في رد فعل نادر الحدوث، لكنه طبيعي في ظل ما تلقاه المرأة الأفغانية من تعنت ومعاناة جراء الفهم المتشدد والخاطئ للشريعة الإسلامية من قبل حركة طالبان التي تتولى مقاليد الحكم، خرجت مؤخرا مظاهرة نسائية، احتجاجا على إغلاق وحظر صالونات التجميل تنفيذًا لمرسوم صدر في يونيو الماضي وبعد انتهاء مهلة الشهر التي أمهلتها ما تسمى بوزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لهذه الصالونات لتدبير أمورها قبل تنفيذ أمر الإغلاق الذي يعد انتهاكا جديدا في سلسلة متواصلة من انتهاكات حقوق النساء في أفغانستان منذ العودة الأخيرة لطالبان إلى السلطة في أغسطس 2021، حيث بدأتها باستبعاد النساء من معظم المدارس الثانوية والجامعات والإدارات العامّة، وتواصلت بمنعهن من دخول المتنزّهات والحدائق والصالات الرياضية والحمامات العامّة.
المرسوم يؤكد أن هدف السلطة تضييق الخناق على المرأة وليس تطبيق الشريعة، إذ استند إلى مبررات واهية من بينها المبالغ المالية الكبيرة التي تنفقها النساء في الصالونات باعتبارها عبئاً ثقيلاً على الأسر الفقيرة، وكأن النساء تدفع هذه المبالغ من جيوب القائمين على وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكأن الأخيرة هي الأعلم والأحرص على ظروف ومعيشة الأسر الفقيرة.
المرسوم يتجاهل الأهمية الكبيرة التي تمثلها هذه الصالونات للنساء، خصوصا بعد أن انتشرت انتشارا واسعا خلال العشرين عاما الأخيرة وباتت تمثل نشاطا تجاريا مربحا للكثير من النساء، إضافة إلى كونها أماكن التقاء ومتنفسًا مهما لهن، وكان الأحرى تنظيمها وتقنين ما يحدث بها إن كان هناك ما يستدعي ذلك، وليس إغلاقها نظرا لأهميتها الشديدة التي اختصرتها وعبرت عنها بوضوح شديد لافتة رفعتها متظاهرات في شارع بوتشر في كابول وكتب عليها “لا تأخذوا منّي خبزي ومائي”، وكان متوقعا أن تواجه التظاهرة النسائية بقبضة أمنية قوية للسيطرة عليها وإنهائها عبر إطلاق النار في الهواء واستخدام خراطيم المياه، وهو ما كان موضع نقد وتنديد من قبل بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان (مانوا) من هذا التعامل العنيف مع التظاهرة.
*كاتب مصري