج.

 

هل هنالك أسباب وراء هذا التحول؟

- الواقع الاجتماعي تغير. سابقًا، كانت الإناث يسافرن مع أقاربهن فقط، فيهاجر الزوج مثلًا، وترافقه زوجته. وفتحت التغييرات الاجتماعية الباب أمام النسوة، فأصبحن يبحث عن دخل أعلى وواقع أفضل لهن ولأسرهن وإن كان في الخارج.

الجيل الرابع

تتصف الجالية المغربية في الخارج بـ “الهجرة الشابة”، فقرابة نصف المهاجرين يقعون في الفئة العمرية بين 24 و36 سنة، هل تبحثون في دراسات المنفذة عن أسباب الهجرة لهؤلاء الشباب؟ أليست المملكة المغربية أولى بهذه الطاقات؟

- الهجرة قديمة ومتجذرة في المغرب، ونحن الآن نتحدث عن الجيل الثالث من المهاجرين، والذين ولدوا وترعرعوا في أوروبا والغرب، بل إن هنالك جيلًا رابعًا من المهاجرين المغاربة في فرنسا مثلا، وقد هاجر آباء هؤلاء في أواخر أربعينات القرن الماضي، وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية.

حركية الكفاءات

نحن نجري دراسات الآن بشأن كيفية استفادة المغرب من هذه الطاقات المهاجرة، ونحن نؤمن بـ “حركية الكفاءات”.. لم يعد مفهوم هجرة الأدمغة صالحًا في زمن العولمة، وقد تجاوزناه.

نحن نتحدث عن كيفية استفادة المغرب من هذه الكفاءات أثناء عملهم في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.

المثال الأبرز الذي يجسد نموذجًا لهذه الفكرة، هو الجامعة الدولية للرباط، والتي أسست من قبل كفاءات مغربية تعيش في الخارج.

وتُعد الجامعة واحدة من أكبر الجامعات المغربية وتحتل مساحة 20 هكتارًا، وانضم إليها عدد كبير من الطلبة.

مجلس وجامعة كم عمر هذه الجامعة؟

- أنشئت قبل 5 سنوات، وتعد نتاجًا للدراسات التي انبثقت عن مجلسنا.

 

كم عمر مجلس الجالية المغربية بالخارج؟

- 10 سنوات تقريبًا.

 

ما يوليه جلالة الملك محمد السادس من اهتمام بالمغاربة يمتد إلى متابعة المهاجرين في الخارج، يعكس نظرة ثاقبة لجلالته.. وأن تكون البحرين مقصدًا للمغربيين، أمر جميل، سواء للزواج والانصهار أو للعمل والإقامة، هل لديكم خطط لمتابعة المغربيين في العالم العربي والخليج تحديدًا أم أن الأولوية للمهاجرين في أوروبا؟

- جميع المهاجرين يحتاجون إلى المتابعة مع وجود فروق في التحديات، فالصعوبات التي تواجه المغربي في أوروبا مختلفة عما يواجهه المغربي في البحرين والخليج.

ميل وتفضيل

والمغاربة باتوا أكثر ميلًا وتفضيلًا للانتقال والإقامة في الدول العربية والإسلامية، مدفوعين بالمساحة الواسعة من الإرث الثقافي المشترك، وما يجمعنا من قضايا وعلاقات ومشاعر إزاء البحرين تحديدًا كبيرُ جدًا.

فعندما يحضر جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى المغرب، لا نشعر نحن المغاربة بأنه ضيف حل على بلادنا، فهو واحد منا.

حين تصلنا أخبار عن توتر طائفي البحرين، نشعر بقلق، ليس على المستوى الرسمي والسياسي فقط، وإنما على المستوى الشعبي أيضًا. فنحن نخاف على البحرين وكأنها بلدنا.

أعتقد أن الإنسان المغربي لو وجد فرصة للإقامة في البحرين، فسيفضلها على دول أخرى؛ لما سيجده فيها من تقدير واحترام.. في المقابل، العنصرية باتت تشوه وجه أوروبا، الإنسان المغربي لا يقبل أن تُداس على كرامته.

تقاعد المغربي

هجرة المغاربة إلى العالم العربي تطرح بعض الإشكالات، وأبرزها غياب مظلة التأمين الاجتماعي أو عدم استفادة مواطنينا من صناديق التقاعد، فالمغربي الذي عمل في البحرين أو السعودية أو الإمارات إلى أن وصل سن الـ 60 أو 65 سنة، وبعد أن عاد إلى بلده، وجد نفسه من دون تأمين اجتماعي.

وأجرينا دراسات في هذا الصدد، ونعمل على إنشاء صندوق خاص يمنح المغاربة إمكان الاستفادة من التأمين الاجتماعي “التقاعد”.

الدستور والمواطنة

على أي أسس تصنفون المغربي كمهاجر، أهو من سافر وأقام في دولة ما لسنوات طويلة، أم تشملون أيضًا من يحمل جنسية دولة أخرى؟

- المغربي هو مواطن مهما غاب عن بلده، وإن حمل جنسية دولة ثانية، فالدستور المغربي يعطيه الحق في حمل جنسية أكثر من بلد.

 

زرتم البحرين سابقًا، كيف تقيّمون اندماج الجالية المغربية مع البيئة البحرينية؟

- الجالية المغربية في حالة اندماج كامل وأفرادها لا يشعرون بأي فروقات، ويقفون إلى جانب المكونات الشعبية القريبة من التيار الرسمي.

خيار وقرار

وبالنسبة للتشيع، نحن نحترم حرية المعتقد، والحريات الدينية مطلقة في المملكة المغربية، ندعم الحرية الدينية عندما تكون خيارًا اجتماعيا، وليست قرارا سياسيًا.

سُئلت عن تقييمي للواقع البحريني، وأجبت بأنه لا يوجد إشكال “سني شيعي” في البحرين، بل إن إيران تحاول زعزعة أمن المنطقة باستخدام المذهب الشيعي وإثارة النعرات الطائفية.

لم يكن التوتر الطائفي جزءًا من تاريخ المنطقة، ولم نسمع بهذه الإشكالات حتى بداية ثمانينات القرن الماضي في العراق بما يملكه من تنوع مثلا.

 

أشرتم إلى خطط ودراسات أجريت لتعزيز واقع الجالية المغربية في الخارج، ما أبرز المشروعات التي نفذت نتيجة ما قدمتموه من أفكار؟

- عمدنا إلى تقديم تسهيلات للجالية المغربية للاستثمار في الداخل، وذلك عبر خلق برنامج خاص.

سيارة المتقاعد

ووجدنا أيضًا أن القضاء لا يتناسب مع ظروف الجاليات، وحاجتهم للذهاب والإياب للحصول على أحكام، ولذا طالبنا بتسريع وتيرة الإجراءات، وإنشاء مدونة قضاء خاصة للمهاجرين، ونحن بصدد إنجازها بالتعاون مع وزارة العدل؛ وذلك بهدف إعطاء الجاليات المرونة اللازمة ومن دون الإخلال بالقوانين.

كما نسعى إلى إلغاء الضريبة على السيارات المقبلة من الخارج إذا كان مالكها كبيرًا بالسن، وهنا نرى وجوب عدم معاملة المهاجر المتقاعد العائد لوطنه كما السائح مثلًا.

ومجلس الجالية المغربية في الخارج يعمل على أكثر من جهة وملف ونحاول إيجاد الحلول، ونحن الآن في مرحلة الاستماع إلى الجاليات وسنبلور المزيد من المشاريع الجديدة.

ازدواجية الانتماء

يجب أن تأخذ مسألة الازدواجية في الانتماء بعين الاعتبار لدى معاملة الجيل الرابع من المهاجرين المغاربة في فرنسا مثلًا، فلابد أن يعامل كمواطن كامل في بلده، ومرتبط ببلده الأصلي (المغرب).

مجلسنا معني بوضع الاستراتيجيات والخطط والبرامج التي تمس حياة 4 ملاين إنسان، وهذه ليست مسألة بسيطة، فأي قرار له عواقب كبيرة.

وأتحفظ على دعوة الرئيس التركي رجب أردوغان قبل أشهر للجالية التركية في ألمانية بعدم التصويت لأحزاب معينة، فليس من الصواب أن ندعو المغاربة في أوروبا للتصويت لصالح حزب أو عدم التصويت لفصيل سياسي.

تناغم مع الحكومة

جل ما نفعله هو دعوتهم للمشاركة في المجتمع والتصويت لمن يمتلك مشروعا سياسيًا يناسب احتياجاتهم.

على المستوى الداخلي، نحرص في مجلس الجالية المغربية على التناغم مع المسؤولين ونفكر مع الحكومة، ولسنا رقيبا عليها.

 

تابعنا خطابًا ألقاه جلالة الملك محمد السادس أخيرا وتناول الصحراء ووحدة الأراضي المغربية، هل تلعب الجالية المغربية دورًا في هذه القضية الوطنية؟

- المغاربة سفراء حقيقيون لبلدهم، يدافعون عنه، وهم في الصفوف الأمامية. أن تكون مغربيا وتعيش على التراب المغربي، وتقول إن الصحراء مغربية، فهو أمر اعتيادي.

أما أن يقول المغربي في فرنسا إن الصحراء مغربية، وذلك أمام حضور لجبهة البوليساريو ولجهات مناوئة أخرى هو أمر ليس بسهل، غير أن المغربيين مستميتون في الدفاع بلدهم في جنيف والأمم المتحدة.

الإرهاب والإسلام

نقطتنا الأخيرة بهذا الحوار هي الملف الذي يؤرق العالم، الإرهاب، همنا ألا يكون العقل العربي مهيأ لاستقباله، وأعتقد أن وصول الإرهابيين إلى المغربي في أوروبا قد يكون أسهل.. كيف تتعاطون مع هذه القضية؟

- جلالة الملك محمد السادس أكد في كلمة ألقاها سابقًا أن مرتكبي الأعمال الإرهابية ليسوا مسلمين، وأن مكانهم في النار، وذلك في خطاب وجهه للأمة والعالم الذي يتابعنا.

واتخذت الحكومة خطوات عدة في هذا الاتجاه، وأبرزها استقدام 50 إمامًا فرنسيًا لتكوينهم هنا على التراب المغربي، وكذلك طباعة “المصحف المترجم”، وأيضًا إرسال البعثات العلمية إلى أوروبا على مدار السنة، والاحتفاء بالمولد النبوي.

ونسعى لإبعاد الشباب عن الغلو والتطرف ولتوجيههم نحو الإسلام الوسطي المعتدل الذي يتقبل الآخرين من دون التنازل عن هويتهم.. نأخذ ملف الإرهاب بجدية.