العدد 2831
الجمعة 15 يوليو 2016
banner
فارس تعرف قيمة المعارضة حتى لو...
الجمعة 15 يوليو 2016

بالأمس قلنا إن السحر الأميركي يبدو أنه ينقلب على الساحر بخروج المناهضة للعنصرية في الداخل الأميركي بالسلاح وليس بالسلم، وهذا ما فعلته الإدارة الأميركية بوطننا العربي عندما جعلت السلاح اللغة المفروضة في الشارع لحل التباينات التي يعج بها وطننا، واليوم يمكن القول إن هذا المبدأ يمكن أن ينطبق على إيران التي لم تهدأ منذ نهاية السبعينات عن التدخل في الشأن العربي الخليجي وإثارة القلاقل داخل الدول بالرغم من الهدوء الذي تحلت به هذه الدول في مواجهة تلك التدخلات على أمل أن تعي إيران أفعالها وتعود عن الغي الذي تسير فيه.
يوم السبت التاسع من هذا الشهر بدأ مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس وضم عشرات الألوف من المعارضين الإيرانيين في مختلف دول العالم من الذين تشتتوا بسبب ممارسات نظام ولاية الفقيه وحجبه الحرية عن الشعوب الإيرانية وتوجيه النظام صوب الطائفية المقيتة، ووجود هذا العدد الضخم من المعارضين في مكان واحد يعني انه لا يمكن لإيران تجاهل حدوثه حتى لو غيبت وسائل الإعلام الداخلي في إيران عن تناوله، فالصحيح انها حاولت بكل السبل إعاقة انعقاده ولكنها فشلت، لذلك عملت على منع وصول أية معلومة عنه للداخل الإيراني متجاهلة أن المعلومة ليست بحاجة لوسائل إعلام رسمية لتصل إلى الناس في عصرنا الحديث.
هذا المؤتمر ليس الأول الذي تعقده المعارضة أو المقاومة الإيرانية لنظام ولاية الفقيه، ولكنه في هذه المرة حضي بزخم إعلامي غير مسبوق خصوصا من وسائل الإعلام العربية ولقي دعما علنيا من مسؤولين عرب خصوصا من قبل المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية وذلك من خلال الرئيس السابق للمخابرات السعودية ووزير الإعلام الأردني الأسبق مع أننا كنا نتمنى وجود داعمين من الشعب البحريني وباقي الدول العربية الخليجية في المؤتمر لتفهم إيران ان الشعب العربي الخليجي يعارض ما تقوم به وكل ممارساتها.
وجود التأييد السعودي والأردني والعربي بصورة عامة للمؤتمر يعني أن الدولتين وجدتا أنه لابد من خروج معارضتهما لنظام ولاية الفقيه للعلن بعد أن طفح بهما الكيل من ممارساته وتدخله في شؤونهما وليس من وراء الكواليس كما اعتادتا طويلا، لذلك فإنهما تعلنان ومن خلال هذا المؤتمر أنهما تقفان علنا ضد هذا النظام وتعملان على سقوطه في نوع من الرد على ما يقوم به بحقهما ومحاولته التدخل في شأنهما الداخلي، وهما على حق في ذلك ولا يمكن لأية جهة أو طرف أن تلومهما على ما تقومان به.
كنا من قبل ننادي طويلا بضرورة أن تقوم الدول العربية والخليجية بالذات بدعم المقاومة الإيرانية للنظام هناك، ونقول مرة أخرى إن هذا الدعم ربما يكون الوسيلة الوحيدة لمنع هذا النظام من الاستمرار في غيه وتدخله في شؤوننا من خلال خلخلة وضعه الداخلي ومساعدة القوميات المختلفة فيه والمضطهدة من قبله لنيل حريتها المفقودة، فمادامت إيران مصرة على زعزعة الأمن الداخلي عندنا ومصرة على التدخل العلني والسري في شأننا، فإنه من حقنا الرد عليها بنفس الأسلوب والوقوف مع المضطهدين داخل حدودها ودعمهم في مطالبتهم بنيل حريتهم المسلوبة واستقلالهم المفقود.
منذ نهاية السبعينات من القرن الماضي وإيران لا تكل عن تدخلها في الشأن العربي الخليجي والعمل على زعزعة أمنه والتفريق بين مواطنيه، وفي المقابل كانت الدول الخليجية تمسك نفسها عن الرد بالمثل على أمل ان تستعيد إيران وعيها وتفهم أنه لا مجال لتحقيق ما ترمي إليه، إلا أن السياسة العربية لم تفلح في ذلك، وكان لزاما عليها أن ترد دفاعا عن ذاتها ووجودها ومواطنيها واستقرارها، وعلى إيران أن تشرب من الكأس التي أرادت ان تسقيها لدولنا... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .