أعجبني مقترح أو بالأحرى تعديل تشريعي تقدم به أحد أعضاء مجلس النواب في مصر من أجل منع نشر أخبار الجنازات وتصويرها بدون إذن مسبق، بحيث يحظر نشر وإذاعة وبث أي صور أو فيديوهات للجنازات والعزاءات والسرادقات التي تقام بمناسبة الوفاة، ويجوز لذوي الشأن من ورثة المتوفى السماح بالنشر بإذن مسبق مكتوب. جاء هذا المقترح بعد أن تحولت الجنازات ومراسم الدفن والعزاء ولاسيما الخاصة بمشاهير الفنانين لساحة خصبة للمهووسين من الإعلاميين أو من العاديين لالتقاط الصور وتحقيق السبق والربح، فنرى ازدحامًا شديدًا لا من أجل تشييع الجنازة ونيل الأجر والثواب، بل لإبراز كل ما هو غير مألوف، وكل ما يمكن أن يثير اهتمام الرأي العام ويتناقض مع ما هو مترسخ عن المتوفى أو عن أي من المعروفين والمشاهير من الحضور دون أدنى مراعاة لقدسية الموت، وحالة الحزن، ومن دون احترام لخصوصية، فتحولت الجنازات بما يجب أن يكون لها من هيبة ووقار وسكينة إلى مناسبات اجتماعية صاخبة حافلة بالأحداث والصور والتغطيات والحوارات الصحافية.
الخطير أيضًا في الأمر أن هؤلاء يقومون بعقاب كل من يقف ضد مسعاهم أو يعترض طريقهم، وذلك بالتشهير بهم والإساءة إليهم باجتزاء ما قد يتفوهون به من كلمات غير منضبطة أو سلوكيات غير متزنة، واقتطاعها من سياقها الكلي وفصلها عن المناسبة الحزينة، مثل الهجوم الذي تعرض له أحد الفنانين المعروفين حينما صد أحد الأشخاص رافضًا الإدلاء بتصريحات خلال جنازة إحدى زميلاته، فتم التشهير بهذا الفنان وكيف أنه “كسر خاطر” أحد الأشخاص من ذوي الهمم بطريقة غير لائقة، فما كان من الفنان إلا أن اعتذر عن فعلته بعد ذلك. وكذلك التركيز على انفعال و”سب” نجل أحد الفنانين المشهورين الراحلين مؤخرًا المصورين والصحافيين في جنازة والده وتجاهل سبب انفعاله وهو محاولتهم تصوير جثمان الفنان الراحل وتصويره هو بحالة بكاء وانهيار على فقدان والده.
* كاتب بحريني