كانت عشر دقائق كافية لشعوري بالاستياء وأخذ انطباع سلبي عن مسلسل رمضان كريم، والذي يعرض على شاشات عدد من القنوات الفضائية، بعد أن صعقت وأنا أتابع بمحض الصدفة في هذه الدقائق القليلة نماذج ممن يظهرون الصوم أمام الناس على خلاف حقيقة فطرهم دون استحياء ودون أي عذر يبيح لهم ذلك، من بينهم شاب يدعي لأمه أنه مريض وهي تدرك أنه كاذب ومع ذلك تتركه يفطر دون أي ردع أو زجر، ورجل آخر قوي البنية يفضحه أبناؤه أمام أمه التي تضطر لتجميل وجه ابنها أمام الأولاد بزعمها أنه مريض، وهو ما فاجأه هو شخصيًا، ليرد عليها بأنه ليس مريضًا، ورجل ثالث يقوم بالتدخين في نهار رمضان حتى لو كان هذا الفعل المشين داخل بيته وبعيدا عن الناس.
لو دخلنا في جدال ونقاش مع القائمين على هذا العمل سيقولون على الفور إن هذه النماذج موجودة بالفعل بيننا، وهو أمر صحيح، بل هناك البعض ممن يجهرون بفطرهم في نهار شهر رمضان الفضيل دون أي خجل، لكن هل دور الفن هنا أن يظهر ويركز على مثل هذه النماذج الفاسدة في المجتمع على شاشات التلفاز ليكونوا محل مشاهدة ومتابعة من الأطفال والشباب ممن يحرصون على مسلسلات شهر رمضان الفضيل، وينظرون بإعجاب لبعض الممثلين “الأبطال” الذين يأتون بهذه التصرفات الخارجة والمحرمة، فتحدث مع الوقت ومع التكرار استهانة بفريضة الصوم وتقليد هؤلاء “النجوم” في الفطر حتى لو كان ذلك بعيدًا عن عيون الناس.
عمل فني يحمل اسم الشهر الكريم مليء بالإساءة لشهر رمضان المعظم، وكان يمكن لهؤلاء أن يشيروا إشارات خاطفة لمن يفطرون أو يأتون بتصرفات تتنافى مع آداب هذا الشهر، لكنهم اختاروا “نجومًا” وقدموهم بطريقة إيجابية ومبهجة تثير إعجاب المتابعين وتدفع إلى محاولة تقليدهم وتسهم في تقليل مهابة وقدسية فريضة الصيام حتى لو كان ذلك عن دون قصد.
* كاتب مصري