+A
A-

بعد تخييرها.. فتاة تعود لأحضان والدتها

رفع أب دعوى قضائية ضد زوجته بعد انفصاله عنها طالبا فيها حضانة ابنتهم التي تجاوزت سن التاسعة وإسقاط نفقتها.

وتشير التفاصيل بحسب ما أفادت المحامية فاطمة علي بن رجب بأن موكلتها الزوجة تزوجت من زوجها بعقد زواج صحيح وموثق، ورزقا بابنة المحامية فاطمة علي بن رجب واحدة، إلا أنه وبعد مرور فترة على زواجهم حدثت بينهم المشاكل الأسرية وتم الانفصال فيما بينهما، وعليه ألزمت المحكمة الزوج بسداد النفقات الشهرية للبنت والأم.

وأشارت بن رجب بأن زوج موكلتها أقام دعوى قضائية ضد زوجته بعد انفصالهم طالبا فيها حضانة الابنة وإسقاط نفقتها، وعليه أقامت موكلتها الزوجة دعوى متقابلة لدعوى الزوج طالبة فيها بتخيير البنت بينها وبين والدها كونها في رشدها وتستطيع الاختيار، ووضحت الزوجة في دعواها بعدم صلاحية زوجها لحضانة البنت كونه يتعاطى المخدرات ويشرب المشروبات الكحولية وأنه ذو أسبقيات.

وفي جلسة المحكمة حضرت والدة الزوج وأفادت أمام المحكمة بأنها لا تمانع من القيام برعاية البنت والقيام بخدماتها والاعتناء بها مشيرة إلى أنها تسمع من الناس بأن ابنها يتعاطى ويشرب ولكنها لم تر ذلك، كما أشار وكيل الزوج بأنه سبق وأن صدر حكم جنائي ضد الزوج قبل أكثر من 5 سنوات بشأن حيازة المواد المخدرة بغير قصد البيع والتعاطي أو الاستعمال أما الآن فالزوج يحوز شهادة بحسن السيرة والسلوك.

فيما أشارت المحامية بن رجب في مذكرة دفاعها بأن تاريخ شهادة حسن السيرة والسلوك قد جاءت سابقة على الحكم الجنائي، وان والد وشقيق الزوج قد أفادوا بتناول زوجها للمسكرات، لافتة إلى أن الأم تحسن رعاية ابنتها بدليل أنها متفوقة في دراستها.

وحيث إن موضوع الدعويين هو طلب الزوج الحكم بإثبات حضانة البنت له، وطلب الزوجة الحكم بتخيير البنت وإثبات اختيارها لوالدتها وضم حضانتها لها وإثبات تنازل والدها عنها عندما كانت في السابعة من عمرها بموجب الاتفاقية الموقعة بين الطرفين، ولما كان من المقرر شرعا وقانونا بموجب نص المادة 125/2 من قانون الأسرة أنه "يمنح خيار الانضمام إلى من يشاء من أبوية عند إتمام الأنثى سن التاسعة من عمرها والذكر ين الخامسة عشرة من رشدهما"، وعليه طلبت المحكمة حضور البنت وسؤالها لبيان ما إذا كانت في رشدها، إلا أنه وبعد سؤالها لم يتبين للمحكمة رشدها، وانتهت المحكمة لعدم صلاحية البنت للتخيير وحكمت بضم حضانة الطفلة إلى والدها.

ولم ترتضِ الزوجة بذلك ما حدا بها بالاستئناف على الحكم لدى محكمة الاستئناف ناعته على الحكم المستأنف بالخطأ في تطبيق الشرع والقانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الواقع والإخلال بحق الدفاع وبيان ذلك بأن البنت بلغت سن التخيير الشرعي والحكم المستأنف أعرض عن تخييرها، واقتصرت المحكمة على توجيه أسئلة لا يمكن استنتاج الرشد منها ولم يبين الحكم الوجه في حكمه بل التفتت عن طلب إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات رشد البنت، وبشهادة والد ووالدة وأخي المستأنف ضده تعاطيه للمخدرات والمسكرات فيكون الحكم مشوبا بالفساد في الاستدلال ويلزم القضاء ببطلانه.

وحيث طلبت وكيلة المستأنفة المحامية بن رجب إحالة الاستئناف للتحقيق لإثبات المستأنفة بأن المستأنف ضده غير صالح وغير مؤهل لتربية البنت والمتمثل ذلك بتعاطيه للمخدرات والمسكرات وتعديه على الذات الإلهية وغير ملتزم أخلاقيا ودينيا وأن البنت راشدة، وقدمت للمحكمة شهود لإثبات أن ابنتهم بكامل رشدها وتستطيع الاختيار.

وطلبت وكيلة المستأنفة إحضار البنت لتخييرها، ودفعت بإهمال المستأنف ضده للبنت ودراستها، وقدمت قرصا مدمجا يتضمن مقاطع فيديو حديثة لغرفة نوم المستأنف ضده مع ابنته وفيها صورة "براد" يحتوي على مسكرات، وصوتيات للبنت تبكي وتصرخ فيها برغبتها البقاء مع والدتها.

كما طلبت مخاطبة مدرسة البنت للتأكد عن حضور وغياب البنت عن المدرسة في هذا الفصل الدراسي وعما إذا تجاوز غيابها الأيام المسموح به، وهل كان غيابها بعذر طبي أم لا، علاوة على مخاطبة مركز الشرطة لتزويد المحكمة بأوراق البلاغ المقدم من المستأنفة والذي تشكو فيه الزوجة من زوجها المستأنف ضده بعد اتصال البنت لها باكية بسبب سوء معاملة والدها ورغبتها الانضمام لها وأنها تحت ضغط منه.

وقد استجابت المحكمة لطلبات وكيلة المستأنفة وقررت مخاطبة مدرسة البنت ومخاطبة مركز الشرطة، وعليه تقدم زوجها باستئناف فرعي طالباً فيه حصوله على أوراق ثبوتية ابنتهم، حيث ارتأت المحكمة للاستماع إلى شهادة شهود الزوجة والتي اطمأنت لهم المحكمة واستنتجت رشد البنت ومقدرتها على الاختيار.

حيث خيرت المحكمة البنت بعد أن تحققت من بلوغها سن التكليف الشرعي وسألتها بعض الأسئلة لتتبين رشدها فاتضح للمحكمة أنها تتصف بالرشد المطلوب للتخيير وعليه خيرتها بين المستأنفة والدتها والمستأنف ضده والدها فاختارت البنت الانضمام لوالدتها المستأنفة والعيش معها لكونها تهتم بشؤونها وتقوم برعايتها على أحسن وجه بخلاف المستأنف ضده والدها.

وعليه حكمت المحكمة الشرعية بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بإثبات اختيار البنت للمستأنفة والدتها والإقامة معها.