+A
A-

الأدب في تراجع.. والروايات الهابطة في انتشار واسع

الروايات والقصص ذات الهدف السامي والكلمات التي تحمل في طياتها الثقافة والأدب رُكنت في الرفوف وبنى فوقها الغبار، فأهملت وبُدلت بالروايات “الهابطة” التي تفتقر للأدب والثقافة واللغة العربية السليمة، فلا يحتويها مضمون أو حتى أفكار تغذي العقل، بل هي حتى لا تصلح لأحاديث السمرات، فكيف بها توثق بين دفات كتب؟ وتكون شاهد عيان للأجيال المقبلة التي لا نعلم أين سيصل بها الحال في ظل هذا الهبوط السريع إلى القاع!

وفي ظل تراجع الروايات والكتب الهادفة اكتسح مشاهير “السوشل ميديا” عالم الكتابة من خلال طرحهم لبعض الكتب التي تثير الفضول فتتعجب عند قراءتها من اللغة العامية الركيكة وحبكتها الدرامية غير الواقعية، فتراهُم يروّجون لروايتهم في مواقع التواصل الاجتماعي ببعض الكلمات التي تلامس العواطف فتنجذب لها فئة كبيرة، والمؤسف أن أكثرهم من المراهقين وتصبح لروايته شعبية قد تكون أكبر مما تستحق، في الوقت الذي تُهمل فيه روايات تحمل قصصاً تستحق النشر.

عرضنا الموضوع على المتخصصين والروائيين لنبحث معهم عن الأسباب الحقيقة وراء انتشار هذا النوع من الروايات، فبدأنا بالكاتب علي إسماعيل، إذ قال: الروايات “الهابطة “ ليست الروايات التي تكتب بالعامية فقط، وإنما هناك الكثير من الروايات الهابطة التي تكتب بلغة عربية سطحية أو ركيكة اذا ما جاز التعبير، لا يخفى على أحد بأن أكثر ما يتم إنتاجه من روايات خليجية في أيامنا هذه هي ليست بأصلها روايات بالمصطلح الصحيح، وإنما هي قصص طويلة، سيئة اللغة، تفتقر للذوق الأدبي السليم، كما انها تفتقر كذلك للأسلوب السردي المقبول، والحبكة السليمة، وهي بعيدة كل البعد عن التركيب الروائي الصحيح.

وأضاف: اتفق بأن دخول مشاهير “السوشل ميديا” في كتابة الرواية؛ من أجل التكسب المالي السريع، زاد الطين بلة، ففاقد الشيء لا يعطيه، فأكثر هؤلاء يفتقرون لأبسط مفاهيم الثقافة، الذائقة الأدبية، قواعد اللغة، وحتى تركيب الجمل، وصياغة الفقرة، بالك بكتابة رواية متراصة، كما أن لديهم جهل المركب بأسلوب الكتابة، وأساسيات الأدب الروائي، كما أن دخول بعض أصحاب دور النشر على الخط في كتابة الرواية، جعل من كتابة الرواية سيرك حقيقي، فبهم ازدادت إعداد الروايات الهابطة، وهي للأسف في ازدياد اضطرادي سنوي مزعج، ولكن رغم كل هذا يبقى هناك بارقة أمل في تلك القلة القليلة التي تعمل على كتابة رواية جادة، متوسطة المستوى كانت أم جيدة أو ربما ممتازة، فالأمل في الرواية الخليجية معقود بهؤلاء.

وذكر الكاتب جعفر سلمان وجهة نظر أخرى: هناك مصلحة مشتركة بين بعض دور النشر وبين بعض مشاهير “السوشل ميديا”، فشهرة كبيرة تعني بيع كبير وأرباح طائلة فمن جهة هناك مال كثير سيدخل في جيب دور النشر، وهناك مكانة اجتماعية يسعى المشاهير للحصول عليها من خلال إضافة هالة ثقافية حول شخصياتهم الاعتبارية باعتبارهم مثقفين وليس مجرد مشاهير. من جهة أخرى تجارة نشر الكتب تبدو مغرية لأصحاب رؤوس المال وهذا أدى إلى إنشاء دور نشر بشكل مبالغ فيه وبالطبع كون الأقلام الجيدة محدودة اضطرت هذه الدور لنشر اي كتاب دون النظر لمحتواه، فالسبب لتدني مستوى (الروايات) ينقسم لسببين رئيسيين وهما وجود مشاهير “السوشل ميديا”، وكثرة دور النشر، إضافة لأسباب أخرى كغياب التنقيح الأدبي مثلا، ولكن الأسباب الأخرى ثانوية قياسا للسببين الرئيسيين.

ولمحبي القراءة والمطلعين على مجال الثقافة والأدب نصيب من المشاركة فلهم وجهة نظر أيضا حيثُ قالت ولاء فاضل: قلة الوعي بالبلاغة، وإهمَال اللغة العربية الفصيحة، انتشار الهزل بكثرة ، وإهمال جانب الجد والحكمة من الحياة كلها أدّت إلى انتشار مثل هذه (الروايات) .