العدد 5281
الجمعة 31 مارس 2023
banner
معادن البشر
الجمعة 31 مارس 2023

دائماً ما يتسم اللقاء الأول بطابع مثالي، وهو ما ينعكس على جوانب التعامل بين الطرفين بإيجابية تامة، وإن كان اللقاء الأول قد يفيض بشيء من عدم القبول أو التآلف أحياناً لأسباب غير معروفة تماماً؛ وهو الشعور بعدم الارتياح عند التعرف على شخص ما، ولذلك دلالات عديدة، قد لا تكون صائبة في أحايين كثيرة.
ولطالما يعيش الفرد دهراً مع شخص سواء كان صديقاً أو قريباً، ويكتشف فيما بعد، وفي لحظة ما، أنه وكأنما لم يعرف هذا الشخص قط، وهو ما يشكل له صدمة حقيقية.
الكثير من المواقف قد تغير الرأي عن بعض الأشخاص؛ ففي المواقف الحالكة يعرف معدن الإنسان، وقد يكون ذلك بعد سنين طويلة من العلاقة المتوازنة وربما المبالغة في وصفها على أنها قمة في التآلف والأخوة، ولا تقتصر مواقف الاختبار هذه على الصدفة، فيمكن لها أن تتضح سريعاً وجلياً من خلال بعض الأشياء كرحلات السفر مثلاً، وعندها قد تكشف صفة أو بعض الصفات التي كانت مغيبة طوال سنين لتتضح فجأة. كما أنه من الملفت حقيقة أن بعض الأشخاص يتغيرون بمجرد أن يترأسوا أصدقاءهم في مواقع العمل، وهو تغير لا يندرج تحت بند اتباع قوانين العمل، بل لأن جوهر هؤلاء الأشخاص يتبين وقت انتفاء المصلحة أو السماح لظهور أمراضهم النفسية، وهو ما يجعل الكثيرين لا يتقبلون العمل في مكان واحد مع الأصدقاء والمقربين، خصوصا في الشراكة التجارية وما شابه من أمور لها ارتباط بالمسائل المالية التي كانت كفيلة بتفكيك أسر، وبالتالي لا يصعب عليها تفكيك الصداقات.
إن أية علاقة يجب أن تكون بالمستوى الذي لا يسمح بأن يتوقع من الطرف الآخر أكثر من اللازم، فمقدار التوقعات هذه، ينبغي أن تكون بالقدر المعقول، حتى لا يصدم الفرد في يوم من الأيام عند موقف حاسم قد يطرأ وعندها يتفاجأ بنتائجه، ويلقي باللوم على الطرف الآخر، وهو أولى باللوم من غيره؛ لأنه سمح لنفسه بأن يطلق العنان لثقة مبالغة، لم تكن في محلها.
*كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية