العدد 4103
الأربعاء 08 يناير 2020
banner
إيران ما بعد سليماني
الأربعاء 08 يناير 2020

تتطور الأحداث في المنطقة بصورة متسارعة بعد مقتل قاسم سليماني، ولم تكن مصادفة أن يكون رفيقه في مقتله على بعد أمتار من مبنى مطار بغداد أبومهدي المهندس الذي يعتبره كثير من المتابعين للشأن العراقي صاحب القرار الأول في صياغة وتنفيذ مفردات سليماني للمشهد السياسي العراقي.

ربما لم ينتبه بعض المتابعين للسيرة الذاتية للمهندس بسبب انشغالهم بدراماتيكية قرار الرئيس الأميركي المفاجئ بتصفية سليماني كرد فوري على التهديدات المتزايدة للقوات والمصالح الأميركية في العراق، فالمهندس يُعد بحسب مصادر عراقية مقربة من مراكز الحكم في العراق بمثابة المدير التنفيذي المعين للعراق من طرف سليماني فهو من يدبر خطط الاغتيالات ومن ينصب رئيس الجمهورية والوزراء والمساعدين ورئيس البرلمان والقادة العسكريين، كما أنه ينسق عمل مليشيات الحشد والخزعلي وحزب الله العراق والخراساني وعناوين أخرى عديدة لا يعلمها سوى سليماني والمهندس والعامري.

المهندس تقرأ في سيرته تفجير السفارة العراقية في بيروت العام 1983 والسفارة الأميركية في الكويت والاعتداء على موكب أمير الكويت العام 1985 وهو من قام وتحت إشراف سيده سليماني بتهجير أهل السنة من منطقة جرف الصخر وإعدام شبابهم بل ذهب إلى نبش قبور ضباط الحرب العراقية الإيرانية في مدينة تكريت ومآس أخرى لا تعد ولا تحصى.

بمصرع سليماني في بغداد تكون إيران ومرشدها قد أصيبتا بالصدمة، فالمرشد أطلق يد ذراعه اليمنى وابنه المدلل سليماني يرسم سياسات إيران في لبنان ويوجه حسن نصرالله، والحاج قاسم كما يحلو لأتباعه أن يلقبوه شخص استثنائي في إيران، فهو من يدعو رئيس النظام السوري لزيارة طهران ويحل في المنطقة الخضراء ليشكل الحكومة العراقية ويضبط إيقاع الصدر والعامري والمالكي ويوزع بينهم المقاعد البرلمانية.

إيران في هذه المرة ستكون مضطرة إلى الرد حفاظا على كبريائها الذي ثُلم بمقتل جنرالها العتيد وأيا كانت التحليلات فإنني أظن أن الرد الإيراني لصانع السجاد لن يتجاوز الساحة العراقية لأن إيران لا تقاتل بساحتها كما أنها تتحسب دوما لرد الفعل الأميركي العنيف فنحن اليوم نقف أمام رئيس أميركي يتخذ قراراته بشكل مفاجئ ويبلغها على تويتر ودونما حسابات كلاسيكية، لذلك لا أستبعد أن تشتعل حرب إقليمية لأيام محدودة تبادر إيران بعدها وهي التي تئن تحت ضغط الحصار والعقوبات إلى طلب الوساطات ومناداة حملة البريد والرسائل لمباشرة مهماتهم.

إيران حقيقة اليوم في أضعف حالاتها وبالتالي فإننا أمام ردود فعل محسوبة من إيران وكل هذا الضجيج والتهديد ما هو إلا صراخ المفجوع والخائف. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية