العدد 5691
الثلاثاء 14 مايو 2024
banner
قمة البحرين.. أمنيات عاجلة
الثلاثاء 14 مايو 2024

مثل أي عربي آخر أتمنى من قمة البحرين أن تحقق لشعبنا “المُحبط” كل ما يعيد إليه الأمل، ويبعث فيه السعادة، الأمل في أن قضايانا المحورية المعلقة يمكن أن ترى من يرعاها ويأخذ بيدها، ويعود بها إلى مربع التعاطي الأول، مثلي في ذلك مثل أي مواطن عربي أتمنى من قمة البحرين التي تنعقد لأول مرة على أرض الخلود، خلودا من نوع آخر، بقاء لا نظير له، وجودا تحترمه الأمم، وموقفا تتفهمه القوى الدولية المتغاضية، أتمنى أن تتصدر غزة المشهد، وسوف تتصدره، وسوف تتربع على إحداثياته وقضاياه، على مساحات الرأي والرأي الآخر. أتمنى من قمة البحرين أن تكون بحجم المسؤوليات الجسام والتحديات الأكثر جسامة، عالم يقف أمامنا، واحتياجات شعب تنتظر مزيدا من التحقق ومزيدا من الأماني المؤجلة، مفردات أمة لا تقبل القسمة على آلامها وعذاباتها، رفح ثم رفح و”اليوم التالي” وما أدراك ما “اليوم التالي”، من يدير القطاع يا ترى؟ من سيقبل التحدي، ومن سيكون خارج الخدمة، وفي ذمة التاريخ؟
آن الأوان لموقف تضامني موحد، فالقادة العرب في ضيافة مملكة التعايش والسلام والعزة والكرامة، لا تقبل إلا ما يقبله شعبها، ولا تتنازل عن شبر من أراضيها العربية الممتدة من الخليج إلى المحيط، ولا استثناء لقاعدة وطنية معروفة سلفًا.. لا نتدخل في شؤون الغير ولا نقبل من أحد أن يتدخل في شؤوننا أو يعتدي على خصوصيتنا، قضايانا القومية وموقفنا منها معروف ومفهوم ويؤكد عليه حضرة صاحب الجلالة مليكنا المعظم في كل لقاء يجمعه مع أشقائه القادة العرب. قمة البحرين لم تأت من فراغ، ولم تخلق من العدم، فالأجندة المكتظة بالملفات والأوراق التي آن الأوان لطرحها بكل وضوح وصراحة من الجميع، آن لها أن يبت فيها من دون تأجيل، وآن لها أن تراعي قلق الشارع العربي وهو يطالب بموقف تضامني لا يقبل التأويل، مشروع عربي يقوم على توحيد المواقف والقرارات. 

على تأكيد الوجود الفلسطيني، وأن أحدًا لا يمكن أن ينوب عنه في إدارة الشأن الغزاوي أو مختلف شؤون القضية التي ستظل حية ما دامت في عروقنا حياة.
لا نتنازل عن شبر من أراضينا العربية المحتلة، ولا مفاوضات بشأن الحل النهائي إلا وفقًا لمرجعية قمة الرياض بأنه لا سلام شامل ولا استقرار للمنطقة إلا بقيام دولة فلسطينية مكتملة الأوصال وعاصمتها القدس الشرقية.
لم يعد على طاولة المباحثات هم أكبر من ذلك الهم الفلسطيني الكبير، تذكرني قمة البحرين بقمة القاهرة في سبتمبر 1970، عندما كان الاحتدام العربي على أشده بشأن القضية نفسها، ونحمد الله ونشكر فضله أننا لا نعاني من ذلك الاحتدام حاليًا، بل إننا كأمة عاقلة نشهد أهم مرحلة يتفهم فيها قادتنا قناعات شعوبنا، جميعًا توحدنا من أجل فلسطين، ولا يوجد عربي واحد لا ينشد حياة أفضل، وإعادة لإعمار، وإرادة فلسطينية وطنية رشيدة لقطاع غزة.
مفاوضات الحل النهائي بما فيها “حل الدولتين” قد تكون مهيأة للتعاطي بعمق مع مفاوضات قادمة أكثر صعوبة مع الإسرائيليين، وقد يكون الحل النهائي غير نهائي في ظل التعنت الإسرائيلي بشأن ورقة رفح في مواجهة أوراق الهدنة، وتبادل المحتجزين.
قمة البحرين.. قمة القمم، والله المستعان.


كاتب بحريني والمستشار الإعلامي للجامعة الأهلية

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .