العدد 5605
الأحد 18 فبراير 2024
banner
23 عاما من الميثاق الوطني
الأحد 18 فبراير 2024

مهما قلت فلن أعبر عن مدى سعادتي بأن الله أطال في أعمارنا لكي نشهد مرور ما يقرب من ربع قرن على تدشين أهم ميثاق عمل وطني ربما من بين المواثيق المكتوبة على مدى الزمن المحسوب.
كل المشروعات الوطنية والإصلاحية كانت تأتي من قواعد شعبية وتتجه نحو القمة لكي يتفاهم الجميع على صنع التغيير والتدبير ومواجهة تحديات المستقبل.
أما المشروع الإصلاحي الكبير لحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم الذي أطلق حماماته السلمية في العام 2001، فقد جاء من قمة الهرم الإداري في الدولة ليتلقفه الشعب المؤمن بالإصلاح ويصنع مع قائده معجزة لم تكن سهلة المنال أو يسيرة التحقق تحت أي ظرف تاريخي آخر.
مرت السنوات الـ 23 ونحن نرقب من قريب أو بعيد ما تحقق للوطن والمواطن، بالتحديد في قطاع التعليم الذي شرفت بتمثيله ضمن اللجنة العليا لإعداد مشروع ميثاق العمل الوطني، مازلت أذكر تلك الحلقات الدؤوبة للمناقشات، في كل مكان بالبحرين ربما، في مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والمهنية، في الأندية والتجمعات الشعبية ودور العبادة، في المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية، في مجتمعات المال والأعمال والتجارة والثقافة.
التعليم كان له النصيب المهم في المشروع الإصلاحي الكبير، والذي لولاه لما انطلقت جامعة خاصة واحدة، والذي لولاه ما أصبحنا اليوم في البحرين نفخر بأن لدينا جامعات خاصة مصنفة دوليًا ضمن أهم الجامعات في المنطقة والعالم.
الجامعة الأهلية مثلاً، وهي أول جامعة خاصة انطلقت مباشرة بعد التصويت على الميثاق الوطني، وبعد الإجماع الشعبي عليه بنعم كبيرة قوامها 98,4 %، هذه الجامعة الفتية قد أحرزت المرتبة 651 على مستوى جامعات العالم بعد مرور 23 سنة من إطلاق الميثاق، وبعد نفس الحقبة من التأسيس.
أصبحت جامعاتنا مصدرًا لإنتاج المعرفة وليس لاستهلاكها، للعمل من خلالها وليس لاستقدام مشغلين من الخارج، حتى الذكاء الاصطناعي أصبحنا نُدرسه ونعلمه للطلبة في مختلف المراحل ومختلف الكليات، نظرية كانت أم عملية، التكنولوجيا الفارقة والتكنولوجيا البازغة أصبحت محل اعتبار أبنائنا في البحرين والمنطقة.
المشروع الإصلاحي الكبير كان ومازال وسيظل مشروعًا تنويريًا باقتدار، وكان ومازال وسيظل بابًا مفتوحًا لكل مجتهد، وطريقًا متسعًا لكل عابر سبيل.
كثيرًا ما كنا نتحدث عن التغيير، ولكن هذا التغيير كان يمكن أن يتم للأسوأ وليس للأفضل، أما الإصلاح فقد ربطنا بضرورة التطوير، تصحيح المسار، التحول من التراجع إلى التقدم، ومن التجاهل إلى التناصح، ومن التخلي إلى تحمل المسؤوليات.
الإصلاح في معاجمه المتداولة، تحسينًا لأحوال المعيشة، تطويرًا للعمل السياسي والاقتصادي والثقافي والمجتمعي والأكاديمي، تحريكًا لأي ركود، وتحويله إلى نماء مستدام، إلى صيرورة مجتمعية فاعلة للتعايش والتسامح والسلام.
الإصلاح مثلما ورد في ميثاق العمل الوطني انعكس بشجاعة على قطاع التعليم، على البحث العلمي وبناء العقول، على تمكين المرأة والشباب وتمكين المستقبل.
ربما تكون تلك هي المرة الأولى التي يتم من خلالها التحدث بطلاقة عن الأيام الأجمل التي لم نعشها بعد، وعن الفرص المتاحة التي لم تكن لدينا دراية بها، وللتكافؤ في مجالات العلم والاقتصاد والتجارة والبنى الأساسية والعمالة وحقوق الإنسان، والتوثيق وحرية التعبير ورجاحة التدبير وتطوير الإعلام.
23 سنة من التقدم والازدهار عاشتها البحرين بحثًا عن أيام أجمل باستمرار، و23 سنة من التآخي والتسامح والتلاحم تأكيدًا لوحدة المجتمع، والتفاف الشعب حول قائده، وكل عام وميثاقنا الوطني بألف خير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية