+A
A-

اليوسف... النهوض بورشة نجارة متواضعة لتصبح مصنعاً للزجاج المزخرف

6 شركات مختلفة تحت مظلة “اليوسف القابضة”

24 ألف متر مربع من الزجاج يوميا

تضافر جهود الأب والأبناء تسطر قصة نجاح عائلية

خط جديد لتصنيع “الزجاج الذكي”

30 % من إنتاج “اليوسف للزجاج” يصدر للخارج

طاقتنا الإنتاجية اليومية 2400 متر مربع من الزجاج

قطاع الزجاج شهد تحولًا بالبحرين مع استخدام الألمنيوم في النوافذ

 

الحاج سيد حسين محمد اليوسف، بطل قصة نجاح في قطاع الزجاج والديكور البحريني. فمن نجار بسيط يستخدم مهاراته اليدوية في ورشة متواضعة بين أزقة المنامة، بدأ اليوسف مسيرة النجاح، كما يرويها عنه نجله باسم.  ففي سبعينات القرن الماضي، كان الحاج حسين اليوسف يعمل بيديه في صناعة مختلف منتجات النجارة خصوصا النوافذ، وكان حينها يركب قطع الزجاج المزخرفة بين ألواح الخشب أو الحديد المستخدم في صناعة النوافذ، ومن هنا بدأ نشاطه في عالم الزجاج. كان حينها يتم استيراد الزجاج من الهند، وفي الثمانينات ومع التوجه نحو الألمنيوم لاستخدامه في الأبواب والنوافذ، ازدهرت صناعة الزجاج، وهو ما شكل فرصة للحاج حسين يوسف للتوجه بصورة أكبر لهذا القطاع الناشئ.

وشكل مطلع الألفية الراهنة نقلة نوعية في مسيرة شركة اليوسف، التي بدأها حاج حسين، قبل أن يتولى الدفة نجلاه باسم ومحمد، اللذان أخذا يدعمان جهود والدهما في تنمية العمل، وذلك من خلال توسيع عمليات الشركة وتأسيس أكبر مصنع للزجاج في البلاد، والذي بدأ الإنتاج قبل قرابة 10 سنوات.

ويستطيع المصنع حاليا توفير أي نوع أو طلبية من الزجاج لأي مشروع بسهولة، بل حتى أن بعض التقنيات الحديثة التي استقطبها المصنع تفوق الطلب في السوق المحلية بمراحل.

وتضم مجموعة اليوسف حاليا شركة “اليوسف للديكور” و “اليوسف لمواد البناء” و “غلوب آرت غلري” و “اليوسف للزجاج والمرايا” و “اليوسف ثيرموغلاس” و “مصنع اليوسف للألمنيوم”. ويديرها الأخوان محمد وباسم حسين اليوسف. وفيما يلي نص اللقاء مع نائب رئيس مجموعة اليوسف باسم اليوسف الذي كان يتحدث، بحضور الأب المؤسس للشركة الحاج حسين اليوسف:

في البداية كيف كانت بداية مجموعة شركات اليوسف؟

كان الوالد يعمل نجارا بيديه من خلال ورشة صغيرة ومتواضعة في المنامة خلف مبنى الكنيسة، عدد العمال فيها لا يتجاوز 12 عاملا حينها، وكان الوالد يقوم بالعمل بنفسه بكلتي يديه نجارا محترفا.

 

يعني أن عمل الوالد الرئيس لم يكن بالزجاج، كيف إذًا انتقل لهذا القطاع؟

مع تطور العمل بالنجارة احتاج الوالد كميات زجاج أكثر، وهنا بدأت الفكرة في بدء النشاط الزجاجي، ودشن ورشة زجاج وكان حينها يأتي أصحاب ورش الألمنيوم لشراء الزجاج من الوالد، ومن هنا بدأ فكرته بالعمل في مجال الألمنيوم أيضا، ومن ثم حدث تطور ليكون لديه 3 ورش في النجارة والزجاج والألمنيوم.

 

هل كانت هناك شركات زجاج في ذلك الوقت؟

نعم، كانت هناك شركة أو شركتان تعملان في مجال الزجاج، لكن كنا الأكبر في المجال.

 

كيف كان يتم عمل الزجاج حينها؟

كان يتم استيراد الزجاج آنذاك بشكل أساسي من الهند، ولكن مع كل جيل هناك مصادر مختلفة. في السابق كانت النوافذ حديدية، وكانت تستورد ويتم تقطيعها على المقاسات المطلوبة، هذا كان في السبعينات. ولكن في الثمانينات دخلت نوافذ الألمنيوم، وتطلب ذلك أحجاما أكبر وأسمك من الزجاج، وهنا بدأ الاستيراد من أوروبا حينها، وقسم بسيط كان يتم استيراده من الهند.

 

متى وقفتم كجيل جديد إلى جانب الوالد؟

في مطلع التسعينات دخلنا في الشركة أنا وأخي محمد، الذي كان مهندسا معماريا متخرجا من إحدى الجامعات بالولايات المتحدة الأميركية.

وفي العام 1993 أنهيت دراستي بالولايات المتحدة في مجال إدارة الأعمال؛ لأنضم إلى الشركة بجانب أخي، ونشرع في مجال تطوير العمل.

 

ما الذي أدخلتموه أنت وأخوك في مجال العمل مع توليكما زمام الإدارة؟

كمية العمل كانت تزيد من ناحية حجم الورش والنشاط، لكن حتى تسعينات القرن الماضي لم تكن هناك طفرة كبيرة في مجال المعدات والتصنيع، إذ ظل النشاط يتركز على إنتاج الورش. في العام 1998 بدأنا دراسة بعض الأفكار الجديدة بعد دخولنا في الإدارة، ومنها بعض التقنيات الجديدة في مجال الزجاج، وهنا أتتنا فكرة إنشاء مصنع.

 

لماذا فكرتم في إقامة مصنع للزجاج، ألم يكن يوجد مصنع حينها؟

معظم الزجاج، خصوصا المستخدم للمباني الكبيرة، يتم استيراده من الخارج، سواء من الولايات المتحدة الأميركية أو أوروبا أو حتى من بعض دول الخليج المجاورة التي يوجد بها مصانع مثل الإمارات.وهنا تبادر إلى أذاهننا أن يكون هناك صناعة وطنية، ومن ثم شرعنا في تأسيس مصنع. وفي العام 2005 نضجت الفكرة، ودشنا العمل في تشييد المصنع ليبدأ العمل بعد نحو عامين، وذلك في العام 2007.

كيف يختلف المصنع عن أعمال الورش الأخرى مثل تقطيع الزجاج وغيره؟

في الحالتين هناك تقطيع، ولكن هناك صناعات تتعلق بجعل الزجاج أكثر صلابة ومضادا للكسر وجعله زجاجا آمنا، وهذا يحتاج إلى أفران واستهلاك طاقة أكبر ومواد خاما مختلفة تمامًا، وهنا تدخل مرحلة التصنيع، خصوصا أن الإنتاج يتم بصورة تجارية وبمستوى آلاف الأمتار يوميًا.

ألم تكن هناك مصانع للزجاج آنذاك؟

نعم كان هناك مصنع واحد فقط، ولكن بإنتاج متواضع وقليل لا يلبي احتياجات البلاد، وكانت معظم الطلبات للمباني تأتي من الخارج. وأتذكر حين ظهرت مشاريع المباني الشاهقة مثل أبراج اللؤلؤ ومرفأ البحرين المالي كان جميع الزجاج ينتج في الخارج ويتم تركيبه في هذه المشروعات. ولم يكن للشركات البحرينية أي دور؛ لأنها لم تكن تملك الطاقة الإنتاجية الكافية لتلبية احتياجات هذه المشروعات من الزجاج، ولا الآلات المطلوبة لتوفير تقنيات تصنيع الزجاج المختلفة التي تحتاجها السوق أو هذه المشروعات. ومع وجود مصنعنا الحالي، لا يوجد شيء لا نستطيع أن نقوم به، حيث نجلب الزجاج على شكل ألواح ثم ندخله عمليات الإنتاج والأفران لصناعة مختلف الأنواع المطلوبة.

 

لماذا لا تقومون بإنتاج الزجاج الخام؟

صناعة الزجاج تتم أساسا من كميات كبيرة من الرمال وهي عادة تتوافر في الصحاري، التي توجد بمناطق مثلا في المملكة العربية السعودية أو الإمارات و الهند وغيرها. نقوم باستيراد القطع الكبيرة من الزجاج وتصنيعها وفق المواصفات المطلوبة. البحرين توجد بها صحراء ولكنها صحراء حجرية، وليست رملية. مصنعنا يعتبر حاليا من مصانع الصناعات الأولية في مجال الزجاج، والتي تقوم بتصنيع الزجاج للاستخدام النهائي.

 

كم يبلغ إنتاجكم الحالي من الزجاج؟

حاليا نعتبر “اليوسف” أكبر مصنع للزجاج في البحرين، إذ تبلغ طاقتنا الإنتاجية الحالية 2400 متر مربع من مختلف منتجات الزجاج يوميًا.

ونستطيع حاليا تلبية أي طلب لتغطية أي مبنى بالزجاج بأية نوعية، فالطاقة الإنتاجية للمصنع والمعدات والتكنولوجيا التي نملكها تتيح ذلك.

 

هل أدخلتم أنواعا جديدة من الزجاج بفضل وجود مصنع كبير ومهيأ؟

نعم هناك الكثير من أنواع الزجاج التي قمنا بإدخالها مثل الزجاج العازل، والزجاج المطبوع، والزجاج المطلي، والزجاج الذي يمكن إدخال القماش به ومنتجات الديكور بينها. دخلنا في العديد من المشروعات، مثلا في مناقصة مطار البحرين الدولي الجديد، وننفذ مشروعات كبرى مثل برج فونتانا وأبراج الدبلومات، وغيرها من المشروعات.

 

مع الأوضاع الاقتصادية الراهنة، كيف تقيمون مستوى الطلب على الزجاج؟

المشروعات الحكومية خصوصا في مجال الإسكان تشهد طفرة كبيرة وهذا رفع من حجم الطلب على الزجاج في البحرين، كما نلمس كذلك طلبا من مشروعات التطوير العقاري وغيرها.

إذًا هل يدفعكم هذا النمو لزيادة القدرة الإنتاجية لمصنع اليوسف للزجاج؟

في العام 2016 كان مصنعنا يعمل طوال اليوم 24 ساعة، وكان هناك مجال لاستقبال طلبات أكبر من السوق، ومع وجود مساحات بجانب المصنع الحالي في توبلي، رأينا فرصة لمضاعفة الإنتاج، وأصبح حجم إنتاجنا يقدر بنحو الضعف وذلك من 100 متر يومي إلى نحو 2400 متر مربع.

كم يبلغ حجم العمالة لديكم حاليًا؟

في المجموع ككل يوجد لدينا نحو 400 موظف من مختلف الاختصاصات.

 

بصفتك تمثل الجيل الثاني الذي يتولى قيادة الشركة وإدخال التطويرات، متى باشرتم العمل؟

كنا نزور الورشة باستمرار منذ مراحل الطفولة ونحن في الخامسة عشرة من العمر وتشبعنا بعمل الوالد، أصبحت لدينا معلومات عن الصناعة، لكن لا أستطيع أن أقول إننا كنا نقوم بعمل مباشر، وأستطيع القول إننا تعلمنا الحرفة وحصلنا على معلومات كافية عن الصناعة، تعلمناها بالفطرة والممارسة العملية، وبعد مرحلة الدراسة بالولايات المتحدة في مجال إدارة الأعمال انضممتُ وأخي الأكبر محمد اليوسف الذي استفادت الشركة من خبرته بعد انضمامه لها عقب إكمال دراسته الجامعية في الهندسة، والتحقتُ بالوالد وأخي الأكبر للعمل في الشركة نهاية التسعينات.

 

بعد أن توليتم الإدارة من الوالد وقمتم بجميع هذه التغييرات والتطويرات، هل لمستم أي تحفظ من قبل الوالد خصوصا في ظل جيلين مختلفين؟

بالعكس، أعتقد أننا استفدنا من خبرة الوالد بشكل كبير في إجراء جميع التطويرات التي قمنا بها، خصوصا في الحياة العملية التي اكتسبها على مدى سنوات طويلة. وبوجود إرشاداته، استطعنا تفادي معظم الأخطاء التي من الممكن أن تصيب أي شركة، فكانت خطواتنا محسوبة.

 

لنكن دقيقين قليلًا، أنتم شركة عائلية ناجحة، لكن تعاقب الأجيال على الشركات العائلية يشكل تهديد لها في الغالب، هل أنت قلق من هذه الناحية؟

أسسنا شركات كل على حدةِ، ثم قررنا أن نؤسس شركة قابضة في حدود العام 2010؛ لكي تستمر الشركة كشركة متماسكة عائلية بإدارات مستقلة، وأن تكون لها إدارات للحسابات والتسويق وغيرها، وتم إنشاء شركة قابضة مع توزيع الأسهم.

 

شكلتم شركة قابضة فما الأنشطة التي تنضوي تحت مظلتها؟

حاليا تضم الشركة القابضة 6 شركات، شركة “اليوسف للديكور” و “اليوسف لمواد البناء” و “غلوب آرت غلري” و “اليوسف للزجاج والمرايا” و “اليوسف ثيرموغلاس” و “مصنع اليوسف للألمنيوم”.

 

لنعرج على المستقبل قليلًا، فهو المحك، أين تجد شركة اليوسف نفسها أمام التحديات المستقبلية؟

اليوم التحديات لا تتعلق بالمنافسة بشكل أساسي، ولكن تتمثل في مواكبة التطورات المتلاحقة في السوق، فالمكائن والأجهزة التي نقتنيها ستصبح قديمة غدًا، إذ إن التقنيات في تطور مستمر، واليوم على المستوى الإداري والصناعي، إذا لم تقم بمواكبة التطور فإن شركتك بعد فترة بسيطة ستفقد موقعها، وهذا ما نحاول أن نتعامل معه في الإدارة، لذلك تجد في مصنع الزجاج أجهزة ومعدات تقوم بتصنيع منتجات ليس لها طلب في السوق حتى الآن، مثل قطع الزجاج ثلاثي الأبعاد والقطع بخمسة أبعاد، وغيرها من التقنيات الحديثة.

ودخلنا كذلك في مجال “الزجاج الذكي” ونعمل حاليًا على تركيب الخط لتشغيله، وهو زجاج قادر على تغيير لونه وتستطيع استخدامه كشاشة “ال اي دي”، وكان في السابق يجلب من فرنسا أو ألمانيا، لكن مع تركيب الخط الجديد سنقوم بتصنيعه.

وأحب الإشارة في الختام هنا إلى أننا نصدر نحو 30 % من إنتاجنا إلى دول الخليج المجاورة.