العدد 5072
السبت 03 سبتمبر 2022
banner
فرشة البحريني بعد الجائحة
السبت 03 سبتمبر 2022

أتجول في شوارع البحرين، أرى رجالاً وشبابًا يكدحون لكسب لقمة عيشة بشرف، يجلسون في أماكن عامة خلف “أرزاقهم”، ثلاجة سمك، أو مكسرات، أو ألبسة وألعاب أطفال، أو طاولة عليها تمر وحب شمسي وخس وكنار وبسكويت. إنهم قدوة لنا في الكد والجهد والسعي خلف الرزق الحلال.
لكن ما يحزنني هو أنهم لا يكادون يفعلون شيئًا سوى انتظار الزبون. الرزق على الله، وهذا صحيح، لكن السعي والمبادرة والابتكار أمور مطلوبة بل مفروضة أيضا. وأرى أن من واجبي ومن واجب كل رائد أعمال يملك معلومة أو مهارة أن يقدم لأخوتنا هؤلاء يد المساعدة.
لا يكفي أن تزيل بسطة أو فرشة الأجنبي، بل أن تقدم العون لبسطة وفرشة البحريني، فالزبون، بحريني كان أو غير بحريني، يبحث في نهاية المطاف عن مصلحته، عن البضاعة الأجود بالسعر الأقل، ويتأثر بأساليب العرض والجذب والدعاية، ولا نستطيع فقط الاعتماد على العاطفة والنخوة والحمية عبر المناشدة بالشراء من البحريني فقط لأنه بحريني.
وزارة التجارة بادرت للعمل على تأسيس قطاع عربات الطعام المتنقلة المحصورة بالبحرينيين، وشهدنا في بداية الأمر ازدهارًا لهذا القطاع، وانتشرت العربات في كل مكان في البحرين تقريبًا، لكن ما لبث أن انحسرت الموجة إلا وأغلق كثير من رواد الأعمال البحرينيين أصحاب تلك العربات. ولا شك أن إجراء دراسة علمية موضوعية لأسباب عدم نجاح هذه المبادرة بالشكل المطلوب ستقودنا إلى معرفة مكامن الخلل، ومعالجتها في كل المبادرات المشابهة، حاليًا ومستقبلاً.
وفي الواقع إن طبيعة الأعمال في العالم اختلفت كثيرًا عما كانت عليه قبل الجائحة بسبب اختلاف أنماط الاستهلاك، وهذا ما جعل السوق حاليًا أكثر تنافسية من أي وقت مضى، وليس من الممكن استخدام الطرق التقليدية القديمة للمنافسة في المرحلة القادمة.
في البداية إذا ما أرادت المؤسسات التجارية بمختلف أنواعها المنافسة فيجب عليها إعادة التفكير في الأساليب التقليدية وإعادة تصميم النماذج القديمة لتلائم التغيير في سلوك المستهلك، فعلى سبيل المثال في التدريب سابقًا كان من المقبول للمتدربين حضور ساعات طويلة للدورات التدريبية، لكن اليوم أصبح الكثير من المتدربين يفضلون التدريب الإلكتروني، ولا نقصد هنا الطرق التقليدية الإلكترونية مثل المحاضرات المقدمة مباشرة في برنامج زووم وغيرها، المتدرب حاليًا يفضل الدورات المسجلة بمقاطع لا تتعدى العشرين دقيقة على غرار الفيديوهات الموجودة على اليوتيوب والتي يقضي الكثير معظم أوقات فراغهم عليها، فليس من المنطقي اليوم استخدام أساليب تدريبية تخالف نمط حياة المستهلك وإرغامه على تغيير عاداته وطرق تقبله للمعلومة، فعلى معاهد التدريب ومقدمي الخدمات التدريبية إعادة تصميم خدماتهم التدريبية وأساليب التدريب بما يتناسب مع المرحلة القادمة أو سيواجهون خطر عزوف المتدربين عن مؤسساتهم.
من ناحية أخرى، يجب التركيز على العلامات التجارية بشكل أعمق، يستثمر رواد الأعمال التقليديون القليل من التفكير والموارد في بناء علامة تجارية تتواصل مع المستهلكين، وهذا النقص في التخطيط الاستراتيجي يخلق فقط علامة تجارية عامة ليس لها شخصية في نظر المستهلكين، ففي سوق مزدحم وتنافسي بشكل متزايد، يعني هذا الافتقار إلى التمايز أن هذه الشركات تفتقر إلى الميزة التنافسية التي تأتي من بناء علامة تجارية بشكل استباقي واهتمام بقيم واضحة تتناسب مع السوق المستهدفة، في نفس الوقت يجب على رواد الأعمال اختبار ابتكارات جديدة مع القدرة على تحمل الأخطاء والتعلم منها، فنظرًا لاحتمال فشل الابتكارات، فإن عدم التسامح مع الفشل داخل المؤسسة يمكن أن يعيق التفكير الابتكاري الذي يساعد الشركات على التميز عن منافسيها، عجلة ديمنج “خطط، نفذ، تحقق، صحح” هي منهجية وممارسة تتبناها على نطاق واسع الشركات التي تركز على المستهلك مثل تجار التجزئة والبنوك لاختبار الأفكار والحلول الجديدة، ومفتاح النجاح في هذا النهج هو خلق ثقافة التجريب وبيئة تعزز الشجاعة وتدعم الجرأة.
نصيحة لرواد الأعمال
سواء كنت قد عبرت مرحلة الجائحة بنجاح أو محمّلاً بالديون والخسائر، المرحلة القادمة تحتاج منك الكثير من المحاولات المبتكرة والوصول لأساليب وابتكارات تناسب طبيعة التغيير الذي نشهده اليوم، الفرص القادمة ستكون كبيرة جدًا لكنها تحتاج لرواد أعمال لديهم قدرة كبيرة على الابتكار بالإضافة للمرونة العالية وتقبل التغيير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية