+A
A-

فيلم‭ ‬الأوسكار‭ ‬“Green Book”

شاهدت هذا الفيلم في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي اخيرا، حيث كان اختيارا ممتازا من ادارة المهرجان، خصوصا بعد فوزه بـ3 جوائز أوسكار، حيث حقق جائزة أفضل سيناريو أصلي، وجائزة أفضل ممثل مساعد، وجائزة أفضل فيلم، وايضا تحظى هذه الانواع من الافلام من الاهتمام الكبير من عشاق السينما حيث لافلام الطريق عشاقها. فيلم ممتاز عن قضية العنصرية ورحلة العثور على الانسانية في القلوب واكتشاف الآخر ودليل مرئي على أن المحبة والصداقة ليس لهم لون أو عرق.

في فيلم Green Book والذي اقتبس الفيلم اسمه عن كتاب حقيقي مثل دليلًا للمسافرين ذوي البشرة السمراء، عن الطرق وأماكن الإقامة الآمنة في الجنوب الأميركي، في الفترة من بداية الثلاثينيات وحتى نهاية الستينيات مع المخرج والسيناريست الأميركي بيتر فاريلي الذي يقدم فترة العنصرية الصعبة في اميركا بصورة انسانية ودراما برسالة قوية، الفيلم عن رحلة حقيقية قام بها عازف البيانو دون شيرلي والذي يقدمه النجم ماهرشالا علي، وحارسه توني ليب “فيغو مورتينسون” الذي عمل آنذاك سائقاً وحارساً له عام 1962، في الجنوب الأمريكي العميق، ولأن دون شيرلي من أصل افريقي أميركي، فقد اعتمد خلال رحلتهما على كتاب “النيغر الأخضر” ليرشدهما إلى الفنادق الصغيرة، والمطاعم ومحطات الوقود.

عازف البيانو مثقف يقف في وجه المجتمع العنصري الذي لا يحترمه إلا حين يكون مستعداً للعزف، بينما يعامله في بقية الظروف بشكل غير مرحب به ابدا بسبب لون بشرته، وايضا يظهر الحارس ليب بصورة مختلفة تماماً، فقد تربى وسط بيئة نظيفة واصيلة وفي هذه الرحلة نكتشف الوجه الحقيقي لكل منهما، وميزاته وما يمتلكه من أشياء جميلة ونظرة خاصة للحياة بقالب كوميدي عن موضوع “العنصرية” التي كانت سائدة آنذاك في أمريكا، ويتيح لنا فرصة رؤية العالم في تلك الفترة، من خلال الاختلاف الثقافي والفكري بينهما، إلى جانب توجهات كل واحد منهما في الحياة، وتقديم فكرة بأن الحياة رحلة يجب أن تسافرها مهما كانت الطرق سيئة وأماكن الإقامة بشعة لاناس من عوالم مختلفة، كيف تؤثر فيهما الظروف والحوادث، وكيف تستمر الحياة رغم ما فيها من ظلم.

تجسيد فيجو مورتينسن شخصية الرجل الابيض ينقل هذه الشخصية لمستوى آخر في الفيلم، فالدور صعب جدا في تلك الفترة، مع افكاره والذي تبدأ مع الأفكار العنصرية ويتغير رأيه عقب رحلة مع رجل اسود، القصة كلاسيكية ونمطية ربما عند البعض، لكن الاداء الكبير لابطال الفيلم طغى على كل ذلك، على جانب النجم مارشالا علي في أداء استحق عليه جائزة أفضل ممثل مساعد في الاوسكار، حيث يثبت علي أنه مجسد حقيقي.

يقدم الفيلم صورة حقيقية وبشعة لزمن الفصل العنصري في أميركا، بحيث يضيف تسامح البشر وبالطبع بفضل الابداع في الاخراج حيث نجح “فيغو مورتينسون” في الفيلم بتوظيف مهاراته الكوميدية، مقابل الصرامة التي تميزت بها ملامح ماهرشالا علي، وهو ما خدم قصة الفيلم بشكل كبير، ولعل أهمية الفيلم تكمن في طبيعة الحبكة التي يقدمها، علماً بأن بيتر فاريلي وشقيقه بوبي، من رواد صناعة الأفلام الكوميدية، وقدم عملاً استحق أن يوصف بأنه الأفضل في 2018، خصوصا مع نجاح السيناريو المكتوب بحرفية ملفته في السيطرة على خيوط الدراما حتى اخر مشهد ونجح بيتر فارلي الذي مع العناصر البصرية الذي وضعتنا في أجواء الستينات بكل ملامحها والموسيقي وشريط الصوت الدافئ المطعم بأغاني الستينات.