+A
A-

​الرئيس التنفيذي لـ"دراسات": المسيرة الديمقراطية في البحرين ذات طابع عالمي

قال المُدير التنفيذي لمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" حمد إبراهيم عبدالله خلال مداخلته في منتدى صحيفة "البلاد": بدايةً أتقدمُ بالشُكرِ الجزيلِ لصحيفة "البلاد" على هذهِ المُبادرةِ لتنظيم هذا المُنتدى الذي يُسلط الضوء على موضوعاتٍ محليةٍ وإقليميةٍ حيويةٍ وهامةٍ لتنويرِ الرأي العام،  ويُسعدني ويُشرفني المُشاركةُ اليوم بالحديث حول قيم المُمارسةِ الديمقراطيةِ البحرينيةِ المُتجذرةِ من خلال التقاليدِ التي ارساها حُكامُ البحرين من آل خليفة الكرام.

وأضاف عبدالله" وعلى الرُغمِ من اختلافِ عواملِ نشأةِ الكياناتِ السياسيةِ في شبه الجزيرةِ العربية، إلا أن مُمارسةِ "الشورى" في إدارةِ شؤون المُجتمعات كانت الخيط الناظم التي يجمعُ بينها استناداً إلى تُراثٍ إسلاميٍ كرَّسَ "الشورى" كأليةٍ للحُكمِ وتصريفِ شؤونِ العامة".

وزاد" ظلت مُجتمعاتُ شبه الجزيرةِ العربيةِ لعدةِ قرونٍ خلت تحتكمُ في أعرافها وتقاليدها إلى هذا المبدأ الذي حظي بتوافقٍ واسعٍ في أوساطِ قبائلها على امتدادها العابر للحدود، وأضحت نظاماً مُتأصلاً ومُتجذراً يلائمها ويتماشى مع تركيبتها وطبيعة العلاقات التي تحكمُها ويضمنُ استقرارها".

وتابع" يُعد تطبيقُ مفهومِ "الشورى" في ظل حُكمِ آل خليفةِ الكرام، ركيزةً أساسيةً ونموذجاً يستحقُ التأمل والمعاينة للوقوفِ على كوامنهِ وآفاقهِ وتلائِمهِ مع البناءِ الاجتماعيِ والموروثِ الحضاري".

وزاد" فعلى امتداد العقود كان آل خليفة الكرام يؤسسون للشورى ويستوثقون من مُمارستها على مُختلفِ المُستويات، ويتبعونَ سياسة البابِ المفتوحِ مع الجميع، لتُتخذ كُل ُالقراراتِ بالصورةِ التي تخدم رعاياهم، وتُحققُ تطلعاتهم وطموحاتهم، حيث دأب حُكام آل خليفة الكرام على عقد اللقاءاتِ والتشاورِ مع مُختلفِ أطيافِ المُجتمع، وكان ذلك عاملاً أساسياً في بناءِ ثقةٍ وطيدة، وشرعيةٍ راسخةٍ من الولاءِ والانتماءِ بين الحاكمِ والرعية".

وأبان" دأبت الأجيالُ المُتعاقبةُ من حُكام آل خليفة الكرام على أن تكون المجالس الدائمة والمجالس الموسمية، الذي يُخصصُ خلالها الحاكمُ مجلسهُ لاستقبال رعاياهم، هي الحلقةُ الأولى والأساسيةِ في التواصل، وهي المجالس التي حرص عليها الحُكامُ الكرام ليتشرب منها الأبناء والأحفاد تقاليد الحُكمِ والمُجتمعِ وتجذير مبادئ الحوار، فقد كان مجلس حكام آل خليفة الكرام مهوى وموئلاً، ليس لأهل البحرين وحسب وإنما لضيوفها العرب أيضاً".

وواصل" كُلُ ذلك كان يتمُ بموازاةِ تطويرِ آلياتٍ وصيغِ المُشاركةِ في إدارةِ شؤونِ البلاد، وإدخال التطورات الإداريةِ والتنمويةِ والسياسيةِ من خلالِ وضعِ أسس التنظيم الإداري في الدولة، ففي الرُبع الأول من القرن العشرين الميلادي تمت عمليةُ تحديثِ الإدارةِ الحكومية، وكان ذلك في عام 1919م مع إنشاءِ مجلسٍ بلديٍ يُعتبر الأولُ من نوعهِ في المنامة مكونٍ من ثمانية أعضاءٍ مُعينيين، ومع تواصل العمل البلدي في عام 1924م، تم رفع عدد أعضاء المجلس إلى عشرين عضواً، يتم تعين نصفهم وانتخاب النصف الآخر".

وتابع عبدالله" وتجدر الإشارة إلى أنه وفي عام 1949م بلغ عددُ أعضاء المجلس البلدي 24 عضواً، نصفهم أتى عن طريق الانتخاب والنصف الآخر من خلال التعيين.  وكان للمرأةِ البحرينيةِ آنذاك حقُ الانتخاب حال تملكها لعقارٍ باسمها".

وأردف" كان المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، طيب الله ثراه الذي حكم مُنذ عام 1869م حتى عام 1932م؛ يستقبلُ رعاياه ومن يفد عليه من التُجار العرب والأجانب، لتبادل الأفكار والاطلاع على قضايا مُختلف الدولِ والثقافات".

وقال المدير التنفيذي لدراسات" في عهد حاكم البحرين المغفور له بإذن الله تعالى صاحب العظمة الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة، طيب الله ثراه، الذي حكم مُنذ عام 1932م حتى عام 1942م؛ ظل مجلسه ملاذاً ومنبراً لكلِ الحوارات والنقاشاتِ التي اتصلت بالشأن العام والارتقاء بمُستوى معيشةِ الناس".

وأكمل" كما استمرت المسيرة التي عززت من المُشاركة الشعبية فقد أعلن المغفور له بإذن الله تعالى صاحب العظمة الشيخ سلمان بن حمد بن عيسى بن علي آل خليفة، طيب الله ثراه، الذي حكم مُنذ عام 1942م حتى عام 1961م، إنشاء مجالس للمعارف، والصحةِ في 15 أكتوبر 1955م، بالإضافة للبلديةِ، التي كان نصف عدد أعضاءها مُنتخباً والنصف الآخر مُعيناً".

وأضاف" بعد استعادةِ البحرين لاستقلالها عام 1971م بإلغائها الاتفاقيات التي ربطتها ببريطانيا، شهد التطور السياسي والإداري في البلاد نقلةً نوعيةً، ارتكزت على وضعِ دستورٍ حديثٍ يُحددُ الأسس والمبادئ التي اعتمدتها الدولةُ في مسيرتها الحضارية".

وأكمل عبدالله" قد طالت عملية التطور السياسي والإداري في البحرين الحياة النيابية ومُشاركة المواطنين في إدارة شؤون الحكم؛ إذ شهدت البحرين إعلان المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة، طيب الله ثراه، الذي حكم مُنذ عام 1961م وحتى عام 1999م، في 16 ديسمبر 1971م تكليف مجلس الوزراء بوضع مسودةٍ للدستور وصدر المرسوم بقانون رقم (12) لسنة 1972م، الذي نص على إنشاء مجلسٍ تأسيسيٍ تكون مُهمتهُ وضعُ مشروعِ دستورٍ للبلاد".

وتابع" تمثلت أولى ثمرات هذا الدستور الذي أقر من قبلِ المجلسِ التأسيسي في التاسع من يونيو 1973م، في إنشاء مجلسٍ وطنيٍ مُنتخب، إذ صدر مرسومٌ أميريٌ في (11) يوليو 1973م تضمن النص على إنشاء مجلسٍ وطني يؤلف من ثلاثين عضواً يتم انتخابهم بواسطةِ الشعب عن طريق الانتخاب العام السريِ المُباشر، على أن يكون الوزراء أعضاء فيه بحُكمِ مناصبهم".

وقال" قد أُجريت عملية انتخاب أعضاء المجلس الوطني (الثلاثين) في يوم (7) ديسمبر عام 1973م، والتي تنافس فيها (114) مُرشحاً، فيما شهدت العملية الانتخابية إقبالاً كبيراً من جانب الناخبين، وعقد المجلس الوطني أولى جلساته يوم (16) من ديسمبر عام 1973م، واستمر المجلس لمُدة فصلين تشريعيين".

وأوضح عبدالله" في يوم (20) ديسمبر 1992م، صدر الأمر الأميري رقم (9) لسنة 1992م، الذي قضى بإنشاء مجلس شورى "معين"، من ذوي الخبرةِ والمكانةِ ومن أهل الرأي والمشورة، يتم تعيينهم بأمرٍ أميريٍ لمُدةِ أربعِ سنواتٍ قابلةٍ للتجديد".

وأبان" ومع تولي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المُفدى حفظه الله ورعاه، مقاليد الحُكمَ في 6 مارس 1999م، اتخذ جلالته سلسلةً من الإصلاحات الشاملة أكدت حرص جلالته على تهيئةِ البيئةِ المُناسبةِ لإقامةِ دولةِ القانونِ والمؤسسات بشكلٍ تدريجيٍ أبرزها عودة الحياة البرلمانية".

ولفت بقوله" في الثالث من أكتوبر عام 2000م تضمن خطاب حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المُفدى حفظه الله ورعاه لمجلس "الشورى" دعوة جلالته لحوارٍ وطنيٍ يستهدفُ صياغةَ عددٍ من المبادئ من أجلِ تعزيزِ النموِ والازدهارِ للبحرين".

وقال عبدالله" لقد صدر الأمر الأميري رقم (36) لسنة 2000م بتشكيلِ اللجنةِ الوطنيةِ العُليا لإعدادِ مشروعِ ميثاقِ العمل الوطني، ضمت في عضويتها (44) عضواً يُمثلون كل فئات المُجتمع، وقد صدر أمرٌ أميريٌ آخر رقم (43) لعام 2000م بإضافة (6) أعضاء جُدد لتلك اللجنة ليبلغ إجمالي الأعضاء (50) عضواً، وقد تسلم حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المُفدى حفظه الله ورعاه ميثاق العمل الوطني في 23 ديسمبر عام 2000م بعد استكماله من اللجان المُختصة".

وأضاف" في يومي الرابع عشر والخامس عشر من فبراير 2001م تم طرح ميثاق العمل الوطني للاستفتاء الشعبي، وقد بلغت نسبةُ الموافقين على الميثاق (98.4%)، مما يؤكد أن ميثاق العمل الوطني قد حظي بإجماعٍ شعبيٍ هائل، وقد قام جلالته بالتصديقِ عليه في ضوء نتيجة ذلك الاستفتاء وأصدرهُ في السادس عشر من فبراير بأمرٍ أميريٍ رقم (17) لعام 2001م".

وواصل" إنفاذاً لما تضمنه ميثاق العمل الوطني الذي عُدَّ خارطة طريقٍ لمرحلةٍ جديدةٍ في تاريخ مملكة البحرين، أصدر حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المُفدى حفظه الله ورعاه المرسوم رقم (5) لعام 2001م بتشكيلِ لجنةِ تعديل بعض أحكام الدستور".

وزاد" كما وأصدر جلالته دستور مملكة البحرين المعدل في 14 فبراير عام 2002م، الذي يُضاهي دساتير نظيراتها في الدول ذات التجارب الديمقراطية العريقة وتأخذ في اعتبارها خصوصية مملكة البحرين من ناحية، ومُتطلبات وتطلعات أبناء المُجتمعِ البحرينيِ من ناحيةٍ أُخرى، عبر عنها ميثاقُ العملِ الوطني".

وعلق بالقول" فيما شمل الدستور العمل على نظام المجلسين، مجلس النواب المكون من أربعين عضواً ومجلس الشورى المكون من أربعين عضواً.  بالإضافة إلى انتخاب أعضاء المجالس البلدية.  وقد انطلقت الانتخابات البلدية في مايو 2002م، ثم انتخاب أعضاء مجلس النواب في شهر أكتوبر، وانعقاد أولى جلساته في 14 ديسمبر 2002م، وبدأت مملكةُ البحرين عهداً جديداً وفصلاً من فصول التنمية والنهضة والإصلاح ضمن المسيرةِ الديمقراطية".

وقال" إن رؤى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المُفدى حفظه الله ورعاه، لمسيرته التنموية الشاملة قد حققت نجاحاتٍ يشهد بها الجميع ومُنجزاتٍ نتنعمُ بها في مُختلف مناحي الحياة في مملكتنا الحبيبة التي تشهد نهضة تنمويةٍ يُشار لها بالبنان في مُحيطها الدولي والإقليمي".

وتابع المدير التنفيذي لدراسات حديثة قائلاً" على الرُغمِ من الدورِ الفاعل للمؤسسات الدستوريةِ في تمثيلِ المواطنين وتلمسِ همومهم لابد من التأكيد على ما تُمثلهُ المجالس من أهميةٍ مُجتمعيةٍ في حياة أفراد المُجتمع البحريني، وهو موروثٌ عززه آل خليفة الكرام للتواصل مع أبناء هذا الوطن المعطاء، فمجلس صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، عامرٌ يستقبلُ فيه شعب البحرين".

وختم بالقول" كما أن زيارتهُ المُتعددةِ للمجالسِ الرمضانيةِ لخيرُ دليلٍ على إيمانه الراسخ بالدور الذي تلعبه تلك المجالس كنُقطةِ تواصلٍ مع أبناء هذا الوطن المعطاء، فضلاً عن اهتمامه بدور الشباب البحريني في بناء وصناعة المُستقبل، حيث تم إطلاق العديد من المُبادرات التي من شأنها تحفيز مُشاركتهم وتنمية قُدراتهم وتمكينهم في بناء مُستقبلِ البحرين".