العدد 3582
الأحد 05 أغسطس 2018
banner
إيران... الحصار ليس لعبة
الأحد 05 أغسطس 2018

ذكرت الأخبار الواردة من طهران أن سعر التومان الإيراني وصل إلى ما يزيد عن مئة وعشرين ألفا مقابل الدولار الأميركي، وربما سيصل إلى نصف مليون أو أكثر مع بدء سريان العقوبات الأحادية الأميركية على إيران مطلع نوفمبر القادم، من الطبيعي أن أي شخص يتمتع بأي قدر من الضمير لا يتمنى أن يكتوي أي شعب أو أي إنسان بنيران تلك العقوبات، فكيف إذا كان ينتمي لبلد مثل العراق وسبق أن عانى من لظى جمر هذه العقوبات والحصارات الدولية التي كان سببها ضعف الحسابات السياسية للحكومات أو ارتكازها على فكرة قوة النظام العسكرية والعنفية، فببساطة أنت تقف أمام غول اسمه الاقتصاد كما قال عنه البروفيسور تيري رامسي أستاذ الاقتصاد بجامعة بنسلفانيا، هذا الغول لا يفهم مفردات السياسة يجب أن تتعاطى معه بلغة الأرقام.

أتذكر أن الدينار العراقي في الثمانينات كان يساوي ثلاثة دولارات ونصف وفي مطلع التسعينات صار كل دولار أميركي يساوي ثلاثة آلاف دينار، وشاهدت بعيني كيف أن التجار في سوق الشورجة العراقي الذي يماثل تقريبا بازار طهران، كيف أن هؤلاء لا يقومون باستخدام ماكينات عد النقود لثقل حجومها، إنما كانوا يستخدمون ميزانا مخصصا لوزن جوالات الطحين والرز لمعرفة كميتها بالمقاربة! هذا مع ثلاثة آلاف، فكيف حال إيران وأسواقها وشعبها المغلوب على أمره مع عملة سعر صرفها أصبح بمئات الآلاف.

إيران النظام وإيران الشارع بينهما بون واسع فالشعارات لا تنفع والصراخ والتهديدات لن تجلب فائدة للشعب الذي سيكون عليه أن يسلك واحداً من طريقين، إما الموت البطيء أو التمرد على الحاكمين الذين لا تعرف بأي أسلوب يفكرون وهم أدرى بمسالك دروبهم الوعرة، وربما لا تنفعهم الرسائل التي نقلها أحد الوزراء الخليجيين إلى دهاليز الإدارة الأميركية والتي لا أحد يعرف فحواها لكن المراقب يستشف مضمونها من تغير لهجة الرئيس الأميركي ترامب خلال أسبوع من تهديد ووعيد إلى دعوة روحاني للحوار واللقاء من دون شروط مسبقة، ويبدو أنها نصيحة لأميركا بأن الجماعة يبلغونكم السلام ومستعدون للتفاهم فقط ألقوا لهم سلم النزول من الشجرة العالية بكرامة، وهذا ما تفسره حدة تصريحات قائد الحرس الثوري من أنهم سيمنعون بالقوة الرئيس روحاني من الذهاب للتفاوض مع الأميركان إن تطلب ذلك... فأنت هنا لست في فنلندا أو الدانمارك، أنت في إيران النظام المحكوم والمهيمن عليه من طرف المرشد الأعلى خامنئي ويسيطر بإرادة مركزية، ففي إيران دائما إذا ما أردت التدقيق في التصريحات فتش عن المرشد، فهو الذي يمسك كل خيوط اللعبة هناك. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية