العدد 5598
الأحد 11 فبراير 2024
banner
تكافؤ الفرص والذكاء الاصطناعي
الأحد 11 فبراير 2024

لم يكن مؤتمرًا لتكافؤ الفرص بمعناه التقليدي، حقوق المرأة أمام مكتسبات الرجل، فرص المرأة في مواجهة المواقع المتقدمة للنظير المجتمعي، لكنه حالة خاصة متعاطية مع التكنولوجيا الفارقة، مع الذكاء الاصطناعي وإذا ما كان معتديًا على البشرية وهاضمًا لحقوقها في العمل والحياة، أم إنه سيكون داعمًا لها، معضدًا لمواقعها، ومقويًا أوضاعها المهنية.
السؤال وجيه، وأدى إلى مناظرة داخل المؤتمر السنوي الذي نظمته الجامعة الأهلية، بالتعاون مع جامعة برونيل البريطانية، وجامعة الأعمال والتكنولوجيا بجدة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة.
على المدى من دقائق المناظرة، مع أو ضد الذكاء الاصطناعي، خرجت المناظرة بتصور، بأسئلة مفتوحة، بآفاق لا تحد، خرجت مثلاً بضرورة التعاطي مع الحالة الإنسانية التي يمكن أن يضيقها الذكاء الاصطناعي لمستخدميه، هل سيقوم بأعمالهم، أم إنه سيساعدهم على إنجاز أعمالهم؟ هل سيلغي وظائفهم، أم إنه سوف يدعم هذه الوظائف ويكسبها دقة أكثر ومعلوماتية أسرع، وأداء أرقى وأكثر إنتاجية؟
السؤال وجيه، والمنافسة كانت حامية الوطيس، متأرجحة ما بين نعم ولا، أو مع وضد، وأحيانًا تميل الكفة ناحية الفئة المترددة التي لم تعثر على إجابة شافية فالتزمت الحياد، لكن تم اكتشافها من خلال تغيير رأيها بعد كل أطروحة من عالم أو أستاذ أو مشارك في المناظرة.
بالنتيجة اكتشفنا خلال مداولات المؤتمر أن تكافؤ الفرص قد اكتسب هذه السنة ملمحًا جديدًا، مفاده أن التوقف عن التفكير أو إعادة اختراع العجلة لن يستقيم مع توقعات علماء الإنسانيات الذين ارتبطت اختراعاتهم بالسلوك البشري عند كتابة التاريخ.
العالِم السويسري ستيفان جاريللي الذي شارك في أحد المؤتمرات العالمية بمملكة البحرين مع مطلع الألفية وجه لطمة قوية للحضور عندما قال بالفم الملآن أن التاريخ يبدأ غدًا، هذه المقولة بدأنا نعيشها بالسنوات القليلة الماضية بالتحديد عندما أصبحت التكنولوجيا الاستباقية أداة من أدوات تكوين المحتوى الإلكتروني لأي منتج علمي، وأي مادة إعلامية، وأي كيانات حيوية.
أصبحنا والذكاء الاصطناعي وجهًا لوجه عند إجراء عملية جراحية لاستئصال عضو من أعضاء جسد مصاب، وأصبح الروبوت قادرًا بالتوجيه من ممرضة أو طبيب واحد على إنجاز مهمة كان يقوم بها أربعة أو خمسة ممرضين أو ممرضات وأكثر من طبيب.
أصبحت فرص العمل أكثر محدودية أو هكذا ستكون، وأصبح التحدي القائم هو هل ستذهب العمالة الفنية إلى بيوتها وتجلس تنتظر الفرج من السماء، أم لابد عبر الذكاء الاصطناعي أو الذكاء الطبيعي من البحث عن أعمال تتسق مع تخصصاتهم بحيث يحققوا للمجتمع قيمة مضافة مؤكدة؟
يقولون: إن سوء المناخ وأمراضه سوف يقضي على 69 % من الكائنات التي تعيش على الأرض قبل نهاية هذا القرن، وأن كثيرًا من الحيوانات والطيور والحشرات والنباتات والزواحف التي نشاهدها اليوم سوف لن نشاهدها بعد أقل من 50 سنة من الآن.
التحدي أن الإنسان نفسه تحت ظلال الجوائح والحروب والأمراض وانتشار أنواع جديدة من الفيروسات والبكتيريا المقاومة لمضاداتها الحيوية، بالإضافة إلى الفقر وسوء توزيع الثروات وانهيار ثقب الأوزون، كل ذلك سوف يشكل خطرًا جسيمًا على وجود الإنسان، بل إن 169 مليون نسمة، حسب تقارير منظمة الصحة العالمية، سوف يفارقون الحياة بسبب الجوع والمرض سنويًا ما لم نجد لهم حلولاً أكثر ذكاءً حتى من الذكاء الاصطناعي وتوفير حياة كريمة لهم.
كل ذلك يفتح المجال أمام فرص عمل جديدة نواجه بها تضاؤل هذه الفرص بفعل الذكاء الاصطناعي، والسؤال: هل نغلق شبابيك التقنية ونعود إلى العصر الحجري، راضين قانعين بما قسمته لنا الطبيعة من حياة بدائية بسيطة، أم نتعايش مع كل ما هو جديد في هذا العالم التكنولوجي الرهيب، ونبحث لأنفسنا عن مخرج طوارئ آمن من كل شر، حافظ من كل مكروه؟!

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .