العدد 5381
الأحد 09 يوليو 2023
banner
“الكوتة“ الغائبة في خطة البعثات
الأحد 09 يوليو 2023

ليست المرة الأولى التي نتطرق فيها إلى خطة البعثات، وربما لن تكون الأخيرة؛ كونها ترتبط بمصائر أبنائنا الطلاب تماما مثلما ترتبط بجامعاتنا الخاصة المؤهلة. خطة البعثات مثلما أشارت الصحف مؤخرا سوف يتم الإعلان عنها بعد أيام، وهذه الخطة وفقا لمعايير السنوات الماضية ونتائج التوزيع على الجامعات الخارجية، فإن حصة الجامعات الخاصة منها قد لا يحالفها التوفيق إن لم ننتبه إلى أن في بلادنا جامعات خاصة قديرة ومؤهلة وتحوز على الاعتمادية الأكاديمية والتقديرات والتصنيفات الدولية والاعترافات الإقليمية، بالإضافة طبعا إلى أن المستوى العلمي والأكاديمي يضاهي أرقى الجامعات العالمية وأكثرها شهرة واستحواذا على طلابنا. 
هذا الوضع يدفعنا مجددا إلى ضرورة النظر بعين الاعتبار إلى جامعاتنا ووضع “كوتة“ مخصصة لها عند توزيع طلابنا أصحاب البعثات؛ حتى يكون الطالب قريبا من أهله وناسه، وحتى يستطيع أولياء الأمور الاطمئنان على أبنائهم عندما يكونون داخل الديار وليس خارجها خاصة وأن جامعاتنا قد استحدثت العديد من البرامج والكليات التي تحاكي أسواق العمل وتحقق طموحات الطالب في تحصيل علوم معرفية كفيلة بوضع هذا الطالب أمام فرصته الذهبية في وظيفة مناسبة أو في استكمال دراسته الأكاديمية حتى درجة الدكتوراه من جامعاته الوطنية دون الحاجة إلى الغربة والاغتراب. 
إن الجامعة الأهلية على سبيل المثال لا الحصر، والتي تشرفت بتأسيسها قبل ٢٢ عاما قد أيقنت في المهد أن التعليم الأكاديمي سوف يشهد ثورة تحديث هائلة، وأن هذه الثورة المعرفية لا تقل أهمية عن الثورة الصناعية في أوروبا وربما تتفوق عليها من حيث صعوبة التغاضي عن التكنولوجيا والتقنية الفارقة وصولا إلى الذكاء الاصطناعي بمختلف مخرجاته وعلى اختلاف النظرة الإنسانية إليه بسبب ما يشكله من خطورة بالغة على مستقبل البشرية في الحصول على وظائف. من هنا أدركنا عند الانطلاق أهمية أن تكون العلوم والفنون والآداب مواكبة لهذه المتغيرات الهائلة ومستوفية كل اشتراطات مواجهة التحدي، وتدريس كل ما من شأنه أن يكون متوافقا مع احتياجات المرحلة، بل ومع طموحات أبنائنا وأولياء أمورهم. 
من هنا استحدثنا برامج جديدة مثل الماجستير في تكنولوجيا المعلومات والماجستير في كل من إنترنت الأشياء والمحاسبة الجنائية واللغات والعلوم الطبية والتغذية، وغيرها من البرامج الكفيلة بتلبية احتياجات أبنائنا الطلبة ووضعهم على الطريق العلمي السليم. 
لكل مرحلة زمانها ومكانها وإنسانها، لذلك فإن التقدم العلمي ليس له حدود، وارتفاع منسوب الوعي بأهمية التكيف مع هذا التقدم هو مربط الفرس الذي يمنح علامات الإجادة والاستيعاب لحاجات بلادنا العلمية والتعليمية، وهو ما يدفعنا إلى الحديث عن “ كوتة “ أو حصة غير مسبوقة للجامعات الخاصة عند توزيع البعثات على أبنائنا الطلبة، هي رؤية تؤكد أهمية الجامعات الخاصة شأنها في ذلك شأن الجامعات الحكومية، فجميعها جامعات وطنية وتستحق أن يكون مبدأ المعاملة بالمثل هو السائد، والعدالة في النظرة للجميع من دون تفرقة أو استثناء هي الآلية الحاكمة للتعليم الأكاديمي ليس فيما يتعلق بخطة البعثات فحسب وإنما في شتى أشكال التعاطي مع هذا القطاع التنويري الكبير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .