إن استضافة البيت العربي وانعقاد القمة العربية بمملكة البحرين ستشكل مرحلة جديدة لانطلاق مسيرة العمل العربي من حيث النوع والشكل والمضمون والمتابعة والتنفيذ، وتؤسس لاستراتيجية واضحة للتنسيق والتعامل المشترك مع قضايا أفرزتها الصراعات الإقليمية والدولية والجيوسياسية التي سيكون لها انعكاس على الواقع العربي من جانب، والمسائل التي أفرزها التطور التكنولوجي وتأثيراته على السيادة والأمن الإقليمي والعربي من جانب آخر، وهو ما لا يمكن مواجهته فرادى.
ستكون المنامة، المكان الذي يؤسس لصوغ عهد جديد يرتكز على مقومات نوعية تبرز العنوان الرئيس للعمل العربي المشترك والتكامل في الرؤى والاستراتيجية لمواجهة جميع المخاطر والتغيرات التي أفرزها الواقع السياسي والاقتصادي والعصر الرقمي ومتطلبات التنمية المستدامة، وتؤكد نهج التشاور والتعاون والعمل كجسد وقلب واحد يكشف عمق تلاحم الوطن العربي وتضامنه في مواجهة المخاطر والمتغيرات.
ها هي مملكة البحرين بروح دستورها الذي نص على أنها: جزء من الأمة العربية وإقليمها جزء من الوطن العربي الكبير، وتعمل على صون التراث العربي والإسلامي، وتحقيق آمال الأمة العربية في الوحدة والتقدم، وتعمل على تحقيق الوحدة الاقتصادية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول الجامعة العربية، وكل ما يؤدي إلى التقارب والتعاون والتآزر والتعاضد فيما بينها، وفق دبلوماسيتها وسياستها الخارجية، تحتضن البيت العربي وقادة المنطقة، إيذانا لتأسيس عهد يصوغ رؤى جديده للوطن العربي. 
بمداد حروف دستورها الذي يؤكد أهمية التلاحم والتضامن والتعاون العربي، جاء زحم نشاطها الدبلوماسي المكثف مع شقيقاتها دول مجلس التعاون لبلورة الرؤى والآفاق العربية للتعامل مع التحديات النوعية والمعقدة المرتبطة بمستقبل المنطقة. 
فالتوقيت الزماني والمكاني وما مرت به المنطقة من أحداث لها تداعياته على مستقبلها، تمثل علامات بارزة تتطلب مخرجات نوعية وفاعلة وتنسيق مستدام من خلال قنوات محددة ومصغرة لضمان التنفيذ، وتكون أدواتها الدول العربية، جامعة الدول العربية، مجلس التعاون الخليجي، الاتفاقيات الثنائية، ووكالات الأمم المتحدة.
فدول الوطن العربي لها دور تاريخي وثقل استراتيجي تعلق عليها آمال الشعوب العربية للمرحلة القادمة القائمة على إعادة ترتيب قواعد اللعبة وتموضع القوى، في عالم تتباين فيه السيادات والقوة والمصالح المشتركة التي تستدعى وجود نهج واستراتيجية واضحة المعالم والطريق، تبين أين ستكون خارطة الوطن العربي في واقع التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية المقبلة.

محام ومحكم دولي