العدد 5302
الجمعة 21 أبريل 2023
banner
الموهبة والتحصيل العلمي
الجمعة 21 أبريل 2023

هناك فرق ما بين إنسان تعرف على موهبته وآخر افتقد القدرة أو الفرصة على كشف موهبته، والأول إما أن يشق طريقه بفطرته أو أن ينتهج نهجاً علمياً لصقل موهبته وتطويرها، والغريب في الأمر أن السواد الأعظم يدعمون التهافت على الدراسة بغية الحصول على الشهادة للوظيفة فقط، حتى أنه لم تعد المحصلة النهائية مهمة لديهم، وقد تروح الموهبة في زحمة اعتقادات ضمان المستقبل وما شابه من تنظيرات.
يمكن أن نشهد موهوباً، لكنه لا يمتلك الأساس العلمي الذي يسمح له بتطوير عمله، أو صقل موهبته ومهاراته، ولا يتبع الاستناد على الطبيعة التراكمية للتحصيل العلمي الذي يضمن له التطور بوعي وجهد أقل وأسرع، رغم ما نؤمن به بأن بعض الأشياء لا تلقن ولا تدرس بل هي هبة من الرحمن مثل إتقان بعض الفنون كالشعر وغيره، لكنها استثناءات محددة، لها اعتباراتها الخاصة، وليست مطلقة في الغالب لعدم الحاجة. قليل جداَ من الناس من يدرس لا لأجل الحصول على وظيفة، بل لصقل موهبته، وتقوية الجانب العلمي لديه، وبناء شخصيته، وأعتقد بأن لكل شخص موهبة أو مهارات تميزه، يجتهد أو تسهم الظروف والبيئة المحيطة في إبرازها، وليس بالضرورة أن يكون الهدف الوظيفة بحد ذاتها، بل الإنتاج والإنجاز بالقدر الذي يكافئ به الفرد نفسه، والذهاب إلى أبعد من ذلك في تأسيس مشروعه الخاص أو مشاريعه الحالمة التي يمكن بالعزيمة والإصرار أن يحققها دون أدنى شك، فالدراسة كهدف لا تقتصر على السعي وراء الوظيفة، بل هي أهم من ذلك بكثير.
أذكر في هذا المقام توجيه أحد الآباء لابنه؛ فعندما أيقن موهبته في مجال معين، دعاه لأن يتمسك بها، ويكرس حياته لأن تكون مصدر رزقه مهما تحالكت عليه الظروف، وهو فكر غير مألوف في مجتمعاتنا، وكان له بالغ الأثر في ضمان مستقبله، إلى جانب الضرورة الحتمية للأساس العلمي المتين الذي يحتاجه كل فرد ليشق طريقه نحو النجاح.
* كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .