العدد 5638
الجمعة 22 مارس 2024
banner
"القصاص" وشعراؤه الأربعة والأربعون
الجمعة 22 مارس 2024

قبل أيام قلائل، وعلى حين غرة، وقفت عيناي صدفة على قائمة من 44 شاعرًا عربيًا اعتبرهم الصديق والشاعر المصري الكبير جمال القصاص بمثابة مرايا الشعر لديه، كانت القائمة منشورة على اللوح الإلكتروني المحفوظ، على "السوشال ميديا"، على "الفيس بوك" كبداية ثم تداولتها أدوات التواصل الاجتماعي الأخرى. وحين تمعنت في الأسماء وجدت أنها تضم شعراء رحلوا وآخرين مازالوا على قيد الحياة، زملاء أضافوا وآخرين لم تدركني ذهنيتي الراهنة لكي أستوعبهم أو أتابعهم.

ضمت القائمة "العبدلله" ضمن الذين اعتبرهم الشاعر المبدع جمال القصاص "مرايا الشعر" في كتابه الذي صدر حديثًا، وضمت القائمة، وأرجو أن تسعفني الذاكرة، الشاعر السوداني الكبير محمد الفيتوري رغم أنه سابق لعصرنا وأواننا، تمامًا مثلما ضمت العديد من شعرائنا المبدعين الذين رحلوا مبكرًا أمثال رفعت سلام وحلمي سالم، اللذين أسسا مع جمال القصاص وحسن طلب جماعة إضاءة 77 من قبل أن ينضم فريق مؤمن بالفكرة بعد ذلك. ضمت القائمة الشاعر الراحل وصديق العمر محمود نسيم الذي رحل فجأة متأثرًا بمتلازمة كورونا أيام هجمة الجائحة الملعونة، تمامًا مثلما ضمت شعراء معاصرين وآخرين مبدعين مستقلين أمثال الشاعر الكبير والصديق العزيز أمجد ريان، والشاعر الفلسطيني العملاق الراحل سميح القاسم، والدكتور فارس خضر، والأخ الزميل محمد الكفراوي، وسمية العسقلاني، وأحمد الشهاوي، وغيرهم. ومما يبعث على السعادة أن جمال القصاص في كتابه وجه الشكر للـ 44 شاعرًا عربيًا، وفي نهاية الطرح بعث رسالة مؤثرة: "شكرًا لكم، أضفتم لوجودي في الشعر مساحة أخرى من الضياء والمحبة"، بالإضافة طبعًا إلى عنوان عريض يقول فيه: "44 شاعرًا وشاعرة يضيئون "مرايا الشعر"، ثم مقدمة سريعة يقول فيها: "لقد انتهيت للتو من كتابي "قراءات في مرايا الشعر"، أحتفي فيه بهذه الكوكبة من الشاعرات والشعراء الأعزاء".


ما إن انتهيت من قراءة هذا المختصر المفيد لكتاب يؤرخ فيه شاعر كبير لبناء عصره من الشعراء العرب، حتى انهالت المكالمات الهاتفية لتهنئني على هذا الكتاب الذي أهداه إلينا جميعًا صديق عمر طالما لقبته بأمير شعرائنا، كونه في نظري الأكثر موهبة، والأصدق إحساسًا، والأعمق تعاطيًا مع قضايانا وأحلامنا.

لقد بدأ جمال القصاص حياته الشعرية من كفر الشيخ، موطنه الذي أنجب أهم شعراء عصرنا، بينهم الراحل علي قنديل الذي كانت تربطه علاقة وثيقة بجمال القصاص، ومحمد عفيفي مطر ومحمد الشهاوي وغيرهم، ثم انتقل إلى القاهرة حيث التحق بكلية الآداب لينتشر في أرض الأدب والثقافة، يصادق الجميع ويحب الجميع، حتى التقينا في العام 1975 في بيت الشاعر الراحل محمود نسيم، ومنذ ذلك الوقت وحتى اللحظة لم نفترق أنا وجمال بل اشتركنا في إصدار العدد الثالث من مجلة إضاءة 77 بعد أن انفض بعض المؤسسين من حولها.

لقد تزاملنا بشرف، وتعاونا بحب، جمال القصاص وأنا، نصف قرن على علاقتنا الجميلة، هو يبدع على طريقته، وأنا أحاول على طريقتي، هو صحافي من طراز فريد وأنا أيضًا لا توجد لي سوى مهنة الصحافة التي عشقتها منذ نعومة أظفاري، هو في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية يكتب في الشعر والأدب والحياة، وأنا في بلاط صاحبة الجلالة أتقلد المناصب وأتنقل من صحيفة لأخرى بعد أن امتدت هجرتي لمعشوقتي البحرين لزمن ذهبي من عمري. شكرًا لك يا جمال.. شكرًا لك على مرايا شعرك، وعلى مرايانا التي مازالت تخايلنا أطيافها، وتباغتنا أرواحها، وشكرًا لكم.

كاتب بحريني والمستشار الإعلامي للجامعة الأهلية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .