العدد 5591
الأحد 04 فبراير 2024
banner
التصنيف الأكاديمي
الأحد 04 فبراير 2024

التعليم الأكاديمي لم يعد مثلما كان، مجرد برامج تمهيدية لأسواق العمل، تحريض على البحث العلمي من أجل البحث العلمي، لم يعد التعليم الأكاديمي مجرد ألقاب وتقديرات وحياة اجتماعية أفضل، وأيام مهنية أكثر تألقًا، ودراسات نوعية لتخليق المثقفين، وتدعيم الباحثين، وتوثيق أعمال الشعراء والأدباء والمفكرين.
التعليم الأكاديمي أصبح اعترافا علميا من مؤسسات تصنيف عالمية، أصبح أداء ومواكبة وبحوثا مؤثرة، وخدمة فائقة للمجتمع والناس، وأصبح أيضًا تلك العصا السحرية التي يتم من خلالها علاج مشكلات الشركات الكبرى، وإيجاد حلول ناجعة لمعضلات تسويقية وكوارث طبيعية، وعقبات تحاصر الاقتصاديات المهمة، والعمل على تحويلها إلى اقتصاديات فاعلة.
التعليم الأكاديمي في بلادنا لم يعد مجرد وجاهة اجتماعية، ولا “ديكورا” مرصعا بالشهادات والألقاب بقدر ما هو علامة على التقدم الحضاري، وقدرة خاصة على الوفاء بحاجات المجتمع المتعاظمة، ضمانة لتطوير المؤسسات، وتنمية الموارد البشرية، وحفظ العقل الإنساني من التجريف والتحريف وإعادته لوجهته الصحيحة.
من هنا كان يجب على جامعاتنا أن تحظى بالتقديرات والتصنيفات والاعتمادات الأكاديمية الوطنية وتلك التي تحصل عليها وفقًا لأسس في غاية الدقة من كلٍ من مؤسسة “كيو إس” العالمية للتصنيف الأكاديمي، و ”التايمز” البريطانية وحتى شنغهاي بكل ما تحتويه من أحكام ومعايير لها حيثياتها وضوابطها واعتباراتها.
ونحمد الله ونشكر فضله أننا في الجامعة الأهلية تمكنا عبر السنوات الطويلة الماضية من تحقيق الاعتماد الوطني، ثم الاعتراف بذلك الاعتماد من السلطات التعليمية في الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، وننتظر اعترافا مماثلا من دولة الكويت الشقيقة، والمؤسسات والدول الأخرى الفاعلة في الإقليم.
نحن نشعر بعد هذه السنوات بسعادة غامرة كوننا تمكنا بحثيًا وعلميًا من خوض معركة التنوير الأكاديمي بأعلى معدلات إجادة، تمامًا مثلما تحقق لنا ذلك الاعتراف والتقدير في مضامير جودة التعليم ليس من هيئة جودة التعليم في مملكة البحرين فحسب، إنما من مؤسسة “كيو إس” العالمية التي وضعتنا في المرتبة 651 على مستوى جميع جامعات العالم، وفي طليعة الجامعات المائة الأولى عربيًا، وأحد أهم الجامعات في منطقة الخليج بأسرها، كذلك مؤسسة التايمز البريطانية التي حظينا بتصنيف متقدم منها في مدى تحقيقنا لأهداف التنمية المستدامة، ووفائنا بمختلف المعايير التي تحقق لنا منتهى الاستجابة، وتحقيق الأثر عبر هذا المعيار الأكاديمي المعتبر.
هذا كله يوضح إلى أي مدى أصبح التصنيف الأكاديمي مهمًا بالنسبة للجامعات، بل إلى أي مدى أصبحت الاعتمادات الأكاديمية من مؤسسات التصنيف الدولية مهمة؛ حتى تتمكن جامعاتنا أن تساهم بفاعلية وإتقان واستمرارية في تحقيق الهدف المنشود لمملكتنا الحبيبة، حتى تعود لها الريادة كمركز تنوير أكاديمي معتبر على مستوى المنطقة، بل وكنقطة إشعاع مركزية في الإقليم يمكن الاعتماد عليها والنهل من علومها، والإقبال على تحصيل هذه العلوم من جامعاتها.
لقد أصبح التعليم والبحث العلمي بمثابة البوابة الحقيقية لتقدم الأمم، أصبح العلم هو الهيبة، وهو المكانة، وهو حجر الزاوية الذي يمكن عبره وضع بلادنا على مدرج التقدم والتحضر والنهضة، هو الذي سيجعلنا نتنافس ولا ننهزم، وهو الذي سيضعنا أمام التحدي الكوني والشبح الوجودي بكل اقتدار أمام المجهول البيئي الرهيب، بل بكل كفاءة أمام احتياجات المجتمعات المعاصرة المتعاظمة.
إن التقدم التكنولوجي أصبح بمثابة كلمة السر وراء الصراعات الدولية العنيفة من أجل تحقيق مصالح ومكاسب سياسية واقتصادية وعلمية وثقافية ومجتمعية، هو الذي سيضعنا أمام الدول التي سبقتنا بكل قوة وصرامة وقدرة على المواجهة، لن نخشى سلاحًا فتاكًا من دولة معتدية من هنا أو هناك، ولن تخيفنا الآلة العسكرية المتغطرسة التي تأتي إلينا بها بعض الدول لتهدد أمننا القومي وتؤرق مخادعنا، وتقلق أمان عمرنا وحياتنا، سوف نحقق بكل تأكيد تلك المعادلة الصعبة، علم يقود إلى مواجهة التحدي، واعتراف دولي بنا ليؤكد أحقيتنا في المنافسة والمساهمة من أجل بناء مجتمع دولي أكثر عدالة واحترامًا لنا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .