العدد 5642
الثلاثاء 26 مارس 2024
banner
"حركات رامز وفتاوي أبو جهل"!
الثلاثاء 26 مارس 2024

هي برامج.. وهي خطيئتنا، هي برامج لأنها المقرر السنوي الرمضاني علينا، "رامز وحركاته"، و"فتاوي بعض الإعلاميين غير العالمين"، رامز يشير بعلامة الذبح في ديباجة مخلة، والعلامة تحفر في ذهنية أطفالنا صورة الذبيحة وهي تنزف دما، والفريسة وهي تصرخ مستغيثة، رامز يبحث عن الترند على الشاشة البيتوتية الكبيرة، والفضائيات تبحث عن غنائمها التي جمعتها على هيئة إعلانات غير مسبوقة في تاريخ فضائياتنا العربية.

الكارثة في ذلك الإعلامي الذي لم يكتف بحصد الملايين من برامجه المدعومة والمفروضة، فانتهز الشهر الفضيل ليدخل علينا ببرنامج فني منوع يفتي فيه مع ضيوفه، ويفسر فيه مع رفقائه ما لا يمكن تفسيره، ويزور في التواريخ مثلما يشاء. قبل أيام قلائل أفتى مجددا من دون علم، كان الحديث مع مطربتين المفروض أنهما من العيار الثقيل، عن أي المطربين أفضل عبدالوهاب أم عبدالحليم؟! وبصرف النظر عن أن المقارنة كانت سخيفة ولا تجوز شرعا وعرفا، حيث إن أحدهما مطرب والآخر مطرب وموسيقار كبير، إلا أن دار الإفتاء الفني أطلقت فتاواها بأن المقارنة لا تجوز كون عبدالوهاب اعتزل الغناء منذ بداية خمسينيات القرن الماضي، فيما الآخر كان قد اعتزل الغناء في منتصف السبعينيات بعد أغنيتيه الشهيرتين "أغار من قلبي إذا هام برؤياك، فأنت المنى والروح فكيف أنساك؟"، ثم الأغنية الأخرى التي لحنها لنفسه وغنتها معه نجاة الصغيرة وهي أغنية "ساعة مبشوفك جنبي". وأحمد الله وأشكر فضله أن الخطأ المطبعي تم ارتكابه هذه المرة في تاريخ اعتزال فنان كبير، ولم يكن بخصوص قانون سماوي يتم الإفتاء فيه بغير علم، أحمد الله أن الخطأ فني ويمكن تداركه وليس سياسيا أو عسكريا فلا يمكن إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

الإعلامي الناجح هو معلومات، وثقافة، واحترام لعقلية المشاهد، وليس ابتزازا له، وعندما يواجهه الناس على السوشال ميديا بأخطائه يرد بمنتهى البجاحة: "لو مش عاجبكم هناك عشرات القنوات الأخرى"، "لا أحد يجبرك أن تراني"، يعني بدلا من أن يصحح الأخ الزميل خطأه ويعتذر للجمهور لأنه دائما على حق، يتمادى بمنتهى الغرور والتعدي على الآخر ويطالبه بأن يغلق المحطة ويذهب لأخرى. برامج رمضان سواء تلك التي تحرض على العنف المبطن أو تلك التي ينفث الإعلامي سمومه من خلالها علينا، ناهيك عن الإعلانات المخلة بالشهر الفضيل وتقاليده، لن تصنع تاريخا لكنها سوف تبيد تاريخا، لن ترفع وعي المشاهد، ولن ترتقي بالذوق العام، بل سوف تهبط به لأسفل السافلين ولأحط منطقة في حياتنا الإعلامية المثار حولها العديد من التساؤلات، يا تري هل نغلق القناة ونذهب لأخرى؟ أم نحاسب المخطئ إذا لم يصحح خطأه؟!.

كاتب بحريني والمستشار الإعلامي للجامعة الأهلية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية