العدد 5666
الجمعة 19 أبريل 2024
banner
المسرح الإيراني الإسرائيلي
الجمعة 19 أبريل 2024

أتعجب مما يبدو من إحباط شعبي عربي من “ضآلة” حجم ونتائج الهجوم الإيراني بمسيرات وصواريخ على إسرائيل في 13 أبريل 2024، والقول إن كل شيء تحت السيطرة، وتم بالاتفاق المسبق بين الطرفين وتشبيه ما حدث بالمسرحية، وهو أمر صعب تصوره، إذ كيف تقبل دولة بأن تمس وتنتهك أراضيها ومنشآتها بالصواريخ والمسيرات، أو أن تتحمل تكلفة صدها التي تخطت المليار دولار، ومن أجل أي جمهور تقبل بكل ذلك وتسمح بهذا “العرض المسرحي” على أراضيها.
من المستحيل أن يتحقق ما يدور بمخيلتنا بأن تقوم أية دولة كانت بشن حرب إن لم تكن لهذه الدولة مصلحة استراتيجية كبرى فيها، أو أن تكون مجبرة على خوضها دفاعًا عن النفس، وفي جميع الأحوال تراعي ميزان القوى والقدرة على حسم الحرب دون تضحيات ضخمة، وهي أمور غير متحققة في الدولة الإيرانية التي شنت هجومها الأخير المحدود ضد إسرائيل ليس ردًا على حرب غزة وضحاياها وقتلاها وجرحاها، فهي متواصلة منذ أكثر من ستة أشهر دون تدخل إيراني، إنما ردًا على قصف إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق، فكان عند نفس الحد من التصعيد دون تجاوزه حتى لا تكون الحرب خيارا حتميًا. إيران ليست تلك الدولة “المغامرة” التي تتورط في صراع عسكري مباشر وصريح تعلم أنها لن تكون المنتصرة فيه، فهي تعودت على دور المحرض والداعم لوكلائها المنتشرين في أرجاء المنطقة، لأن هذا الدور حتى الآن يحقق مصالحها، ويجعلها في مأمن من عواقب وردود فعل أكثر خطورة مما يحدث لمسؤوليها وقادتها حاليا هنا وهناك، وأيضًا يضمن لها التأثير والنفوذ في كثير من قضايا المنطقة، ويزيد من الأوراق التي بيدها عند التفاوض واللعب مع الكبار. علينا أن ندرك أن حساباتنا تختلف عن حسابات غيرنا، ولا يجب أن ننظر أو ننتظر من آخرين أن يهبوا لتحقيق مصالحنا والدفاع عن قضايانا، كما علينا ألا نستهين بمخاطر حالة الحرب على جميع دول وشعوب المنطقة، فإن كانت هناك تطلعات فلتكن في اتجاه نشر السلام وإيقاف الحروب.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية