كانت مصر خلال أبريل الجاري (2023) مقصدا لزيارة عائلة إديث وسيباستيان ضمن رحلة حول العالم بدأت منذ مارس من العام الماضي، وشملت أيضًا العديد من الدول من بينها سلطنة عمان ونيبال وتركيا وإندونيسيا وغيرها من الدول.
رغم الصور الاحتفالية والمناظر المبهجة التي تصاحب وتوثق هذه الزيارات، إلا أن مضمون أخبارها يثير التعاطف والحزن لما ألم بهذه الأسرة، فوفقًا لما هو منشور، يسابق الوالدان الزمن لخلق ذكريات بصرية لأبنائهما الذين سيفقدون بصرهم بسبب مرض جيني وراثي يعانون منه، وتحمل قصة هذه الأسرة دروسًا مهمة من بينها ألا ننخدع بالمظاهر والشكليات، وألا تكون هي الحاكم في تصرفاتنا وقراراتنا وسلوكياتنا، فقد يكون الجوهر مختلفًا والمضمون مغايرًا.
التعامل مع الأمر الواقع ومحاولة إدارة الأزمة والتخطيط لما بعدها من أهم دروس قصة هذه العائلة، فعندما تأكد الوالدان إيديث لوماي وسيباستيان بيليتييه عام 2019 أنّ ثلاثة من أبنائهما الأربعة وهم (ميا، وكولين، ولورين) مصابون بالتهاب الشبكية الصباغي، وهي حالة وراثية نادرة (نجا الابن الرابع ليو منها) تتسبّب بتدهور البصر أو فقدانه مع مرور الوقت، وتأكد لهما أنه لا يوجد حالياً أيّ علاج يوقف أو يبطئ تقدّم التهاب الشبكية الصباغي.. قرّرا مساعدة أطفالهما على بناء المهارات التي سيحتاجونها في حياتهم.
اقترح الطبيب أن يركّزا معهم على “الذكريات البصرية”، ومن هنا جاءت فكرة الرحلة بهؤلاء الأطفال حول العالم لملء ذاكرتهم البصرية بأفضل وأجمل الصور الممكنة، وخططا لقضاء عام كامل في السفر حول العالم مع أطفالهم. من الدروس أيضًا أن العلم سيظل عاجزًا وقاصرًا مهما تقدم وافتتن الناس بمظاهر هذا التقدم وهذا التسابق الكبير بين المكتشفين والمخترعين في مجالات الطب والصحة وغيرها، فبين فترة وأخرى تصاب البشرية بأنواع من الفيروسات والأمراض والأحداث التي تعجزهم حتى لا يفرطوا في ماديتهم وعلمانيتهم ليدركوا ويوقنوا أن فوق كل ذي علم عليم، مهما بلغوا من درجات العلم فهو بإذن ومشيئة من الله تعالى وبما يقدره سبحانه.
*كاتب مصري